لا تزال فاجعة وفاة الشقيقتين إنصاف وثريا القماطي ونصار الأسود بمنطقة بوسهم حديث الناس في هذه المنطقة المهمشة رغم مرور أسبوعين على كارثة الفيضانات التي ضربت نابل... لوعة وحرقة وأسى وحيرة.. كلها مفردات ربما لا تكفي لوصف عائلتي الضحايا اللتين زارتهما «الشروق» ونقلت الروبورتاج التالي: والد ثريا وإنصاف القماطي كانت ابنتاي تستعدان للزواج الصائفة القادمة والد نصار الأسود حذرتهم من كارثة سقوط العمود الكهربائي .. فكان إبني ضحيته (الشروق) مكتب نابل صمت مطبق لازال يخيم على منزل الفقيدتين إنصاف وثريا وحالة من الذهول تعترض كل من يزور عائلة حسين القماطي لفقدانهم ابنتيهما . يقول حسين وسعاد القماطي والدا الفقيدتين و كأنهما يأبّنان فلذتي كبديهما» كانت إنصاف وثريا زهرتين تعطران المنزل. ثريا ذات 26 ربيعا وإنصاف 22 سنة كانتا تعملان بمصنعين لإعالة العائلة والإنفاق على الأسرة وكانت ثريا قد تكفلت بمصاريف دراسة شقيقتها الصغرى المتفوقة في دراستها.».. ويصمت الأب لحظات ليسترجع تفاصيل الفاجعة «بعد نزول كميات الأمطار الكبيرة يوم الحادثة ارتفع منسوب مياه وادي الثمان الذي يشق قريتنا اتصلت بابنتي ثريا على الساعة الرابعة مساء للإطمئنان عليهما فأعلمتني ثريا أنها وشقيقتها انصاف لجأتا الى منزل صديقتيهما بمنطقة برج حفيظ في انتظار تحسن الأحوال الجوية فأوصيتهما بالمكوث لديها حتى ينخفض منسوب مياه الوادي .. وأردت الخروج لاعتراضهما ومرافقتهما للمنزل إلا أن الأمطار كانت غزيرة ومنعتني من الخروج . وبينما أنا كذلك هاتفني صهري خطيب ثريا ليعلمني أن ثريا وإنصاف غادرتا منزل صديقتهما ببرج حفيظ في اتجاه المنزل ببوسهم وأضاف أنه حاول الإتصال بهما ليطمئن عليهما إلا أنه لم يفلح في ذلك.. فسارعت رفقته للبحث عن ابنتيّ على حافتي الوادي والتحق بنا عدد من جيراننا لمشاركتنا عملية البحث وعثرنا على حذاء إنصاف ولم نعثر عليهما فاتصلنا بالحماية المدنية التي قدمت صحبة المعتمد وأعوان الحرس الوطني . وبعد ساعات من البحث المضني تم العثور على إنصاف تحت قنطرة وادي القوارسة وثريا غير بعيدة عنها دفعها الماء باتجاه برج حفيظ» . صمت وحيرة! صمت الأب قليلا ثم إسترسل والعبرات تخنقه « إبنتاي كانتا تستعدان للزفاف خلال الصائفة القادمة من شابين من نفس المنطقة .. ولكن إرادة الله كانت أقوى وأسأل الله أن يسكنهما جنة الخلد» وأفاد حسين القماطي أنه تحدث صحبة جيرانه مع وزير التجهيز والإسكان محمد صالح العرفاوي خلال زيارته إلى مركز ولاية نابل عن أخطار الأودية التي تهدد هذه المنطقة فأفادنا أن أشغال الطريق الرابطة بين مقبرة بوسهم والأحياء السكنية المجاورة ستنطلق مع بناء جسر لوادي الثمان الذي تحطم بسبب المياه الجارفة. وتوجه والد الفقيدتين – بعد شكر والية نابل والمسؤولين لزيارتهم لهم بعد هذا المصاب الجلل- إلى السلطات لمواصلة البحث في ملابسات وفاة ابنتيه والتدخل لحماية متساكني الجهة من وقوع كوارث أخرى خاصة ونحن على أبواب فصل الشتاء . نصارذو ال14 ربيعا توفي إثر صعقة كهربائية غادرنا منزل الفقيدتين ثريا وإنصاف وتوجهنا إلى منزل شرف الدين الأسود والد الضحية الثالثة نصار ابن ال14 ربيعا الذي توفي بصعقة كهربائية يوم الفيضانات بمنطقة المشروحة من نفس المعتمدية . يقول والد الضحية « بعد هطول الكميات الهائلة من الأمطار يوم السبت سقط عمود كهربائي من الضغط العالي على الأرض من قوة الأمطار فاختلطت أسلاكه بالماء وأصبح يشكل خطرا كبيرا على المواطنين . أعلمت إقليم الشركة التونسية للكهرباء والغاز بالخطر الذي يمثله سقوط هذا العمود واختلاط أسلاكه بمياه الفيضانات فجاء الأعوان وعاينوه يوم السبت بعد انخفاض منسوب المياه . ومن الغد أي يوم الأحد الموافق ل23 من سبتمبر أصبحت الأسلاك الكهربائية المبتلة بالمياه تطلق شررا . تحذير... لكن؟ إستأنف والد نصار حديثه «حوالي الساعة الواحدة ظهرا كان إبني نصار مارا غير بعيد عن العمود المتهاوي – بحكم أنه بنفس الطريق التي نمر منها- فلسعته أسلاك العمود المنهار فسقط على الأرض وبدأ جسمه يرتعش ويهتز وسط حضور عدد من الجيران وتم إعلام الحماية المدنية التي حضرت على عين المكان ونقلته الى المستشفى الجهوي بقرمبالية. ولم أكن حاضرا زمن وقوع الفاجعة بحكم عملي. وحين أعلموني توجهت مسرعا إلى المستشفى أين يوجد إبني حيث تم إعلامي أنه توفي على عين المكان بسبب قوة الصعقة الكهربائية التي لم يتحملها جسمه الصغير. وقد حضر أعوان شركة الكهرباء بعد وفاة إبني وقطعوا الكهرباء وأصلحوا العطب ومنعهم الجيران من الحضور. ومن الغد زارتني والية نابل صحبة معتمد بوعرقوب» وختم والد الفقيد نصار حديثه بأنه سيقاضي إقليم الشركة التونسية للكهرباء والغاز بنابل وفق القوانين المعمول بها ولن يترك حق ابنه يضيع.