المعرض الوطني للكتاب تظاهرة جديدة ستحتضنها مدينة الثقافة بداية من يوم الغد الجمعة 19 أكتوبر الجاري الى غاية 29 من نفس الشهر تونس - الشروق أختارت وزارة الشؤون الثقافية الدكتور منصور مهني لإدارة الطبعة الاولى من المعرض الوطني للكتاب التونسي ، حول خصوصية المعرض ودوافع تأسيسه وآفاقه إلتقته الشروق في هذا الحديث . ما هي الإضافة التي يمكن أن يحققها معرض كتاب وطني ؟ في المستوى العام، أعتقد أن أهم إضافة هذا المعرض تتمثل في التركيز على الكتاب التونسي من حيث هو فاعل أساسي في ترسيخ الوعي بضرورة تثبيت المكسب والإنتاج الوطنيين والتشبع بروحهما للتفاعل مع الآخر. وهو يطمح إلى جعل الكتاب عنصرا مهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر التنمية الثقافية، وإلى الإسهام في رسم الملامح المستقبلية للنمط الحضاري المستنير الذي بسير بالمجتمع إلى ديمقراطية حقيقية يجد فيها كل فرد فرصته في الفعل والتعبير. أما قطاعيا، فبإمكانه إرساء علاقة قرب جديدة بين كل المعنيين بشأن الكتاب التونسي والمتدخلين في مختلف حلقاته: إبداعا، وصناعة، وتوزيعا واستهلاكا؛ بما قد يسمح بالتعمق في القضايا القطاعية الشائكة واقتراح الحلول الكفيلة بالنهوض بالكتاب في مفهومه الواسع. ما هي خصوصية هذا المعرض مقارنة بالمعرض الدولي للكتاب ؟ المعرض الدولي يسعى إلى تقريب الكتاب الأجنبي من القارئ التونسي ويسهم أيضا في الإشعاع الوطني. لذلك نجد فيه الكتب القادمة من كل أنحاء العالم والقابلة بالمشاركة في المعرض. ولذلك يكون فيه اهتمام الزائر أكثر بالكتاب الأجنبي. أما المعرض الوطني للكتاب التونسي فرسالته من نوع آخر كما أشرت في الإجابة عن السؤال السابق، وقوانينه مختلفة لأجل ذلك. فلا تباع فيه إلا الكتب التونسية (ولعل مفهوم الكتاب التونسي نفسه يستدعي مزيد التفكير في تعريفة وتحديد أوصافه) ولا ينشر فيه إلا الناشرين التونسيين؛ والمتوقع أن هيكلته هذه ستمكن من التوقف عند بعض الإشكاليات المتعلقة بالكتاب التونسي و من الوقوف على مقترحات بناءة في ذات المجال. أضف إلى ذلك أن كل النشاطات الفكرية والإبداعية والتنشيطية والثقافية عامة، ستتمحور حول الكتاب التونسيين وستسير إليهم بتسيير منهم. البرنامج الثقافي للمعرض كيف تمٌت صياغته ؟ هو برنامج ثري ومتنوع سيتدخل فيه أكثر من مائة فاعل ثقافي في علاقة بالكتاب. ينطلق في الأول من مقترحات يقدمها الأعضاء بناء على خيارات أولية. مثلا في «مجالس الكتاب» اعتمدنا حداثة صدور الكتاب ووزعنا المحاور حسب أجناس الكتابة. في الندوات بحثنا على المواضيع التي تحمل أهم التساؤلات وتبحث عن مشاريع أجوبة تتلاءم مع مقتضيات السياق الذي يتحرك فيه المجتمع التونسي في علاقة بالكتاب. الطفل مثلا، وفضاء الكتاب والرقمنة، ولغة الكتابة، وقضايا الحقوق بين النشر والتأليف، إلخ. هذه المقترحات المجتمعة تتطلب حيزا زمنيا يتجاوز بكثير مدة المعرض وما توفره من حصص ذات الصلة، فتكون الغربلة وهذه لا تخلو من بعض الذاتية لكن التحادث فيها وتبادل الآراء والحجج يوصل إلى نتائج قد لا ترضي البعض لكننا وجدنا فيها كهيئة مسيرة ما يكفي من التعقل والإنصاف لاعتمادها. اختيار مدينة الثقافة كفضاء هل تراه الاختيار الأمثل للمعرض ؟ إن صرحا مهما كمدينة الثقافة يجب أن يكون في حركية غير منقطعة حول الكتاب وأن يحتوي عديد الخلايا التي تعنى بالكتاب وهي موجودة وفي حركية محمودة، مثل بيت الرواية ومعهد تونس للترجمة، لكن المدينة لا يمكن أن تكون خالية من تظاهرة هامة ومتضخمة شيئا فشيئا وهي التي وجدت شكلها الأنسب في المعرض الوطني للكتاب التونسي. أضف إلى ذلك موقع المدينة، في قلب العاصمة وعلى مقربة من الجميع، يأتيها من أراد بيسر ومن غير تكاليف مادية مجحفة. أزمة الكتٌاب التونسي في مستوى التوزيع هل يمكن أن تحل بتأسيس معرض جديد ؟ الهدف من المعرض لا يمكن أن يكون حل أزمة التوزيع، وأكيد أنه لا يستطيع حلها لوحده، لعله يسهم في التخفيف من حدة الأزمة بتقريبه الكتب لمن يحتاجونها وهو دور مناسبتي. أما الأزمة فهي بعلاقة بإعادة تصور عملية التوزيع وبمراجعة تقنيات النشر، في علاقة بالرقمية، مما يدعو إلى ثورة في القطاع هي متطورة جدا في الدول المتقدمة وهي تسير ببطء عندنا. أعتقد شخصيا أن سياسة دعم الكتاب لا بد أن تنفتح على النشر الرقمي، بناء على ضوابط وأهداف متفق عليها في استراتيجيا واضحة المعالم. هل تنوون تنظيم جلسة تقييمية للمعرض مع الكتٌاب والمختصين بعد الاختتام ؟ بالتأكيد. لا خير في عمل لا يتم تقييمه لأجل الاستشراف وتطوير الأداء. ولا يمكن أن يقتصر التقييم على أعضاء الهيئة وإلا بقينا في حلقة مفرغة. الديمقراطية تفرض التقييم الموسع وجمع المقترحات لينتهي الأمر بين أيدي لجنة مختصة تكييف الآراء والمقترحات في تصور تأليفي هدفه تطوير المنظومة وتحسين الأداء وخدمة القطاع ضمن حركية عامة وشاملة في المجتمع تدفعه لأقوم مسالك التنمية والإشعاع والازدهار. فأهلا بكل الآراء وبكل نقد بناء يتجاوز كل الحسابات وينصهر في منظومة أخلاقية تنشد الخير للجميع والمناعة للوطن. وجميل عندي أن يتم هذا حول أسئلة الكتاب بالروح التي يحملها شعار هذه الدورة التأسيسية التي لا نفي وزارة الشؤون الثقافية حقها من الشكر على إقرار وتبني هذه التظاهرة الرائدة، مع تثمين دور كل من ساهم في تأسيسها وتأثيثها بروح التضحية والعطاء السخي. الدكتور منصور مهني في سطور باحث جامعي وكاتب ومفكر ومترجم وإعلامي تونسي. له سبعة كتب منشورة باللغة الفرنسية في مجال البحث والدراسات. )دون اعتبار الكتب الجماعية) هو الكاتب باللسان الفرنسي، صاحب 6 مجموعات شعرية، ومجموعة قصصية «جزاء سنمار» وقصة "العنكبوت" ورواية "ليلة الألف ليلة أو ملك المشنوقين" المتوجة بالجائزة الدولية الأدبية كاتب ياسين بمدينة قالمة بالجزائر. ترجمت كتاباته إلى العربية والإنكليزية والإسبانية والإيطالية. وهو الذي ترجم إلى الفرنسية، روايتي "حركات" لمصطفى الفارسي و"المؤامرة" لفرج الحوار وديوان شعر لآدم فتحي «نافخ الزجاج الأعمى»، وكذلك رواية «خان الشابندر» للروائي العراقي محمد الحياوي. يشرف منصور مهني أيضا على دوريات ثقافية وعلمية باللغتين لعل أبرزها مجلة «تيتيس» ومجلة «محادثات».