هناك وهناك... في فلسطين والعراق كان الامس يوما احمر... يوما اغبر... الاحتفاء بالتحرير طال وطالت معه قوافل الشهداء... والضحايا الابرياء... لقد تعرت الآن المسخرة من كل قناع وصار ما يجري الان شبيها بالكابوس المرعب... بالصورة المصغرة التي سيكون عليها العالم غدا اذا تواصل استبداد بعض الدول العظمى بالقرار والتنفيذ... أنا أسأل فقط أين هم المخططون المتبجّحون بعالم افضل... بعالم اكثر أمنا. أين هم الذين ملؤوا شاشات التلفزات بابتسامة قاسية وهم يبشرون بانتصار حضارة على حضارة وباعادة صياغة العالم... أين هم الاسياد الذين قرروا من هم الصالحون ومن هم الخارجون على القانون... أين هم أولئك الذين وعدوا العالم ببسط الحرية والكرامة والنماء والأمن والحال أنهم استهلوا رسالتهم بمصادرة حتى حقوق مواطنيهم... أين هم اولئك الذين صنعوا ادلّة وتعلات لشن حرب ظالمة... اين العرب الذين زودوهم بأدلّة اضافية كاذبة... كم من «وسيط» يحمل صفة الاخ دعا العراق الى التخلص من اسلحة الدمار الشامل التي لم تكن اصلا بحوزته... وكيف للعراق ذلك وهو الذي تحول الى مستودع خردة بعد عقد من الحصار والتجويع... أين الجموع التي سالت في شوارع اوروبا رفضا لاندلاع الحرب ولما اندلعت اختفت وصارت لا تسأل الا عن مواطنيها من الرهائن... هكذا... تختزل حقوق الانسان في نفر يحمل جنسيتهم ولا أحد يعبأ بما يجري في العراق وفلسطين... دولتان مخطوفتان... من الاشرف الجالس على كرسي الحاكم المقعد ام اولئك القابعون في السجون... اذا كان هذا ما يُصنع بدولة مثل العراق فما بالك بالاخرين... ومتى كانت الولاياتالمتحدة تكره الدكتاتورية ومن يمارسها... وإذا كان العراق محكوما من قبل بالقوة والبطش فها هي أمريكا بقوتها وبطشها لا تستطيع السيطرة على حي واحد في العراق... إذن كان هناك اسمنت اخر يشد هذه البلاد وكانت لها خصوصيات لا يعرفها الا اهلها وها هي تعاني ما عانى «المنجل في القلة»... ألم يقل أحدهم «أنا أسلك الديبلوماسية التي تفرضها جغرافيتي»... ولكن يبدو ان وحيد القرن يجهل الكثير في الجغرافيا والتاريخ معا...