مونديال كرة اليد للسيدات: المنتخب الوطني يواجه اليوم نظيره الهولندي    بطولة العالم للتايكواندو: معتز العيفاوي يرفع الراية الوطنية .. ويحرز الميدالية البرونزية    الدورة السابعة للأيام التجارية للصناعات التقليدية بسيدي بوزيد من 16 الى 20 ديسمبر 2025    عاجل: تونس تتعرّف على منافسيها في المونديال في هذا التاريخ    الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية تفتح مناظرة خارجية لإنتداب 90 عون وإطار    شاب يحاول السطو على فرع بنكي باستعمال ساطور..وهذه التفاصيل..#خبر_عاجل    بطاقات إيداع بالسجن في حق فتاة متهمة بترهيب النساء وسرقة هواتفهن في حي ابن خلدون*    حي ابن خلدون: فتح بحث تحقيقي في وفاة مسترابة لامرأة    توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة تونس المنار والشبكة العربية للإبداع والابتكار    وزير التجارة يؤكد حرص الدولة على مساندة المؤسسات الناشطة في مجال زيت الزيتون والدور الهام للبحث العلمي في القطاع    زلزال بقوة 6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    أرملة نور الدين بن عيّاد: كلّفت لسعد عثمان بالتواصل باسم العائلة...    شوف سرّ ''الكاكوية'' لصحتك ؟!    مشروبات تؤثر على أمعائك.. تشرب فيها بالطريقة الصحيحة؟    علاش تحسّ الدار أبرد من الشارع في الشتاء؟    عاجل: رياح تتعدّى 70 كلم/س... وإشعار بالاحتياط للسواحل والمرتفعات    نبوءة بابا فانغا تعود إلى الواجهة.. وتكهنات تربطها بقرعة كأس العالم 2026    قابس: تأجيل قضية المجمع الكيميائي التونسي الى يوم 25 ديسمبر الجاري    سيارة من الخارج لأصحاب الاحتياجات الخاصة بامتياز جبائي: الشروط والتفاصيل    عاجل: الصيادلة يوقفوا صرف أدوية ''الكنام'' ابتداءً من 8 ديسمبر!    عاجل/ انقلاب حافلة بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    من لا يحترم الضمان القانوني...محلّه مهدّد بالإغلاق!    عاجل/ من بينها رفض الزيادة في الأجور: الاتحاد يعلن عن اضراب عام لهذه الأسباب..    بعد صدمة وفاة ابنها.. شوفوا شنوا صاير لفيروز والشائعات اللي تحوم عليها    العسيري في لجنة تحكيم المهرجان الثقافي الدولي لمسرح الصحراء بالجزائر    قابس: البحث عن 3 بحارة غرق مركبهم بالصخيرة بعد ان انطلق من قابس    فخر لكل التوانسة: تونس تتوّج وجهة سياحية جذابة وممتعة عالميًا!    عاجل/ بسبب التقلبات الجوية: تنبيه لمستعملي لود قرقنة…    البرلمان ينهي المصادقة على 38 فصلا اضافيا ضمن قانون المالية    ثنائية مبابي تنهي سلسلة تعثّر ريال مدريد في الليغا بالفوز على بيلباو بثلاثية    الخطوط الملكية المغربية تطلق أول خط جوي مباشر بين الدار البيضاء ولوس أنجلوس    قرية رياضية صحية بلا تدخين تحت شعار "تونس تتنفس خير" يوم 6 ديسمبر 2025 بشارع الحبيب بورقيبة    محرز الغنوشي يُبشر: ''امطار متفرقة متوقعة في هذه المناطق''    عاجل: مناظرة لانتداب ضباط صف أول لفائدة جيش الطيران...وزارة الدفاع توضّح    الفلاح التونسي بش يولي عندو الحق في استعمال'' الدرون ''...كفاش ؟    ترامب: المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة ستخضع للتعديل    15,5 مليار دينار: رقم قياسي جديد للاقتصاد التونسي؟    مادورو: أجريت مكالمة "ودية" مع ترامب.. وأهلا بالدبلوماسية    ترامب يجمع رئيسي رواندا والكونغو لدفع اتفاق سلام استراتيجي    ماتش تونس وفلسطين: الوقت والقنوات الناقلة    هل تشكيلة تونس اليوم باش تشهد تغييرات؟    بطولة انقلترا – آرسنال يتغلب على برينتفورد بهدفين ويستعيد فارق النقاط الخمس في الصدارة    عاجل/ البرلمان يصوت على تسوية وضعية الأساتذة النواب..    لوحة للقذافي ملطخة بالدماء في اجتماع الدبيبة مع وفد أميركي تثير ضجة    كأس العرب 2025: برنامج مباريات اليوم الخميس 4 ديسمبر    تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع بداية من 8 ديسمبر: نقابة الصيادلة تحذّر من "انهيار وشيك" لسلسلة توزيع الدواء    ترامب: بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا    تونس من ابرز الوجهات السياحية العالمية خلال ديسمبر 2025..    إعادة فتح المتحف الروماني والمسيحي المبكّر بقرطاج بعد أشغال صيانة شاملة    تعال ولا تتعالى    بهدوء .. على حافة الظلام    يوميات أستاذ نائب...أيّ وجع !    محمد بوحوش يكتب .. الهويّات الزّائفة    تألقوا في أيام قرطاج المسرحية .. سجناء لكنهم مبدعون ...    عاجل/ المصادقة على توسيع منظومة التعويض لفائدة العاملين في هذا القطاع..    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في .....رواية (شنقرارا )للشاعرة راضية الشهايبي .. رواية الإستثناء تبحث عن كاتب يكتبها كما هي تشاء
نشر في الشروق يوم 17 - 10 - 2018

في ظل تعدد تقنيات الكتابة الروائية التي تبحث عن الأفضل في عملية تجريب أشكال مختلفة في البناء السردي. بديهي أن تبقى هذه العملية مسألة دقيقة جدا وعلى الكاتب أن يكون ملما بتفاصيل السرد متحكما بلعبته في الكتابة .
والشاعرة راضية الشهايبي أدهشني نصّها (شنقرارا)بحيث وجدتني أمام نصّ مجنون ومتوتر واقتحامي ومتوحش وإنساني وشهواني وخارج على القانون. نصّ إستثنائي معطر بأمطار الشعر وكأني بالكاتبة تنحت على بياض الورقات نصوصا بجمالية لا حد لها وشراسة لا حد لها . وجنون لا حد له. (شنقرارا) قصيدة مكتوبة على كل البحور في آن . بحر الحب وبحر الجنس وبحر الايدولوجيا وبحر الثورات العربية وبحر التمرد على الدين والدنيا .
هذا النص لم يكتبه كاتب واحد . وهذه الرواية إستثنائية بالأساس تبحث عن كاتب يكتبها لا كما هو يشاء بل كما هي تشاء وتشتهي .
في هذه الرواية تتداخل مستويات سردية متعددة. مما يجعل القارئ يلج ويعرّج على أكثر من شخصية رئيسية وعلى أكثر من رواية داخل الرواية.
و قد جاء في تقديم الدكتور محمود طرشونة (...في هذه الرواية اللغز شخّصت الكاتبة فكرة الرواية وجعلت لها حياة ومصائر شتى فلم تقتصر على اسناد دور الحكي الى راو عليم بكل شيء .....بل أرادت أن تداعب فطنة القارئ وتجره الى عالمها الشعري وعالم بطلتها المأساوي فتصرفت في ترتيب الأحداث وأزمنتها ...).
سميح المدوري أستاذ الفلسفة ورمزي العوان الصحفي المغرور ومصطفى الراعي الباحث وأنور ممتاز السكير وفيليب الكاتب الغريب كل هؤلاء تداولوا على كتابة فصول الرواية التي تاهت في مفازات الهذيان بحثا عن اله اللغة وهروبا من اله الخلق لتسقط في المعادلة بين الواقع والخيال . رواية لم تنته لأن شنقرارا هذه المسكونة بالطهر والنجس في آن تمردت عليهم جميعا وهي التي واجهت كل واحد بقولها : (...أعدك بأنك لن تفلح في سردي عكس وجهتي ولن تأخذني الى حيث لا أرتقي ولن تعبر بي بعيدا عن أملي ...)
والمؤلف، الذي يستحيل إلى مجرد واحد من الشخصيات التي لا تعرف من تفاصيل السرد المستقبلية وأسرارها إلا بمقدار ما تعرف الشخصيات الأخرى.لا أظنه يذهب بعيدا في سرده ونهايته تكاد تكون حتمية لأن شنقرارا وحدها تحدد البداية وكذلك النهاية .
فهي في هذا السرد تهرب من الكاتب وتنتظره . تفهمه ولا تفهمه وفي نفس الوقت تحبه وتكرهه وتضحك له ثم تبكي كلما أعادها الى العتمة .
كان الكتاب رجالا أو ذكورا على حد تعبيرها يأتونها يهزهم الشوق الى اكتشافها واللقاء بها . فتصدهم بتمردها وهي التي آمنت بأن الموت وحده هو السبيل للقاء . حتى أنها عاشت تنتظر الموت بعد أن كانت تنتظر عائدا للحياة لم يأت .
غير أن الكاتب الوحيد فيليب الغريب الذي اندهشت (شنقرارا ) لحكايته فنكتشف أنها تركت حلمها وتناست مسارها وانصهرت في سرده لأن سحره مختلف ومسار حكايته متفرد وفضاء تحليقه غريب وقد استمرت تلتهم نفسها كمدا وحسرة حتى أنها قالت :
( أنا فعلا لا أدري كيف أحببتك ؟ ولماذا أحببتك ؟ وكيف لم أدرك أنك ما بادلتني يوما مشاعري ؟ ولا أدري هل أني غبية جدا أم أنك خبيث جدا ...) .
وظل فيليب الكاتب الغريب منسابا في سرد حكايته وهو يقطر ألما . وظلت (شنقرارا ) متقنة الإستسلام .حتى أن جسدها ازداد اكتمالا بزيادة الصفحات المرصعة بنكساته وكم أعجبها أن يواصل سرد تعاسته .
ولكن وقع ما لم يكن في الحسبان أحد النشالين خطف حقيبة الكاتب الغريب فيليب بكل مافيها وفر الى خربة وهناك احتفظ بالمال وألقى بصفحات الرواية التي لم تكتمل .
في رواية الشاعرة راضية الشهايبي تذكرنا (شنقرارا) بسيزيف وهو يحاول رفع الصخرة الى أعلى وكلما اقترب من الوصول سقطت الصخرة فيعيد رفعها من جديد بدون كلل أو ملل .
وتعود لتدفن بوحها ما بين نور لا يطول وجولة حول عالم المجهول . تجلس كالعادة على كرسي قرب خرابها وتنتظر الليل عزيزها لتختلي بالذاكرة وتتوزع بين خيباتها المتتالية .
والشاعرة راضية الشهايبي حاولت التطرق في سردها لسيرة حياة أبطالها وشخصياتها التي كانت متنوعة ومختلفة وتعرضت الى التفاصيل الجميلة بأسلوب خلاّق وانسيابية مُدهشة ولغة سلسة مُتزنة ومعاصرة للواقع المعاش. لغة الوجدان والعواطف الجياشة . لغة اللوعة والفقدان . لغة الحُبِّ والجنس. لغة المغامرة الجميلة والاتصال الروحي . لغة المحاورات الثقافية بين العاشق والمعشوق . وهي كذلك لغة الخذلان عندما نخسرُ حبيباً وعاشقاً. لغة الحرمان والبعد . لغة الهوس والفوضى والتمرد ولغة المرأة العاشقة والثورية المتمردة على كل شيء .
والملفت للإنتباه في (شنقرارا ) هو قدرة الصّوغ الشِّعري لدى راضية الشهايبي بحيث لا تخلو صفحة من روايتها من ذلك الفن الشِّعري الذي يؤكد بأنَّ الشِّعر هو فنّ الدهشة .
وبصفة عامة تبقى لغة الأنثى الروائية مُحملة بالشحن العاطفي والحساسية المرهفة والشفافية واللغة المُدهشة بأجمل الكلمات . لغة الوجدان والعواطف الجياشة ولغة الجمال والسحر الحلال .
وعلى سبيل المثال في صفحة 77 نقرأ : ( ... أخرجها من انتظارها وطرحها على الطاولة . ومدّ قلمه وانكبّ عليها وواصل سرده غير عابئ بأحاديث ندمائه . لم يكن يتوقف إلا لترشف كأسه المبشرة بالعبور الى غير هذا المكان الذي يعبق برائحة هذه العابرة بشاربها كل حدود أزمنته وأزمته . وكيف يصدقها وهي الكاذبة التي تسرق من العمر ولا تغيره ؟ وتمنت لو يتخلص من إدمان هذه المعتقة وإدمان تفقد سحابة سرواله وخوفه من مواجهة زوجته بحقيقته ...) .
وقبل أن أختم أقول أن راضية الشهايبي كاتبة مجنونة و(شنقرارا ) من الأعمال الإبداعية الكبرى التي لا يكتبها الا مجانين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.