تونس (الشروق) ما يقارب الأربع سنوات، مرّت على عمل البرلمان، طرأت خلالها متغيّرات عدّة على كتلة النداء، فبعد نزيف الاستقالات الذي افقدها صدارة ترتيب المشهد البرلماني، يُنتظر ان ينقلب اصطفافها من دعم الحكومة الى معارضتها. فاز حزب حركة نداء تونس في الانتخابات التشريعية، وكان له الأولى في البرلمان بعدد بلغ 86 مقعدا، وكان النداء صاحب الأغلبية و له الكلمة الفصل في اختيار رئيس الحكومة باعتباره الحزب الاوّل . كان للنداء ما يريد ,وسارت الأمور وفق ما يشتهي، بعد أن تحالف مع حركة النهضة ودخل الحزبان في «توافق « استراتيجي « مكّنهما من التصويت على تشكيلة الحكومة والنصوص التشريعية التي ترسلها للبرلمان . زعامة الترتيب دخل حزب نداء تونس البرلمان ب 86 مقعدا في الجلسة الافتتاحية يوم 2 ديسمبر 2014 ، لكنه لم يستطع المحافظة على هذا العدد، فبعد مرور اقل من سنة بدأت الخلافات تعصف بالحزب والكتلة . خلافات اسفرت عن اعلان 32 نائبا استقالتهم من كتلة النداء، وكان ذلك في شهر نوفمبر 2015 . أصيبت كتلة النداء بنزيف حاد من الاستقالات، جعلها تتراجع في ترتيب الكتل في المشهد البرلماني، وخسرت مكانها لصالح كتلة حركة النهضة التي أصبحت الكتلة الأولى في البرلمان . لكن القائمين على الحزب حاولوا التدارك، ودخلوا في مفاوضات مع عدد من النواب المستقيلين . نزيف الاستقالات ماراطون من النقاشات أثمر بداية عودة عدد من النواب المستقيلين، وكان ذلك في الأشهر الأولى من سنة 2016 ، كما تم فتح باب التفاوض مع عدد من نواب الاتحاد الوطني الحر، لتظهر الكتلة في النصف الثاني من سنة 2016 بشكل اكثر قوة، بعد ان عادت لتزاحم كتلة حركة النهضة على المرتبة الأولى، بعد ان بلغ عدد نوابها 68 نائبا . لم تستطع كتلة النداء الصمود طويلا، وعادت الخلافات الداخلية، لتعصف بها مرة أخرى، بعد ان قررت مجموعة أخرى من النواب الاستقالة في افريل 2017، وأصبحت كتلة النداء غير معنية بالعودة في سلّم الترتيب، خاصة بعد ان قرّر النواب المنسحبون تشكيل كتلة أخرى، سُمّيت بالكتلة الوطنية وذلك في شهر ماي 2017 . مراوحة بين الزيادة والنقصان بقي عدد نواب كتلة نداء تونس منذ تلك الفترة الى الان، بين زيادة، تظهر كلما قرر عدد من النواب المستقيلين الرجوع لها، ونقصان يطفو على السطح، كلما اشتدت الخلافات الداخلية في الحزب او في الكتلة، لكن بقيت كتلة النداء محافظة على المرتبة الثانية الى حد تشكيل كتلة الائتلاف الوطني التي ستدخل معها في مواجهة قريبا . بقي عدد نواب كتلة النداء، ثابتا في الخمسين، كحد ادنى، الى ان قرر مؤخرا ثمانية نواب الاستقالة، وهو ما يجعل هذه الكتلة تفقد عددا اخر من نوابها، ومن المنتظر ان تتراجع حتى في سلّم الترتيب لتصبح الكتلة الثالثة، ان صح مايقوله القائمون على إدارة كتلة الائتلاف الوطني، من احتمال بلوغ كتلتهم الخمسين نائبا . تغيرات سياسية مسيرة طويلة لكتلة النداء، عانت فيها من نزيف الاستقالات اكثر من مرة على امتداد ما يقارب الأربع سنوات، هذه المسيرة الحافلة بالتغيرات من حيث الأرقام، توازيها تغيّرات أخرى من حيث الوجهة السياسية، فهذه الكتلة التي اختارت رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد و رئيس الحكومة الحالية يوسف الشاهد، تغيّر موقفها الان بشكل جذري وأصبحت أقرب الى المعارضة . كتلة نداء تونس، او ما تبقى في الكتلة من نواب، اصطفوا في معارضة بقاء يوسف الشاهد، رئيسا للحكومة ويطالبون بتغييره بشتى الوسائل، و ان بقي الشاهد في منصبه فان كتلة النداء ستدخل الدورة البرلمانية العادية الخامسة، وهي في صف المعارضة، وهو ما يعني انقلابا جذريا في المشهد البرلماني، بحيث تكون حكومة الشاهد مسنودة بكتلتي النهضة والائتلاف الوطني، وفي مواجهة كتلة نداء تونس التي ستتزعم المعارضة باعتبار عدد نوابها، إضافة الى كتلة الجبهة الشعبية و الكتلة الديمقراطية وكتلة الولاء للوطن وكتلة مشروع تونس .