نَابل جزء غَال في جَسد التونسيين مِثلها مثل كلّ الجهات الأخرى لذلك كانت الهَبّة الشَعبية كبيرة لإزالة الأوحال و»إعادة الإعمار» بعد كَارثة الفيضانات المُتسبّبة في خَسائر مادية وبشرية جَسيمة. ورغم أنّ السّواد الأعظم من الشعب يعيش «تَحت الصِّفر» فقد «تَحايل» النّاس على الوضع وجَادوا بما استطاعوا من مُساعدات مالية وهِبات عينية أملا في مسح دُموع «النوابلية» ومن أجل بعث رسالة قوية مَفادها أنّ «التوانسة» كالجسد الواحد في السراء والضراء. الجَميل في هذه الحَملة التَضامنية أنّها كانت تِلقائية ونابعة من شعور عَميق بالوطنية وروح المسؤولية تُجاه نابل «المَنكوبة» والأجمل من ذلك أنّ هذه التحرّكات الشَعبية والدّاعمة لمجهودات السّلطات الرسمية شملت كلّ الفِئات العُمرية والاجتماعية من الطّفل الصّغير إلى الوزير ومن الفنّان المُتبرّع بلوحاته التشكيلية ومَداخيل سهراته الغِنائية إلى «الكَوارجية» الذين لم يَتخلّفوا عن ركب المُساهمين في هذه المُبادرة ذات الأبعاد الوطنية والخَيرية والانسانية. وقد هبّ الرياضيون لدعم نابل في «مِحنتها» الحَالية بدوافع مُختلفة. فمنهم من يُحرّكه الانتماء وواجب الوفاء للجهة مثل أمين رزيق ومنهم من وقف في «طَابور» المُساندين ل «المُتضرّرين» حُبّا في تونس وفي هذه المنطقة التي عَشقنا «عَمالقتها» في السلّة وشواطئها السّاحرة وأوانيها الفخارية البَديعة وبُرتقالها الذي لا «يُقاوم» مِثله مثل الهريسة التي «تُلهب» أطباقنا والتي لا طَعم لمعسكرات جمعياتنا ومنتخباتنا ما لم تَتسلّل «جهرا أوسرّا» إلى أكلات «الكَوارجية». وهُناك فئة ثالثة من الوجوه الرياضية التي انخرطت في عملية التبرّع لتضرب عصفورين بحجر واحد. فهي تقوم بعمل انساني ومن جهة ثانية تَكسب حملة تسويقية مَجانية بعد أن تُبرز «صُورتها» في البرامج التلفزية وعبر المَواقع الاجتماعية. وَمَهما كانت «الدّوافع والمآرب» فإنّ العِبرة تكمن في إفشاء ثقافة الأعمال الخَيرية في صُفوف «نُجومنا» الرياضية سواء تلك التي تملك أرصدة خَيالية وثروات فلكية أوتلك التي تَتقاضى أجورا عادية. ومن المؤكد أن المَنفعة في مثل المبادرات الانسانية حَاصلة عند التبرّع بمليار أوحتّى بدينار وهو الحدّ الأدنى المطلوب لمساندة «النوابلية». كما أن اللاعبين على اختلاف اختصاصاتهم بحوزتهم «نِعمة» أخرى وهي الشّهرة التي وجب توظيفها في هذه الحَملات التضامنية. وقد يَكفي قيام أحد «النّجوم» بومضة تلفزية أوإذاعية أوحتّى «تَدوينة فايسبوكية» ل»يُوقظ» الحِسّ التّضامني في صفوف الكثير من اللاعبين والمُواطنين وليساهم من حيث لا يعلم في تكريس ثقافة الأعمال الخَيرية التي تعود بالنّفع على البلاد والعباد على أن نَضمن طبعا وصول هذه التبرّعات إلى مُستحقيها الفِعليين وهو ما حصل مُؤخرا في الحملة الخاصّة بنابل حيث تَتمّ العملية في كنف الشَفافية وتحت الرّقابة القانونية والمَالية وبمنأى عن بعض الجمعيات الخَيرية «المَشبوهة». والحَقيقة أن الرياضيين التونسيين يملكون «طَاقات» كبيرة تُخوّل لهم لعب أدوار رِيادية في مجال الأعمال الخَيرية لكن هذه القُدرات مازالت للأسف الشديد «سَائبة» لضعف ثقافة العَمل الخيري في صُفوفهم وربّما لإنعدام الثقة في العديد من «الجهات الوَسيطة» في العمليات التَضامنية التي تحوّلت إلى «فَلسفة» ثَابتة في حياة فيلق من مشاهير الرياضة في العالم كما هو شأن «كريستيانو» «زَعيم» اللاعبين الأكثر تَبرّعا بالمال الذي لم يُنسه مُعاناة المَحرومين واليَتامى والمَرضى بل أن الرّجل تَبرّع ب»الفلوس» لأطفال سوريا دون أن ينتظر من العرب جزاءً ولا شكورا.