بَوادر "حَرب" جَديدة تجتاح الكرة التونسية وهذه "المَعركة" ليست من أجل التمويلات والتَحكيم وأشباه اللاعبين كما حصل بالأمس بين الترجي والافريقي والنّجم بسبب "كُوليبالي" و"كُوم" و"كايتا"... وإنّما "الحَرب" الجَديدة مِحورها البثّ التلفزي للمُقابلات التي لم نَعد نَعرف هُوية المُتحكّم في نقلها على المُباشر خاصّة بَعد الجَدل الكَبير الذي رافق "حَجب" لقاء أمس الأول بين القيروان والترجي. وكان من المُنتظر أن تكون هذه المُقابلة ضِمن البرمجة التلفزية لجولة أمس الأول غير أن جَماهير الناديين وجدوا أنفسهم في التَسلّل وهو ما أثار غَضبا عَارما وفتح باب الاتّهامات خاصّة أنّ الأعذار التي قدّمتها القَناة الوطنية قد لا تُقنع النّاس. وأكدت الرّوايات القادمة من القناة الوطنية - وهي الشَّريك التاريخي والأهمّ للجامعة - أنها خَيّرت نقل لقاء قابس وبنزرت و"ضَحّت" بمباراة القيروان اعتمادا على مقياس الترتيب الذي يُرجّح كفة "البنزرتية" بما أنهم دخلوا جولة جولة الاحد وهم في المركز الأوّل مُناصفة مع "الصفاقسية". والحقيقة أن هذه الحُجّة تبدو ضَعيفة وقد يَتساءل البعض عن الطريقة التي كانت ستتّبعها "التلفزة الأم" لو أن الصّدارة كانت مَقسومة بين ثلاث أوأربع جمعيات. فهل أن القناة النَاقلة ستعتمد في هذه الحالة على المواجهات المُباشرة أم على فارق الأهداف أم على القُرعة لإنتقاء المباريات التي ستتمتّع بالتغطية التلفزية على المُباشر. الخطير في الأمر أن النقل التلفزي لبعض المُباريات وتَغييب البعض الآخر يفتح باب التَخمينات والتأويلات. فقد يُخيّلُ لبعض الجِهات أن هذه التوجهات تُلاحقها تُهمة مُجاملة ومُحاباة جمعيات وجِهات بعينها. ويذهب البعض أكثر من ذلك ليؤكدوا أن "أياد خَفية" تتحرّك خلف السّتار من أجل "التَعتيم" على بعض المواجهات من خلال عدم نقلها على المباشر وغلق الباب أيضا على جَماعة "المَافيولا" الذين "حَكم" عليهم رئيس الجامعة بعدم الخوض في اللقطات التحكيمية المُثيرة للجدل ما لم تكن المشاهد المُتنازع عليها ضمن المباريات المنقولة على المُباشر وهو ما يعني أن الجمعيات المعنية مُعرّضة للعِقاب مَرتين: عدم نقل مقابلاتها على المُباشر مع حِرمانها من إبراز "الظلم" الذي قد يَلحقها من بوّابة الفقرة التحكيمية لبرنامج "الأحد الرياضي". ومن المعروف أن تلفزتنا الوطنية تقوم بمجهودات "خُرافية" لتغطية المُباريات الرياضية مُراعية في ذلك مبدأ "المساواة" ولو أنها حلم مستحيل بالنظر إلى هيمنة "الكبار" بفضل ثِقلهم الكروي والجَماهيري والاعلامي وحتّى التجاري (الاعتبارات المُتعلقة بالاشهار التلفزي). التلفزة مشكورة طبعا على اجتهاداتها ومَجهوداتها لكنّها مُطالبة بالتخلص بصفة فورية من "الوِصاية" التي تُحاول جامعة الجريء مُمارستها على البرمجة الرياضية سِلاحها في ذلك التسهيلات والامتيازات التي تمنحها للقناة الناقلة سواء على مستوى تغطية مباريات البطولة والكأس أوأيضا على صعيد أنشطة المنتخبات الوطنية (كما حَصل في المُونديال الذي احتلّ أثناءه الجريء ومعلول شاشة الوطنية ليكذبا على الشّعب). ولاشك في أن "المُلاحظ الذكي" للتقلبات المثيرة التي شهدتها علاقة الجريء بالتلفزة الوطنية ومنشط "الأحد الرياضي" رازي القنزوعي سيتفطّن بسهولة إلى "سياسة المُسايرة" التي أصبحت تَنتهجها "القناة الأم" في سبيل تأمين المادة الرياضية دون الدخول في "مَعارك" جديدة مع الجريء الذي يَتناسى للأسف بأن المجموعة الوطنية تدفع ثلاثة مليارات أويزيد من أجل الفُرجة على "بطولته" الضَعيفة والعَنيفة. وما يعنينا من كل هذا أن تنقل التلفزة "المنتوج الكروي" بحيادية تَامّة وبمنأى عن "ألاعيب" الجَامعة التي تُريد وضع يدها على الجمعيات والبث التلفزي للمقابلات والتَحكيم وحتّى الإعلام الذي لم يسلم من مُحاولات "التدجين". وَنقف طبعا في صف كلّ الجمعيات المَطالبة بحقها المادي والمَعنوي في ملف البث الثلفزي ونرفض في المقابل الخطاب القائم على منطق "الجِهويات" خاصّة أن الأمر يتعلّق بلعبة "مَاسطة وفَاسدة" وسيكون من المُخجل أن نسمح لأصاحبها ببث التَفرقة بين أبناء الوطن الواحد.