تونس «الشروق» لم تعد التغيّرات في المشهد البرلماني، مجرّد تفاصيل ومتغيّرات رقمية تتعلّق بأحجام الكتل، بل أصبحت كل حركة قادرة على إحداث تغيّر جذري في موازين القوى السياسية داخل مجلس النواب وخارجه. حراك غير مسبوق، يشهده المشهد البرلماني في الفترة الأخيرة، فملامح الكتل النيابية لا تستقر على حال، ممّا يجعل المعادلات والتوازنات السياسية تحت قبة البرلمان، متحوّلة بشكل كبير، بين ائتلاف السلطة والمعارضة. النداء يعود أيّام قليلة مرّت على تمكّن كتلة الائتلاف الوطني من انتزاع المرتبة الثانية من كتلة حركة نداء تونس، بعد ان استقال عدد من نواب النداء واستقروا في كتلة الائتلاف، انقلبت المعادلات مرة أخرى لتعود كتلة النداء الى المرتبة الثانية، وتنزل كتلة الائتلاف الى المرتبة الثالثة. الائتلاف في المرتبة الثالثة بلغت كتلة الائتلاف الوطني في الأيام الماضية، 51 نائبا، وهو مجموع نواب كتلة الائتلاف الوطني ونواب كتلة الاتحاد الوطني الحر، وعدد من النواب المستقيلين من نداء تونس، إضافة الى نواب حزب افاق تونس وبعض النواب المستقيلين من كتلة حزب مشروع تونس، وبهذا العدد من النواب أصبحت كتلة الائتلاف، هي الكتلة الثانية في البرلمان، بعد كتلة النهضة التي تضم 68 نائبا. لكن بقاء كتلة الائتلاف في هذه المرتبة، لم يدم سوى أيام فقط، فقرار رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر، سليم الرياحي، الانصهار في حزب النداء، يجعل من نواب كتلة الاتحاد، وهم 12 نائبا، باستثناء النائب الناصر الشنوفي، ينضمون بشكل الي الى كتلة نداء تونس، التي تضم 39 نائبا، وبالتالي يصبح عدد نواب كتلة النداء، 51 نائبا، وتصبح كتلة النداء في المرتبة الثانية، في حين تتراجع كتلة الائتلاف الى المرتبة الثالثة ب39 نائبا فقط. تغير المشهد هذا التغيّر في المراتب، لا يؤثّر على ملامح المشهد البرلماني فقط. بل يمس بشكل جذري بنيته الهيكلية، فالمعادلة القائمة على أن ائتلاف السلطة الذي يضم كتلة النهضة والائتلاف، يتوفّر على الأغلبية المطلة في البرلمان، باعتبار أن عدد نوابه كان 119 نائبا، أي بفارق 10 نواب على الأغلبية المطلقة، وهي الأغلبية المطلوبة للمصادقة على مشاريع القوانين الأساسية وعلى منح الثقة للحكومة ومنح الثقة للتحوير الوزاري، هذه المعادلة تغيّرت بشكل كلي، واصبح ائتلاف السلطة عاجزا عن توفير الأغلبية المطلة باعتبار أن عدد نوابه يبلغ 107 نواب فقط . تحولات أخرى لا يمكن الإقرار بأن المشهد البرلماني، اصبح ثابتا، بعد هذا التغيّر الجذري، فالاصداء القادمة من كواليس مجلس نواب الشعب، تؤكد انه قادم على تحولات أخرى، لكن يمك ن القول أن التركيبة الحالية لهذا المشهد، تجعل من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، غير قادر على تمرير التحوير الوزاري الذي تحدث عنه كثيرا، إضافة الى ان مشاريع القوانين الأساسية التي يقدمها للبرلمان، مهددة بالسقوط. كُتل برلمانية أخرى يتكون المشهد البرلماني، من كتل برلمانية أخرى، تصطف في خانة المعارضة، وهي كتلة الجبهة الشعبية (15 نائبا) وكتلة الحرة لمشروع تونس (14 نائبا) والكتلة الديمقراطية (12 نائبا) وكتلة الولاء للوطن (10 نواب)، إضافة الى 8 نواب لا ينتمون الى أي كتلة برلمانية .