هَربا من الشَّقاء والتَّعب وبدافع الوَطنية التي تَبيعها بعض الأحزاب السياسية في المَزادات العَلنية وَقف الشّعب شِيبا وشَبابا خَلف عناصرنا الدولية في المُواجهة النيجرية التي لم تَزدنا سِوى جُرعة اضافية من الاحباط والتَشاؤم خاصّة أنّ "الغَصرة" الكَبيرة التي عِشناها مساء السّبت كانت أمام أحد المُنتمين إلى فَصيلة "الأقزام" في خَريطة الكرة الافريقية وحسب كلّ المُؤشرات الدولية التي تَضع خَصمنا في قَاع التَصنيفات العَالمية. والأمل كُلّه أن يُصحّح الفريق اليوم الأمور ويَعود من "نيامي" بوثيقة العُبور إلى "الكَان" وهي أفضل وسيلة لمُصالحة الجمهور "النَّاقم" على أوضاعه المَعيشية وحتّى الرِياضية. خارج الموضوع الفَصل الأوّل من مُواجهة النيجر دار في رادس وانتهى بفرحة تُونسية غير أنّها كانت مَنقوصة بل بَاردة حتّى أنّ الجَماهير الرياضية لم تَتردّد في مُغادرة رادس قبل الدّقيقة التسعين. والحَقيقة أنّ ما فَعله أنصار المنتخب يُعتبر من الاحتجاجات الرَاقية والحَضارية والتي تَنفي عن المواطن التونسي ولوإلى حين صِفة "الاستنفار" والاستعداد الدَائم للتَعامل مع الأحداث بطريقة انفعالية وهو الأسلوب المُميّز للمدرّب الوطني فوزي البنزرتي المُطالب بالاصلاح الفِعلي لا بِقَذف القَوارير والعَضّ على الشِّفاه وتَمزيق القُمصان ليقول النَاس إنّه من "المُحاربين" الذين لا يَعترفون بالهَزيمة التي شَعرنا بِمَرارتها أمام النّيجر رغم فَوزنا عليه بهدف لصفر. الدّرس جَاء هذه المَرّة من الجمهور الغَالي والذي تَحوّل جَماعات وفُرادى إلى رادس وفي البال الاستمتاع ب"كَرنفال" كُروي خاصّة أن المنتخب يَلعب داخل الدّيار ويُواجه مُنافسا في وزن الرّيشة. ولا أحد من الرّجال والأطفال والنساء الذين تَوافدوا على "الفِيراج" كان يَتصوّر "الخِذلان" من اللاعبين الذين ظهروا بوجه شَاحب والأدهى والأمر أن البَعض اختار الشّغب على اللّعب كما هو شأن الشَعلالي هذا في الوقت الذي أساء فيه البعض الآخر الأدب وهو حَال الصّرارفي الذي نَسي هذه المرّة مَوهبته في مَطار "نيس" لِيُفجّرَ في رادس مَوهبة جَديدة في "الغَدر" بمُرافقنا الدَائم ولاعبنا الدولي السّابق المنصف الخويني الذي ذَهب لِتَشجيع بسّام وهو في طريقه إلى بنك الاحتياط فكان الجَزاء أن تَطاول عليه ورفض مُصافحته في مشهد مُخجل ويُؤكد للمرّة الألف أن الكرة التونسية "لَبست قِشرة الحَضارة والرّوح جَاهلية". جُلّ اللاعبين كانوا خَارج الموضوع في لقاء النيجر الذي لم نُسجّل فيه ما يَستحقّ الذّكر غير الهدف اليَتيم لمرياح والأفعال المُشينة للشعلالي والصّرارفي وسط "ثَورة" البنزرتي الذي قد يَقول البعض إنّه لا عِتاب عليه لأنّه تسلّم لتوّه الأمانة وقد يَحتاج إلى المَزيد من الوقت ليُصلح ما أفسده الدّهر ب"تَواطؤ" من الجريء ومعلول الذي استحضره البعض وهم في غَمرة الغَضب وذلك بسبب الاعتقاد الرّاسخ والإيمان الثّابت بأن دار لُقمان على حَالها سواء من حيث عُقم "التَكتيك" أوانفلات السّلوك أوعلى صَعيد الدّعوات المُوزّعة على كُلّ من هبّ ودبّ بتدبير من رئيس الجامعة وفي رِواية أخرى بتأثير من "السَمَاسرة" "المُتغلغلين" في شَرايين "النّسور" وَلكم أن تَسألوا الفضيلي ومعلول. الكرة في ملعب البنزرتي سَيكون من التَعسّف فِعلا أن نَحكم للبنزرتي أوعليه بعد مُواجهتين فحسب ضدّ سوازيلاند والنيجر لكن هذا لا يُعفيه أبدا من تَسليط أشدّ العِقاب على "المُتمرّدين" والخُروج من جِلباب الجامعة ومُراجعة حِساباته الفنية وخَيارته البشرية لِيُقنع الجماهير التونسية بأنّه مَاض بصفة جِدية في "الاصلاحات العَميقة" على رأي نجمنا الدُولي السابق وصاحب هدفنا الأوّل في الكأس العالمية علي الكعبي الذي ينتظر مثل سَائر المُواطنين بِناء منتخب قادر على رفع التحدي في الكأس الافريقية التي لم تَعد تَفصلنا عنها سوى أشهر معدودة. وقبل بلوغ "الكَان" لابدّ من تَقديم جُملة من المُؤشرات التي تُوحي بأن المنتخب يَسير في الاتّجاه الصّحيح وليس خارج المَسار الطبيعي كما يحصل الآن مع بعض قِطاراتنا وبَواخرنا في غَفلة من الدّولة السّاكتة أيضا على تجاوزات "الامبراطورية" الكُروية للجريء وهو صَديق السفراء والوزراء والنَقابيين والسياسيين الذين عَلّموه فُنون الخِداع ومَهارة الرّقص على كلّ الحِبال. اليَوم يَخوض المنتخب مُواجهة ثانية مع النيجر لكن هذه المَرّة في "نِيامي" وليس في رادس والأمل مَعقود على البنزرتي لتعديل الأوتار ودفع الرّجال لحصد انتصار بَاهر يَطير ب"النّسور" إلى "الكان" ونُعلن بفضله عن انطلاق رِحلة الاقلاع في قلب النيجر وهو بلد اليُورانيوم والذّهب... وَغَيرهما من الثّروات البَاطنية التي لم تُساهم على أهميتها في تَخليص العِباد من شَبح الفَقر وقد يكون السّبب في التَفكير المحدود للسياسيين.. وما أشبه "جَماعتنا" ب"جَماعة" النّيجر.