انقضى أكثر من قرن على وعد بلفور الشهير والذي اعطت بموجبه بريطانيا للحركة الصهيونية إمكانية قيام كيان مستقل لليهود، وما أدى قيام هذه الدولة من تشريد للشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948. لم يتمكن الفلسطينيون على مدار عشرات السنين من الخروج حقا من مأزقهم التاريخي، فالواقع الفلسطيني الحالي لا يبشر بخير كثير. الخلافات الداخلية بين الحركات الفلسطينية والتي تدعي كلها تمثيل الشعب الفلسطيني تمنع طرح مشروع وطني موحد لمواجهة الضغط الصهيوني الامريكي والذي أصبح مدعوما حتى من كثير من الدول العربية. زياره رئيس الوزراء الاحتلال قبل بضعة أيام لسلطنة عمان دون تفسير واضح لأسبابها هو دليل فشل الطرف الفلسطيني بالتأثير لصالحه حتى داخل الوسط العربي، وهو انعكاس لواقع الخلافات الداخلية. السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية بالإضافة لمنظمة التحرير الفلسطينية أكد في الاجتماع الاخير للمجلس المركزي رغم الشعارات الطنانة والتهديدات بالانسحاب من الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني احتجاجا على خطة الرئيس الامريكي بما يسمى صفقة القرن ونقله سفارة بلاده للقدس، أن ذلك كله لا يمكن أن يكون بديلا عن سياسة موجهة نحو الشعب الفلسطيني داخل وخارج الأراضي المحتلة. القيادة الفلسطينية وحكومة حماس بغزة لا يملكان برأينا الشرعية الكافية للقيام أو انتهاج سياسات تسمح بدفع حقوق الفلسطينيين إلى الأمام نحو الهدف الذي رسموه لأنفسهم بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. المطلوب الآن من القيادة الفلسطينية هو العمل السريع لإعادة اللحمة الوطنية والعودة للشعب الفلسطيني لتجديد شرعيتها عبر انتخابات حرة ونزيهة مفتوحه أمام كل القوى الفلسطينية. نحن نعلم بالدول الغربية والديمقراطية بشكل عام، أن المشاكل المهمة سياسية كانت أو اجتماعية لا تحل إلا عن طريق الاستفتاء وطلب رأي المواطنين ، فمتى سيتجه الفلسطينيون نحو ذلك، أم أن المصالح الفئوية والحفاظ على المناصب تحول دون تحقيقه، فاتحين الباب بأنفسهم من حيث لا يدرون لتحقيق ما يسميه الفلسطينيون وعد بلفور جديدا متمثلا بالمشروع الامريكي للرئيس ترومب.