بقلم: أبو غسان يمثل شهر رمضان الكريم أهم موعد لنشاط العديد من الجمعيات التي اختصت تقريبا في تقديم المعونة لمن هم في حاجة للمساعدة في مثل هذه المناسبات. وقد قامت العديد من هذه الجمعيات قبل حلول الشهر الكريم بحملات لجمع التبرعات العينية والمالية وانتصب العديد من المتطوعين في صفوفها منذ أيام في الفضاءات التجارية الكبرى والأسواق لتجميع ما يجود به أهل الخير. ويطرق العديد من هؤلاء المتطوعين البيوت لحث الناس على التبرع وتقديم المساعدة للتونسيين المحتاجين ومن المرجح أن يتواصل هذا النشاط حتى نهاية شهر الصيام. شهدت تونس في السنوات الأخيرة تزايدا لافتا في عدد الجمعيات، اختص العديد منها في العمل الخيري. بعضها بعث بمبادرات شخصية، وبعضها تحوم شكوك في أن أحزابا سياسية تقف وراءها. وقد كان العمل الخيري قبل سنة 2011 حكرا على الجمعيات المرتبطة عضويا بالسلطة السياسية القائمة أو التي تحظى برضا النظام. وكان النظام لا يتوانى عن توظيف هذه الأعمال الخيرية لغايات سياسية، بل ويمارس حتى نوعا من التمييز في توزيع المساعدات فيخص بها المقربين منه ويستخدمها لاستمالة البعض إلى صفوفه مستغلا حاجتهم للمساعدة. واليوم وبعد أن أصبح بعث الجمعيات أمرا يسيرا يضمنه القانون لكل التونسيين مهما كانت توجهاتهم الفكرية والسياسية، وبعد أن أصبح النشاط الجمعياتي حرا فإنه لا بد من العمل على التصدي لأي انحراف بالعمل الخيري يعود بنا إلى الممارسات السابقة ولو بأشكال مقنعة. ولا بد أيضا من سد الطرق على كل من يستخدم العمل الخيري لغايات حزبية أو سياسية.. وهذا للأسف موجود. لقد شهدت تونس بعد جانفي 2011 وخاصة خلال بعض الأزمات كتوافد آلاف اللاجئين من ليبيا على «راس جدير» أو خلال موجة الثلوج التي اجتاحت مدن الشمال الغربي سنة 2012 مدا تضامنيا تلقائيا استثنائيا. وبرهنت هذه الأزمات الإنسانية عن مدى استعداد التونسي للعطاء ومساعدة غيره وفقا لإمكانياته ومتى تأكد أن ما يتبرع به سيذهب لمستحقيه. إن أفضل طريقة للمحافظة على هذا الحدّ التضامني هذه الروح الإيجابية وهذا الحب لفعل الخير هو إبعاد الجمعيات المختصة في العمل الخيري عن أي ارتباط بالأحزاب السياسية وعن أي توظيف سياسي أو حزبي لعملها . فالعديد من الجمعيات تحركها إرادة فعل الخير للمشرفين عليها، ولكن وللأسف توجد أيضا بعض الجمعيات التي تسعى لتوظيف ما تقوم به من عمل خيري لغايات أخرى. كذلك لا بد من إقرار آليات قانونية فعالة لضمان الشفافية والوضوح في طريقة تسيير الجمعيات وخاصة التصرف في مواردها المالية لأن بعض الجمعيات يكتنف الغموض طريقة تسييرها وصرف أموالها. مسألة أخرى هامة يجب الانتباه إليها هي كثرة عدد الجمعيات المختصة في جمع المساعدات والتبرعات في المناسبات الكبرى وهو ما خلق بعض التشويش في ذهن المواطن .. فلماذا لا تتجمع الجمعيات المختصة في هذا النشاط في جمعية أو جمعيتين كبيرتين في كل مدينة أو منطقة جغرافية محددة لتوحيد الجهود وضمان الجدوى والفاعلية لعملها؟