مَع كلّ تَغيير في وزارة الشّباب والرياضة نُوهم أنفسنا بأن القائد الجَديد سيقلب الأوضاع ويَنهض بهذا القطاع المُهمّ لكنّنا لا نجني في النهاية غير الفشل والكَثير من الجَدل خاصّة أن جلّ الأسماء التي تَحمّلت الأمانة كانت دَخيلة ومُتحزّبة وبلغة أدق لا عَلاقة لها بهذا المَجال المحكوم عليه بالعيش على الهَامش رغم فوائده الصّحية والترفيهية وطَاقاته التشغيلية ومَنافعه التجارية والسياحية والتَرويجية ويَكفي أن نُذكّر بما حقّقه منتخب 78 و»غزالنا الأسمر» محمّد القمودي من إشعاع وإبداع في زمن كانت فيه تونس «شِبه مجهولة». سَبعة وزراء بالتَّمام والكَمال تداولوا على قيادة الوزارة بعد «الثّورة» المَزعومة دون أن تَحدث النّهضة الرياضية المنشودة. وقد وضعت الدولة التونسية ثقتها في الطّبيب والمهندس و»الكَوارجي» والقَاضي والمُحامي دون أن تَتبدّل الأحوال. وبالتوازي مع إلغاء منطق التَخصّص رفعت الدولة أيضا حَاجز الجِّنس وسَلّمت المفاتيح للمرأة التي لها باع وذراع في كلّ الميادين لكن هذا التوجّه لم يُفرز بدوره غير النّدم لأن هذه الخيارات تَندرج في خَانة الشعبوية والحِسابات السياسية ولم تكن تَرتكز على مبدأ الكفاءة والمَقدرة وهما السّلاح الحقيقي القائدات والزّعيمات اللّواتي يُسيّرن مَناصبهنّ بقبضة حديدية كما هو شأن المُستشارة الألمانية «ميركل» والرئيسة الكرواتية «كُوليندا» التي ملأت الدنيا وشغلت الناس على هَامش الكأس العالمية في روسيا. اليوم تُودّع الوزارة عصر ماجدولين الشارني لتدخل حَقبة سنية بن الشيخ وسط أمل ضَعيف لتحقيق الإصلاح وهذا الشّعور «المُتشائم» مردّه التجارب المريرة والفضائح الكبيرة التي عاشتها رياضتنا مع وزراء ما بعد «الثورة» التي لم تدخل بعد أروقة الوزارة. وما على الوزارة إلاّ أن تشمّر عن ساعد الجدّ وتُخلّص شبابنا ورياضيينا من جَحيم الشك حَول قدرة الدكتورة سنية بن الشيخ عن توفير الدّواء لهذا القطاع الذي يَنخره الفَساد ويُدمّره العنف والشّغب ومَعهما غياب المَال وتَفشي «التَسوّل» في صفوف الجمعيات فَضلا عن مشاكل التشريعات القانونية والمُنشآت الرياضية والتشغيل ورياضة النّخبة بما أن العديد من أبطالنا يُواجهون المجهول بسبب صِراعاتهم الأبدية مع وزارتهم حول العقود والفلوس التي عصفت للأسف الشديد ببعض النّجوم مثل بطلنا الأولمبي في التايكواندو أسامة الوسلاتي المَوقوف بسبب المُنشّطات. التّسمية الجَديدة لم تَخل كسابقاتها من التحفّظات والاحترازات وذلك ليس لافتقار الوزيرة لعنصر التَخصّص فحسب وإنّما أيضا بفعل السيرة الذاتية لكاتب الدّولة الجديد أحمد قعلول القادم من جامعة التايكواندو التي تعيش مِثلما ذكرنا حَالة من الفوضى والخَراب كما أن الرّجل سَبقته إلى شارع محمّد علي عقيد ضجّة كبيرة على خَلفية القضايا المُتعلّقة به. هذا التعيين أصبح أمرا واقعا وليس من دَورنا كذلك أن نُحاكم هذا أوذاك وكلّ هَمّنا أن تعمل الوزارة بصدق وأن تُحرّك الأوضاع عبر جملة من الاجراءات العملية لا من خلال الوعود الوَهمية والصّور الدعائية ولابدّ أيضا من الاشتغال بمنأى عن الحسابات السياسية وبَعيدا عن حَرب الزّعامات التي يقودها منذ سنوات رئيس «لجنة المَشاكل» محرز بوصيان ورفيقه في صِناعة الجَدل وديع الجريء. وقد كان هذا الثنائي من أوّل المُهنئين للوزيرة الجديدة سعيا إلى كسب ودّها و»استقطابها» وإذا سَارت الرياح بما لا تَشتهي مصالح اللّجنة الأولمبية وجامعة الكرة فإن بوصيان والجريء سَيُشعلان كعادتهما الساحة كما حصل مع أكثر من وزير مثل بن ضياء والشّارني وطارق. وقد كنّا نَبّهنا الوزيرة المَعزولة من خَطر بوصيان والجريء وقُلنا لها على الملأ إنه لا يُؤتمن لهما جانب وها أنّنا نُقدّم النصيحة ذاتها للوزيرة الجديدة والله ولّي التَوفيق.