حماس: مستعدون للتفاوض وبحث إطلاق الأسرىحماس: مستعدون للتفاوض وبحث إطلاق الأسرى    الدورة 69 من مهرجان لندن السينمائي: 'صوت هند رجب' و'سماء موعودة' ضمن القائمة    أخبار مستقبل قابس: استعدادات كبيرة لمباراة جرجيس    المهدية..أبوابه بقيت مغلقة منذ 8 سنوات.. مطالب بتخصيص متحف دار البحّار ل«كنز المهدية» الإغريقي    عقارب تفتتح مهرجان العلوم: 3 أيام من الاكتشاف بين الفلك والرياضيات والبيئة    بالمتحف الأثري والإثنوغرافي بالمكنين أنشطة فكرية وفنيّة تخليدا لذكرى 5 سبتمبر 1934    بدء اعتصام "الصمود" أمام السفارة الأمريكية بتونس للتنديد بالتدخلات الأمريكية    سيدي ثابت: عودة حركة المرور إلى طبيعتها بعد إزالة شجرة سقطت على الطريق    تشريعية جزئية : انتهاء عمليات التصويت في دائرة دقاش حامة الجريد تمغزة ونسبة الاقتراع ناهزت 17,40 بالمائة    ما لا تعرفه عن الكولسترول: ضروري للذاكرة والتعلم    عاجل: عطب مفاجئ يتسبب في انقطاع الماء بعدد من مناطق ولاية سوسة    نادي الحرس الوطني يحيي حفلا فنيّا ساهرا بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث سلك الحرس    البنك المركزي يرفع سقف التحويلات المالية للطلبة بالخارج: التفاصيل    جندوبة عامرة بالزوار: أكثر من 818 ألف سائح حتى آخر أوت!    النادي الصفاقسي يتعاقد مع حمزة المثلوثي لمدة سنتين    مجموعة "مصابيح صوفية" للمصمّم التّونسي حسان جلجلي حاضرة ضمن "أسبوع التصميم بباريس 2025"    ''الخسوف الدموي'' للقمر يعود بعد سنوات...شوف شنيا أصلو في مخيلة التونسي    الخسوف الكلي يبدأ عند 18:35... إليك التفاصيل    استعدادا لمونديال كرة القدم تحت 17 عاما: خمس مقابلات ودية للمنتخب التونسي    5 عادات ''غالطة'' تستهلك وقود الكرهبة أكثر ملي تتصور...شوف شنوا؟    بطولة العالم للكرة الطائرة أكابر: المنتخب التونسي يواجه كوريا يومي 8 و 9 سبتمبر وديا    محرز الغنوشي: ''صفاء مرتقب الليلة وارتفاع طفيف في الحرارة الليلية''    أسطول الصمود الإسباني يصل تونس مساء اليوم    الدورة الثانية من صالون "آرتي كريا" من 6 إلى 12 أكتوبر 2025 بقصر المعارض بالكرم    مسيرة أطلقت من اليمن أصابت قاعة المسافرين في مطار رامون بالنقب    القيروان: الانطلاق في تأمين عيادات خارجية عن بعد بالمستشفى المحلي بالشبيكة    بنزرت الجنوبية: محتجون يغلقون الطريق الوطنية بعد حادث مرور    الدورة الرابعة للصالون الدولي للسياحة والعمرة يومي 12 و13 سبتمبر الجاري بالعاصمة    رئيس الوزراء الياباني يعلن استقالته    هل تونس على موعد مع تقلبات جوية قوية عشية اليوم؟ إليك التفاصيل!    لوحة "لا تقوم إلاّ على خيط" لكوثر الجلازي بن عياد تطرح التناقضات الكامنة في شخصية الإنسان    الداخلية: احالة صيغة محينة لمشروع القانون الأساسي للعمد على رئاسة الحكومة لاستكماله ونشره بالرائد الرسمي    الكاف: الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي يخصص 5600 مساعدة اجتماعية لفائدة التلاميذ والطلبة    ديوان الحبوب: بامكان الفلاحين "مقايضة" جزء من محاصيل القمح "ببذور مثبتة"    شنوما التحاليل اللي ضروري تعملهم العروس قبل الزواج؟    وزارة التجهيز والاسكان تنتدب...    الاتحاد الرياضي ببنقردان يعلن عن فسخ عقد لاعبه الشاذلي قاسم بالتراضي    الداخلية: عمليات مراقبة وتحسيس متزامنة على أسواق الجملة في كافة أنحاء الجمهورية    النجم الساحلي ينهزم وديا أمام الكوكب المراكشي 1-2    القهوة على معدة فارغة: فايدة ولا ضرر؟ شوف شنوّة يصير للجسم    أزمة الإنترنت من البحر الأحمر: شنوّة السبب وكيفاش صار؟    توقعات الأبراج لليوم: بين الأمل والحذر.. اكتشف ماذا يخبئ لك الأحد    عاجل/ إسرائيل تحدد شروط إنهاء حرب غزة.. والسلام مع الفلسطينيين..    هزة أرضية بقوة 4.5 درجات تضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أمطار منتظرة الليلة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    وزارة الداخلية.. الدّولة لن تتخلى عن مسؤوليّاتها في الدّفاع عن حقوق المُستهلك والحفاظ على قدرته الشرائيّة    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    الخطوط التونسيّة تسجّل نتيجة صافية سلبية ب335 مليون دينار في 2021    فيلم ''صوت هند رجب'' للمخرجة التونسية كوثر بن هنية يحصد 6 جوائز مرموقة في مهرجان البندقية    الزهروني: إيقاف منحرف نفّذ 3 براكاجات في وضح النهار استهدفت نساء    تونس في مواجهة مصر: تفاصيل اللاعبين والموعد الرسمي للمباراتين    تعرف على برنامج مباراتي الترجي والمنستيري وطاقم التحكيم الإفريقي    عاجل/ تم ضبطهم بميناء حلق الوادي: هذا ما تقرّر ضد أفراد شبكة دولية لتهريب المخدرات    غدا.. خسوف كامل والقمر "دموي"    عاجل: صدور نتائج حركة النقل الدورية للابتدائي.. التفاصيل على الرابط التالي    عاجل/ فيروس "إيبولا" يعود من جديد    هيئة الصيادلة تدعم اجراءات المجلس الوزاري المضيق حول المنظومة الدوائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدث وحديث:خطوة حاسمة في الاتجاه الصّحيح
نشر في الشروق يوم 27 - 10 - 2018

مثل كل الخُطب السياسية الهامة يكتسي خطاب راشد الغنوشي بعدين أساسيين: بعد حالي وثيق الصلة بما تعيشه البلاد راهنا، وبعد مستقبلي ليس منفصلا هو الآخر عن مجريات العمل السياسي في علاقته بالمواعيد الانتخابية الكبرى للسّنة المقبلة.
رئيس النهضة لم يكن بإمكانه تجاهل وضع البلاد الغارقة في الصراعات الداخلية والتي تواجه كل أنواع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وما نتج عن ذلك من ظهور ثقافة الكراهية والضغينة وإرادة الاستبعاد والاستئصال. فكل الأحزاب أصبحت تتراشق بأخطر التّهم وتبذل كل جهدها لمحاصرة بعضها البعض حتى تحولت البلاد إلى محكمة مفتوحة منتصبة باستمرار.
ولعلّ ما يثير الدهشة أكبر أننا على بُعْد شهرين أو أقل من الاحتفاء بالذكرى السابعة لثورة الحرية والكرامة، وعلى بُعد خمس سنوات من انطلاق عملية العدالة الانتقالية، والرّؤية لا تنفك تتقلّص والإحساس بانحراف العدالة يشتدّ في ظلّ ممارسات خارجة عن قانون البلاد وتطبيق العقوبة المزدوجة على مسؤولين في النظام السابق، وحسر المسار السياسي في حسابات الفوز الآني بالسلطة.. لتصفية الحسابات.
ولا شك كذلك في أن التّهم الموجّهة إلى حزبه بالوقوف وراء اغتيال الشهيدين بلعيد والبراهمي كانت حاضرة في ذهن راشد الغنوشي وهو يطلق مبادرته لسنّ قانون عفو تشريعي عام. لكن إذا نظرنا بعين التجرّد والموضوعية فإن قيمة الاقتراح تتجاوز بكثير مصلحة هذا الحزب أو ذاك بما فيها النهضة وتتعدى المرحلة الحالية لتؤسس لمستقبل جديد هو نفسه ذات المستقبل الذي طالبت به أكثر من جهة في الداخل والخارج وكان من المفروض أن يكون واقعنا اليوم لو صدقت وقتئذ العزائم وتغلبت الحكمة، ولو احتذى المضطلعون بالحكم آنذاك حذو بلدان اختارت نهج العدالة الانتقالية مثل إفريقيا الجنوبية أو المغرب الأقصى أو حتى اسبانيا ما بعد الجنرال فرانكو.
من هذا المنطلق يكون راشد الغنوشي قد اتّخذ باقتراحه قانونا للعفو العام، مبادرة حكيمة وشجاعة، حتى وإن جاءت متأخرة بعض الشيء، ستساعد البلاد لا محالة على الخروج من مأزق انتاج الأحقاد والأحقاد المضادة وإبعاد سيف ديموقليس العدلي على رؤوس الآلاف من أبناء تونس وتوضيح الأفق وإطلاق الطاقات للعمل والانتاج في كنف الاحساس بالأمن والعدل.
والحقيقة ان مقترح رئيس النهضة يجيب عن هذا التساؤل الملح الذي أصبح يقلق بال كل تونسي: إلى متى ستتواصل هذه المساءلات؟ كإجابة قاطعة يعيد الأستاذ راشد الغنوشي العدالة الانتقالية إلى مفهومها الصحيح المرتكز على ثلاثة مقتضيات، أولها الكشف عن الحقيقة، وثانيها الاعتذار لمن أذنب في حق غيره، وثالثها التعويض من الدولة لمن تضرّر. ثم تأتي المصالحة النهائية كتتويج للعملية بأكملها، وتُطوى صفحة الماضي وتُفتح صفحة المستقبل. مثل هذا التذكير بحقيقة العدالة الانتقالية يعيد الأمور إلى نصابها ويوقف انحرافها الواضح نحو الانتقام والتشفّي والاعداد لتأبيد أزمة سياسية قد تقضي على المشروع الديمقراطي الذي لا يمكن أن يُبنى على غير أساس عدل ناجز وعادل.
راشد الغنوشي تقدم أكثر لأنه يعلم أن المصالحة ليست نتيجة حتمية لمسار العدالة الانتقالية، وإنما هي سياسة إراديّة وثقافة طوعيّة تقتضي مشاركة الجميع أو الأغلبية في تحديد اللّعبة السياسية واحترام قواعدها، لا سيّما ونحن على أبواب سنة هامّة تتضمن مواعيد كبرى. قبل ذلك لا بدّ من رسم الطريق ووضع العلامات التي يلتقي حولها الجميع بحدّ أدنى من التفاهم والتوافق. وهل أفضل من مصالحة وطنية يحقّقها قانون عفو تشريعي عام؟
راشد الغنوشي، وبالتالي النهضة، يسجلان خطوة حاسمة على الطّريق الصحيح ما كان لحزب آخر من الأحزاب السياسية القائمة أن يخطوها بمثل القوة والمصداقية اللتين تميزان اليوم النهضة وقيادتها. ولعلّ في هذا أكثر من إشارة إلى أن حزب راشد الغنوشي عاقد العزم على لعب الدور الأول في المواعيد القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.