بين «علاقة إيجابية» مع رئيس الجمهورية و»علاقة شراكة» مع رئيس الحكومة، وقطيعة نهائية مع نداء تونس، اتضحت معالم الوضعية السياسية للنهضة في الفترة القادمة. تونس الشروق: فاضل الطياشي تضمن البيان الأخير لمجلس شورى حركة النهضة إشارتين هامتين حول علاقة الحركة بالطرفين الاكثر إثارة للاهتمام على الساحة السياسية خلال هذه الفترة وهما رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. فبالنسبة للاول، دعا مجلس الشورى الى «الحفاظ على علاقة إيجابية مع رئيس الدولة». أما بالنسبة للثاني فقد تضمن البيان ما يفيد «مواصلة التفاوض مع رئيس الحكومة لاستكمال الشروط الضرورية للشراكة». قطيعة مع النداء رغم تاكيد بيان مجلس شورى النهضة على «تثبيت التوافق والتشارك خيارا استراتيجيا يشمل كافة القوى الوطنية» إلا أن بيان نداء تونس أول أمس جاء ليؤكد ان «حبل التوافق» انقطع نهائيا بينه وبين النهضة. وهو ما أكده الباجي قائد السبسي ( بوصفه رئيسا شرفيا للنداء) لرئيس النهضة راشد الغنوشي في لقائهما اول امس. لكن في المقابل قد يختلف الامر بالنسبة لعلاقة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي بالباجي قائد السبسي بوصفه رئيسا للجمهورية. علاقة إيجابية مع الباجي مجلس شورى النهضة دعا الى الحفاظ على «علاقة إيجابية» مع رئيس الجمهورية. غير ان تطورات اول امس ( لقاء الغنوشي والباجي وبيان نداء تونس) أكدت أن هذه العلاقة الايجابية لن تكون علاقة توافق مثلما كان عليه الامر سابقا بل علاقة شأنها شان العلاقات الأخرى التي تربط رئيس الجمهورية ببقية الاحزاب أو برؤساء هذه الاحزاب. ففي السابق كان التوافق يشمل الحزبين ( النداء والنهضة) وكان يتجسد في تقارب وتوافق «الشيخين» وتشاركهما في القرار، باعتبار الغنوشي رئيسا للنهضة وقائد السبسي رئيسا شرفيا ومؤسسا للنداء.. أما اليوم وبعد انقطاع حبل التوافق الحزبي، لم يعد لزعيمي الحزبين أية أرضية للتوافق، ولم يبق غير المحافظة على ما قد يعتبرونه «الماضي الجميل» لعلاقة توافقية جمعتهما منذ 2015 الى اليوم وذلك على الاقل خلال ما بقي من المدة الرئاسية الحالية للباجي قائد السبسي في انتظار تطورات ما بعد رئاسية 2019.. علاقة شراكة مع الشاهد العلاقة الثانية التي تحدث عنها بيان مجلس الشورى هي «علاقة الشراكة» مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وهي المرة الاولى التي تستعمل فيها النهضة هذه العبارة عند التطرق الى علاقتها مع يوسف الشاهد. كما ان البيان تضمن أيضا إشارة دقيقة وهي «مواصلة التفاوض» معه لاستكمال «الشروط الضّرورية» لهذه الشراكة. وهو ما يعني ان النهضة قد انطلقت منذ فترة في التفاوض مع الشاهد حول شروط بناء علاقة شراكة من المرجح أنها ستكون «مستقبلية». وبالتالي فان النهضة لم تكتف، بالنسبة لعلاقتها مع الشاهد، فقط بموقفها السابق (دعم بقائه على راس الحكومة الى حين انتخابات 2019 مع التزامه بعدم الترشح) بل دخلت معه في مفاوضات للشراكة مستقبلا وربما لفترة ما بعد 2019.. وكل ذلك يدعم الراي السائد منذ مدة وهو ان النهضة في طريقها إلى الانحياز تدريجيا للشاهد وبناء علاقة شراكة كاملة معه بعد 2019 مع المحافظة على علاقة «إيجابية» مع الباجي قائد السبسي خلال العام المتبقي الى حين القطع معه نهائيا بحلول انتخابات 2019. شروط التفاوض يبقى التساؤل الأهم بالنسبة لعلاقة الشراكة هذه متعلقا ب»شروط التفاوض « بين النهضة والشاهد؟ ماذا ستطلب النهضة من الشاهد؟ وماذا سيطلب الشاهد منها؟ الظاهر ان النهضة لم تتطرق تماما في بيانها الاخير، عكس البيانات السابقة، إلى مسالة الاستقرار الحكومي ودعم بقاء الشاهد. واعتبر محللون ان هذا التخلي عن دعم بقاء الشاهد قد يكون مدرجا ضمن مفاوضات الشراكة الجارية واحدى وسائل الضغط التي تعتمدها النهضة في هذه المفاوضات. فيما يتحدث آخرون عن شروط أخرى قد تكون وضعتها النهضة لهذه الشراكة على غرار توفير «الحماية السياسية» لها خلال الفترة القادمة.. ومن جهة اخرى فان تخليها عن ذكر شرط «عدم ترشح الشاهد للانتخابات القادمة» قد يكون أيضا من ضمن شروط التفاوض التي وضعها الشاهد الى جانب شرط دعمها له انتخابيا في صورة ترشحه لرئاسية 2019 مع تشريكها في السلطة. غير ان التجربة اثبتت في تونس خلال السنوات الاخيرة ان اللعبة السياسية تبقى قابلة لكل التقلبات وأن العلاقة بين مختلف الاطراف تبقى قابلة ايضا لكل المراجعات وفق ما سيحصل من تطورات في المرحلة القادمة. علاقة ثالثة بناءة مع اتحاد الشغل تطرق بيان مجلس الشورى الى علاقة ثالثة وهي «العلاقة البناءة» مع اتحاد الشغل» داعيا الى «الحرص على إيجادها» وهو ما يعني انها غائبة الآن في ظل التقلبات السياسية الاخيرة وفي ذلك اختلاف المواقف بين الطرفين حول مسالة دعم بقاء الشاهد. فالنهضة تعلم جيدا ان لاتحاد الشغل وزنا هاما في المشهد العام مهما كانت الاطراف الفاعلة على الساحة السياسية، وبالتالي فان كل ما ستخوضه مستقبلا في علاقاتها بالاطراف السياسية يتطلب علاقة هادئة مع اتحاد الشغل، لذلك دعت إلى إيجاد علاقة بناءة معه.