اربع سنوات بعد الانتخابات التشريعية، فترة كافية لقلب كل التوازنات السياسية وإعادة صياغة ملامح مشهد جديد بلاعبين جدد و معادلات مختلفة، كشفها التحوير الوزاري الأخير . تونس (الشروق) التصويت على التحوير الوزاري، الذي طلبه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، لم يكن مجرّد تصويت عادي، ينتهي بالإعلان عن النتائج وإقرار منح الثقة للوزراء الجدد، او اسقاطهم، بل كان حدثا استثنائيا ومفصليا، قلب المشهد السياسي التونسي راسا على عقب وغيّر بشكل جذري كل التوازنات السياسية والبرلمانية . أولى ارتدادات هذا التصويت، تغيّر مكونات ائتلاف السلطة، وخروج كتلة حركة نداء تونس من ائتلاف السلطة الى المعارضة، بعد ان كانت الكتلة الأولى في البرلمان، وهي الكتلة التي اختارت رئيس الحكومة الأول الحبيب الصيد وهي من اختارت أيضا رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد . ثاني التغيّرات ,المتعلقة بخروج كتلة النداء من ائتلاف السلطة والالتحاق بصف المعارضة، يمكن ان تمتد الى خارج اسوار البرلمان وتطال سلكي المعتمدين والولاة، الذين من المنتظر ان تشملهم حركة كبرى في الأيام القليلة القادمة، ومن المنتظر ان يكون المنتمون الى حزب النداء في قلب التحويرات، ارتباطا بتغيّر موقع حزبهم . ثالت المعطيات التي شهدت تغيّرا جذريا، تشكل ائتلاف سلطة جديد، يضم «ترويكا « حاكمة، تضم أساسا كتلة حركة النهضة وكتلة الائتلاف الوطني و كتلة مشروع تونس، وهو ائتلاف قديم -جديد، قديم اذا ما تحدثنا عن النواب، وجديد اذا ما تعاطينا معه بالية الكُتل، فالنواب المشكلون لهذا الائتلاف الجديد هم ذاتهم نواب كتلة حركة النهضة ونواب حركة نداء تونس، سنة 2014، اما من حيث الكتل، فقد غادر نواب كتلة النداء كتلتهم الأولى وشكلوا كتلا أخرى ,ازاحت كتلة النداء و أخذت مكانها في قيادة المشهد البرلماني . رابع المتغيرّات، تتعلّق بالمشروع السياسي الذي من المنتظر ان يتم الاعلان عنه قريبا، وهو مشروع سياسي يتزعّمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وتعتبر كتلة الائتلاف الوطني، ذراعه التشريعي، هذا المشروع السياسي الذي تحدث عدد من نواب كتلة الائتلاف عن قرب اطلاقه، سيكون وريث حزب النداء، من حيث استقطاب القواعد والقيادات ذاتها، و هو ما سيشكل تغيّرا جذريا في ملامح المشهد السياسي . أما العنصر الخامس، فيتعلّق بكتلة النداء، التي انتقلت بصفة رسمية، من قيادة ائتلاف السلطة، الى قيادة المعارضة، فهي حاليا الكتلة الأكبر في المعارضة البرلمانية، وهي مطالبة بأقلمة خطابها، وتغيير مضمونه، من خطاب مدافع عن الحكومة، الى خطاب ناقد، قادر على التأثير على الناخبين، لكن هذا المعطى ليس بالامر الهيّن، خاصة وان المعارضة تزخر بالاسماء والأحزاب القادرة على لفت نظر الناخبين, ولها تقاليد خطابية في هذا السياق . سادس المتغيرات، يمكن تلخيصها في فقدان حزب حركة نداء تونس، لكل اليات التأثير في المشهد البرلماني، فبعد ان كانت كتلة الحزب، هي الكتلة المحدّدة لمن يتولى رئاسة الحكومة، وهذا الامر محدّد بنص الدستور، أصبحت خارج كل التوازنات، فغيابها عن الجلسات العامة وقرارها تعليق اشغالها، لم يغيّر شيئا في عمل المؤسسة التشريعية، فتمرير التحوير الوزاري وإمكانية تمرير النصوص التشريعية في ظل مقاطعة كتلة النداء، يجعلها خارج كل الحسابات .