أكدنا في أعدادنا السّابقة أن فوزي البنزرتي الأقرب لتدريب المنتخب خَلفا لنبيل معلول «الهَارب» إلى قطر بعد الفَضيحة المُونديالية وما رافقها من تَجاوزات على كلّ المستويات حتّى أن المُقابلات التحضيرية نفسها تَحوم حولها «الشّبهات». وقد جاءت التأكيدات الرسمية لتعيين فوزي عبر بلاغ رسمي للجامعة التي سارعت بتسريح معلول لفائدة «الدحيل» تمهيدا لقدوم البنزرتي من المَغرب حيث يُشرف على حظوظ الوداد البيضاوي. ومن الواضح أن رئيس الجامعة وديع الجريء والمدير الفني يوسف الزواوي قد استغلاّ رحلتهما الأخيرة إلى مملكة محمّد السادس لضرب عُصفورين بحجر واحد. الهدف الأوّل يكمن في الاستفادة من العملية التقييمية للندوة الصحفية التي نظّمتها «الكاف» لتحليل المشاركة الافريقية في المونديال الأخير أمّا الهدف الثاني فهو دون شك الحصول على موافقة البنزرتي لتدريب المنتخب وهو الحلم الذي يُراود الرجل طيلة عهد الجريء الذي تَجاهله وهو في ذِروة المجد وتَذكّره بعد أن فتح مؤخرا النار على معلول مُقدّما نفسه كأفضل بديل وذلك ما يتمنّاه الجمهور بعد «العذابات» التي عشناها مع «مُهندس» المَهزلة البلجيكية. تفاصيل العقد جَادت قريحة الجامعة في وقت سابق بفكرة «مَجنونة» تَمثّلت في تمديد عقد مدرب المنتخب نبيل معلول إلى غاية 2022 اقتداءً ببعض «العَباقرة» الذين حافظوا على مَناصبهم في الفرق الرياضية والمنتخبات الوطنية لفترة طويلة مثل «فيرغسون» (مانشستر يونايتد) و»فينغار» (الأرسنال) و»لوف» (ألمانيا)... وغيرهم كثير. وبما أنّ مثل هذه العَقليات الغربية المَبنية على الاستمرارية مفقودة في الكرة التونسية وبما أن المدة النيابية للجريء تنتهي في 2020 فقد كان الجميع على علم بأن هذه العلاقة التعاقدية مجرّد لُعبة سخيفة. ومن الواضح أن الجامعة تفطّنت هذه المرة على تلك الهفوة التنظيمية التي ارتكبتها الشيء الذي جعلها تتعاقد من المدرب الجديد فوزي البنزرتي لموسمين قابلين للتجديد وللتقليص خاصة أن النتائج المُسجلة ستكون الفيصل الوحيد لتحديد مستقبل البنزرتي مع «النُسور». هذا ومن المُتوقّع أن يحصل البنزرتي على راتب شهري «صَافي» يُقدّر بحوالي 35 مليونا وسيختار مُعاونيه بكل حرية. ومن المعلوم أن عقود المساعدين انتهت منذ عدة أسابيع بإستثناء المعد البدني خليل الجبابلي وكان المساعد مراد العقبي قد اشترط بدوره التعاقد من مدرب من الوزن الثقيل ليبقى في منصبه وهو أمر يتوفّر حتما في البنزرتي الذي ستطالبه الجامعة بإنهاء سنوات الجدب على المستوى القاري وبلوغ المربع الذهبي ل «الكان» (تونس لم تتجاوز الدور ربع النهائي في مشاركاتها السّبع الأخيرة في كأس افريقيا للأمم) لماذا البنزرتي؟ رغم تَداول الكثير من الأسماء المحلية والكفاءات الأجنبية فإن البنزرتي كسب «المَعركة» الفنية وانتزع منصب المدرّب الوطني. وَهُنا نَتساءل عن الأسباب الحقيقية التي رجّحت كفّة فوزي على البَقية. القائمة الافتراضية للمرشّحين ضمّت سامي الطرابلسي وخالد بن يحيى وشهاب اللّيلي من تونس علاوة على الفرنسي - التونسي صبري اللّموشي (تحمّس الكثيرون للتعاقد معه). وانضافت في مرحلة مُوالية أسماء أخرى مثل الفرنسي «ألان جيراس» والبرتغالي «كارلوس كيروش» والمدرب المساعد في المنتخب الفرنسي «ستيفان» (الفكرة مُستوحاة من تجربة «لومار» الذي كان مساعدا في الفريق الفرنسي الحائز على كأس العالم في 98 قبل أن يحصل كمدرّب أوّل على التتويجات مع منتخبي فرنساوتونس في مرحلة لاحقة). وقد آلت الكلمة في النهاية للبنزرتي لعدة اعتبارات موضوعية. فعلى الصعيد المحلي يُعدّ الرجل ضمن الفنيين الأقدم والأكثر تتويجا وقد لا يوجد في الساحة من يملك سِجلا حافلا بالتتويجات كسجلّ ابن المنستير الذي حطّم جملة من الأرقام القياسية والذي ترك بصمة تاريخية مع جلّ «كبار» الكرة التونسية علاوة على مُعانقته العالمية مع الرجاء. وبالتوازي مع تفوّقه الواضح على أبناء البلد خاصة في ظل غياب معلول الذي يَعتبر نفسه أحسن مدرب في تونس كسب البنزرتي «المعركة الخارجية» بفضل الأمور المالية والرياضية. ذلك أن أغلب الأسماء الأجنبية المطروحة مُرتبطة بتعاقدات وتشترط الحصول على امتيازات ضَخمة وهو ما جعل الجامعة تتحمّس أكثر للتوقيع مع البنزرتي الذي مازال يتمتّع بثقل جيّد في الساحة التونسية والافريقية رغم الخروج «المُذل» من الترجي. وهو على رأي البعض أحسن في كلّ الأحوال من معلول الذي «عَبث» بالمنتخب ولم نر معه غير فرحة التأهل والتي كانت منقوصة بعد أن أهداها إلى أطراف أجنبية في ليلة غرقت فيها بعض الجهات التونسية في الفيضانات. هذا وساد الاعتقاد في صفوف بعض مسؤولي الجامعة أن فوزي درب سابقا المنتخب دون الحصول على «فرصة كاملة» وقد جاء الوقت لِيُتوّج مسيرته الطويلة والتي شارفت على النهايات بتجربة جديدة يضع خلالها عُصارة معارفه التدريبية. والله ولي التوفيق. السيرة الذاتية للبنزرتي مولود في 1950 متوسّط ميدان سابق في المنستير بدأ المشوار التدريبي في المنتصف الثاني للسبعينات (مع سيدي بوزيد) درب العديد من الأندية التونسية مثل المهدية و»الرالوي» والنجم والإفريقي والترجي والمنستير... خاض عدة تجارب خارجية (في الخليج ومع منتخب ليبيا والرجاء والوداد) درّب المنتخب لفترات وجيزة مُتحصّل على قرابة 18 لقبا محليا دوليا بلغ «فينال» كأس العالم للأندية مع الرجاء (2013) خَسر عدّة رهانات محلية وقارية (أشهرها رابطة الأبطال مع الترجي في 2010)