مرة أخرى تفاجئنا التلفزة التونسية بعدم حرفيتها وبطئ تأقلمها مع مسايرة الأحداث وما يصيب البلاد وهو ما يحيلنا الى التساؤل عن مدى كفاءة المسؤولين عن تسيير هذا المرفق العمومي الذي اثار الإستنكار والإستغراب في تفاعله مع فيضانات نابل السبت الماضي. وان عودت التلفزة التونسية مشاهديها في كل مرة باستهتارها تجاه ما يصيب البلاد والعباد فإن هذه المرة ومع حلول رئيس مدير عام جديد قيل انه من الكفاءات الوطنية انتظر الجميع ان يكون التحول واضح وجلي داخل المؤسسة لكن ومع اول حادثة -فيضانات نابل - بقيت دار لقمان على حالها اذ لم تحرّك ساكنا بل انها وكعادتها تحتفل على نخب اناس يغرقون ويستغيثون ...! ما شهدته ولاية نابل طوال يوم السبت الفارط من امطار طوفانية لم يحظى بأي تغطية جدية من طرف التلفزة التونسية التي اكتفت بتقديم بعض الصور في نشرة الثامنة مع مقدمة مرتبكة كثيرة الإشارات باليد بسبب ودونه ... ! وكنا ننتظر من الوطنية ان تتحمل مسؤوليتها وتقوم بواجبها من خلال اعداد بلاتوتلفزي لمتابعة تطورات فيضانات الوطن القبلي ولو بأبسط ما توفر لديها من معلومات ومن مراسلي الجهة وللعلم يوجد في المنطقة وحدة تلفزية مهمتها تغطية احداث الجهة لكن وكالعادة ارتأى اصحاب القرار من المشرفين على المؤسسة الى تمرير برنامج مسجل «هدرة اخرى»غناء ورقص واحتفال في الوقت الذي تعيش فيه نابل نكبة حقيقية منازل تغرق وسيارات وممتلكات جرفتها المياه ومواطنون يستغيثون ويموتون والتلفزة التونسية ترقص على نخب نحيبهم ... هذا ليس بالجديد على المرفق العمومي الذي عود مشاهديه بالبث من «الموزمبيق» ! ففي جل المصائب التي حلت بالبلاد تجد التلفزة التونسية في سبات وان اجتهدت تمرر اغنية «صامدون» نشيد الجيش الوطني التونسي ... هكذا هي تلفزاتنا التي تداول عليها اكثر من ر م ع ولم يتغير فيها شيء بل انها تزداد سوء من سنة الى اخرى وحتى ابناء الدار يعون جيدا أزمة هذه المؤسسة التي نخرها الفساد من كل الجوانب ... ولعل الصمت على ملفات الفساد المركونة داخل هذه المؤسسة بات يثير الإستغراب ؟! مؤسسة التلفزة التونسية التي اصبحت تمر عليها الأشهر وحتى السنوات تقريبا بصفر من الإنتاج -وغياب الدراما الرمضانية للموسم الفارط والإعادات اليومية اكثر دليل على ذلك - تدعونا للتساؤل اين تذهب ميزانية تقدر بأكثر من خمسين الف دينار سنويا مقبل غياب شبه تام للإنتاج ؟! قد يجد البعض الإجابة في ان اكثر من نصف ميزانية التلفزة تذهب الى الأجور وتلك المعظلة الكبرى ! ... مسؤولية ازمة المرفق العمومية مسؤولية جماعية تتحملها الحكومة ورئاسة الجمهورية والهايكا والنقابات وخاصة من يتهافتون ويلهثون وراء ادارة هذه المؤسسة دون برنامج اصلاحي واضح أو رؤية استشرافية تنهض بما تبقى من شتات هذا المرفق المنكوب!