في ظُروف غَامضة أنهت الجامعة عهد البنزرتي ليواجه المنتخب المجهول خاصّة في ظلّ الضَبابية القَاتلة بشأن «المَهدي المُنتظر» لقيادة «النسور» الذين يَستعدّون بعد أشهر معدودة لخوض غِمار الكأس الافريقية في الملاعب الكَامرونية وذلك في الفترة المُتراوحة بين 15 جوان و13 جويلية 2019. وسيكون المكتب الجامعي أمام خَيارين لا ثَالث لهما فإمّا المُراهنة على المدربين «المُؤقتين» ماهر الكنزاري ومراد العقبي أوالتَعاقد مع إطار آخر مع تَثبيت الرجلين في مَنصبيهما الأصليين كمُساعدين. وفي كلّ الحَالات لابدّ من حَسم هذا الملف في أقرب الآجال لأن «لُعبة التَسويف» التي تَسلكها الجامعة فيها مَضيعة للوقت كما أنّ التَأخير الحَاصل في غَلق هذا الملف الثَقيل فتح باب التَخمينات والتأويلات حول النَوايا الحَقيقية للجريء الذي يُواجه ضغوطات كبيرة يُطالب أصحابها بإنهاء الجَدل الدائر حول هذا الموضوع بصفة فَورية. الكنزاري و«الانقلاب الهَادئ» في نِطاق تَفسيراته لقرار ابعاده من المنتخب صَرّح البنزرتي بأن الجريء قد يكون أقدم على عَزله ليمنح مَفاتيح المنتخب لصديقه الدائم ماهر الكنزاري الذي نجح حسب الكثيرين في القِيام ب»الانقلاب الهادىء» على «مُعلّمه» و»مُلهمه» فوزي الذي اعتبره بمثابة الشَّقيق والذي سَاهم في انضاج تجربته منذ أن اشتغلا سَويا في الترجي. والحقيقة أن خِطاب البنزرتي عن هذا الجانب لا يَحتمل سوى قراءة «يَتيمة» وهي التَلميح إلى أن «تلميذه» ماهر «طَعنه من الظّهر» بتدبير من الجريء المُرتبط مع الكنزاري ب»عِشرة» طَويلة تعود إلى الفترة الزاهية التي عاشها فريق الأصاغر مع سليل «البَقلاوة» وكان وديع في ذلك الزّمن مسؤولا صَغيرا ومجهولا في لجان المُنتخبات الوطنية. ومن الواضح أن وديع بَقي وَفيّا لصاحبه حتّى أنّه ألحّ إصرارا على تشغيله خلال الأعوام الأخيرة كمساعد في المنتخب الأوّل وكمدرّب أوّل للأولمبيين ورغم الفشل الذريع للكنزاري في أداء مَهامه وانهيار أسهمه في «بُورصة» المدربين فإن رئيس الجامعة عَيّنه من جديد في المنتخب ليكون المساعد الأمين والمُستشار المُخلص للبنزرتي الذي غادر منصبه ولسان حَاله يقول:»أعلّمه الرماية كلّ يوم فلمّا اشتدّ ساعده رَماني». مُجاملات وديع لصديقه ماهر لم تَتوقّف عند هذا الحدّ بل أنّه «يُخطّط» حسب البعض إلى تَرقيته ليصبح «القائد الأعلى» للفريق الوطني ومن يقول «لا» فَمَا عليه إلا أن يشرب من البحر الذي أغرق فيه معلول حُلم المونديال بعد أن كان قد عَيّنه الجريء استنادا إلى منطق المُحاباة لا الكَفاءة. المُضحكات المُبكيات يَحتاج مدرب المنتخب إلى الظّهور بصورة «مِثالية» أومَقبولة على الأقل. ومن هذا المنطلق فإن الكنزاري يسعى منذ فترة ليست بالقصيرة إلى إبراز التَغيرات الايجابية في شَخصيته وحتى في لياقته البدنية بما أن صَاحبنا يقوم ب»ريجيم وحشي» ليستعيد رشاقة الأيّام الخَوالي عندما كان يُمتع النّاس في باردو و»باب سويقة» بلمساته الفنية. والحقيقة أنّ مِثل هذه «المُبادرات» الهادفة إلى تحسين السياسات الاتصالية والمَظهر العام واجبة على الإطارات الفنية حتى أن اللاعب والمدرب السابق للترجي عبد الرحمان بن عزالدين خَصّص جزءً من كتابه عن كرة القدم لهذه المسائل المُهمّة لنجاح الفنيين. لكن من الضروري أن تكون النَوايا صادقة وأن لا تَندرج مثل هذه «الحَركات» في خانة «الخُدع السينمائية» لكسب ودّ الجماهير المُلاحظة حتما بأن بَريق الكنزاري خَفت منذ تجربته الرائعة مع «البنزرتية» وقد جَاب الرّجل الخليج وتونس دون أن يسترجع بوصلة النّجاح التي يبدو أنّها «غَرقت» منذ 2012 في رفراف أوغَار الملح. تحت الاختبار إذا صَدقت التوقّعات بشأن «مُخطّط» الجريء لتَنصيب الكنزاري على رأس المنتخب فإن المُواجهتين الكَبيرتين ضدّ مصر والمغرب يومي 16 و20 نوفمبر قد تُمثّلان الامتحان الذي يَنبغي على ماهر أن يَجتازه بنجاح ل»يُبيّض» وجه رئيسه ويُبرهن أنه جَدير بالحصول على فرصة تدريب «النّسور». وسيعمل الكنزاري حَتما على كسب التَّحدي في اللّقاء الرسمي ضدّ «الفراعنة» والمُواجهة الودية أمام «أسود الأطلس» وإذا حقّق المراد فإنه سيكون أسعد السعداء بكسب «الكَاستينغ» بما أن الجريء قد يُصادق على تعيينه كمدرّب أوّل وإن لم يَفعل فإن ماهر سيستعيد في كلّ الأحوال جزءً من «أسهمه» بعد أن أصبحت في الحَضيض. حَق العقبي الكَلام عن مُستقبل المنتخب لا يَستقيم دون النظر إلى المدرب الكفء و»المَنسي» في زحمة السيناريو الذي يُطبخ في ذهن الجريء. وحديثنا طبعا عن مراد العقبي الذي من المفروض أن يكون على نفس الخط مع الكنزاري بل أن العقبي قد يكون أرفع درجة من زميله بالنّظر إلى «أقدميته» في منصبه وبصمته في الأندية التي أشرف عليها والتي كانت جَواز دخوله للفريق الوطني. وإذا تأكد «مُخطّط» الجريء بخصوص منح الثقة للكنزاري ليُشرف على المنتخب في المرحلة الحالية وأيضا في النهائيات الافريقية فإن المنطق يفرض أن تكون القيادة «مُشتركة» بين ماهر ومراد وهذا ما يُلحّ عدة أعضاء من الجامعة على تأكيده حِفظا للحقوق وكسبا للرأي العام الذي قد تكون له بعض التحفّظات على الكنزاري بحكم «سَوابقه» مع عدة جمعيات. والرجاء كلّ الرجاء أن لا تعبث «الجَماعة» بمستقبل المنتخب المُقبل على مُغامرة افريقية يتمنّى من خلالها الشعب تحطيم «عُقدة» الدور ربع النهائي ومُطاردة اللقب الغائب عن خزائننا من 2004: أي منذ عهد المسؤول الرائع حمّودة بن عمّار الذي يريد «سي» عبد السلام السعيداني أن يَضعه في نفس المَنزلة مع وديع الجريء. يا لعجائب الدنيا التي نراها قبل السّفر إلى بلد «المُعجزات» والأهرامات بمناسبة لقاء المنتخب والشَّقيقة مصر.