يوم أمس كان يوما من الفوضى العارمة في كل المدارس الإعدادية والمعاهد والسبب قرار الامتناع عن إجراء امتحانات الأسبوع المغلق للثلاثية الأولى. الأولياء تم التشويش على كل برامجهم والتزاماتهم وقد تشتتوا بين الرغبة في إجراء أبنائهم امتحاناتهم وبين صدمة امتناع الأساتذة عن إجراء هذه الامتحانات... أما التلاميذ فحدّث ولا حرج. فقد تهاطلوا على معاهدهم ممنّين الأنفس بتغلب صوت العقل والحكمة وبإقبال الأساتذة على إجراء الامتحانات وخوض نضالاتهم من أجل ما يرونه حقوقهم الشرعية بأساليب ووسائل أخرى. لكنهم صدموا بالحقيقة المرة ما دفع الكثيرين منهم إلى التعبير عن غضبهم ورفضهم أن يكونوا رهائن لدى نقابة الثانوي أو وقودا في صراع مفتوح بين الوزارة والنقابة. وحتى التعهّد بأن يكون الأسبوع المغلق المخصص مبدئيا للاختبارات أسبوع دراسة عادي فلم يتم الالتزام به ليجد مئات الاف التلاميذ أنفسهم خارج المؤسسات التربوية ولتتعمق حيرة الأولياء على فلذات أكبادهم. لا أحد يجادل في حقوق الأساتذة ولا في أحقية النقابة في تبني هذه الحقوق والمطالب والدفاع عنها لكن الجدال يذهب إلى الطريقة التي يجري بها الدفاع عن هذه المطالب. وفي هذا الباب فإن اللجوء إلى الحلّ السهل المتمثل في الامتناع عن إجراء الامتحانات أو حجب أعدادها في مسعى ظاهر للي ذراع الوزارة وإجبارها على الخضوع إلى كل الطلبات حتى وإن كانت فوق إمكانات الوزارة والبلاد عموما يعد من باب التعجيز أولا... ومن باب الزج بالتلاميذ والأولياء في صراع لا ناقة ولا جمل لهم فيه ثانيا. صراع يتخذون فيه وقودا لمعركة ليسوا طرفا فيها وتخص طلبات الأساتذة وإمكانات الوزارة، ومادامت الطلبات تتكرر كل عام والهزّات والأزمات تجد لها مكانا كل عام بما يدخل الكثير من الاضطراب ومن عدم الاستقرار على العملية التربوية برمتها فلماذا لا يتم اللجوء إلى أساليب نضالية أخرى تمكن الأساتذة من إيصال أصواتهم والدفاع عن حقوقهم دون الإضرار بحقوق التلاميذ والأولياء وكذلك بحق البلاد في أن يتلقى أبناؤهم، رجال الغد، التنشئة اللازمة في ظروف مستقرة وسليمة تمكّن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه ومن تحقيق الجدوى المرجوّة من التحصيل العلمي برمته. ففي الأصل يحتاج التعليم بما يعرفه من إشكالات ونقائص وبما يلحقه من دمارات بالتلاميذ والطلبة إلى إصلاح جذري عاجل وسريع لعلنا ننجح في وقف دوامة التسرّب الذي يعصف كل عام بأكثر من 100 ألف تلميذ.. ولعلنا نداوي بعض علل وهنات برامجنا التعليمية ونجعلها مواكبة لما يشهده هذا المجال الحيوي من إصلاحات وثورات متواصلة على الصعيد العالمي. من حق الأساتذة الدفاع عن مطالبهم لكن بأساليب أخرى، ومن حق البلاد عليهم ومن حق شعبهم عليهم وهم طليعة البلاد المثقفة والواعية والحريصة على مستقبل البلاد الذي يمر عبر تأمين مستقبل تلاميذها أن يتأملوا جيدا في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد والتي تدعو إلى شيء من المرونة من طرفهم ومن طرف الوزارة لإنهاء هذا الكابوس المزعج لكل التونسيين.