الشروق مكتب الساحل: لا تزال الأزمة بين أصحاب المؤسسات الصناعية والشركة التونسية للكهرباء والغاز تلقي بظلالها، خاصة أنّ الحكومة لم تتحرك رغم مرور أسبوعين من إصدار الاتحادات الجهوية للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بيانات تؤكد فيها رفضها مبدأ زيادة تعريفة فواتير الكهرباء. ولم يتوقف الأمر عند إصدار البيانات وتبدو الأمور متجهة نحو مزيد من التصعيد، حيث عقد رؤساء الاتحادات الجهوية للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بسوسة والمنستير والمهدية وصفاقس ونابل وزغوان والقيروان وسيدي بوزيد ندوة صحفية بمقر الاتحاد الجهوي بسوسة لإطلاق صيحة فزع بعد صمت الحكومة وعدم تفاعلها مع تلك البيانات وعدم تدخلها لحل الأزمة قبل أن تتفاقم. زيادة عشوائية وأوضح رئيس الاتحاد الجهوي بسوسة علي بن يحيى أنّ الزيادة الأخيرة التي أقرتها الشركة التونسية للكهرباء والغاز تُعتبر زيادة عشوائية وغير قانونية مشيرا إلى أن أصحاب المؤسسات تقبلوا الزيادات السابقة التي صادق عليها البرلمان وامتثلوا للاتفاقات الخاصة بالزيادة في الأجور وتفاقمت الضغوط على مؤسساتهم التي أصبحت غير قادرة على الوفاء بتعهداتها. وأكد بن يحيى أنّ أصحاب المؤسسات، وخلافا لما أشيع، لم يعلنوا مقاطعة خلاص فواتير الكهرباء بل إنهم يرفضون منطق التهديد بقطع التيار الكهربائي على مؤسساتهم معتبرا أن المتضرر الأول من مثل هذه الإجراءات سيكون المواطن. وتابع بن يحيى قوله «تمنينا لو أنّ الدولة قاومت المهرّبين والمتهرّبين لأن هذا سيكون أجدى من مقاومة المؤسسات المقنّنة والمهيكلة التي تواظب على دفع الأداءات». وأشار رئيس الاتحاد الجهوي بصفاقس أنور التريكي في السياق ذاته إلى أنّ مديونية المؤسسات العمومية تجاه الدولة بلغت 1300 مليار، غير أنّ الدولة لم تستخلص سوى 400 مليار، متسائلا عن سبب الضغط على المؤسسات الخاصة ومعتبرا أنّ هذه الطريقة لا تشجع على الاستثمار. النقابات على الخط وقال التريكي إنّ شركة الكهرباء والغاز باشرت قطع التيار الكهربائي عن بعض الشركات في صفاقس بدعم من النقابات، متسائلا «ما دخل اتحاد الشغل وما مكاسبه من هذه المسألة؟» لكنه أكد أن «شركة الكهرباء والغاز شريك للمؤسسات الصناعية وكلّنا نعمل من أجل مصلحة البلاد». وحذّر رؤساء الاتحادات الجهوية من تدخل اتحاد الشغل في هذه الأزمة ودفعها إلى مزيد من التوتر مشيرين إلى رفضهم تدخل أي طرف نقابي او حزبي للركوب على الأحداث واستغلال هذه الأزمة. وقال رئيس الاتحاد الجهوي بالمنستير عادل تقية «نطلب بكل لطف أن ينأى الاتحاد بنفسه عن هذه الأزمة، فنحن ندافع عن المؤسسة وديمومتها». أين وزارة الطاقة؟ وأكد تقية غياب طرف محاور منذ اندلاع الأزمة متسائلا «أين وزارة الطاقة؟» ومعتبرا أنّ إلغاء وزارة الطاقة خلال التحوير الوزاري الأخير ينم عن نية مبيتة نرى نتائجها اليوم على أرض الواقع» موضحا أنّ رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول التقى وزير الصناعة وطلب جدولة المتخلد بذمة المؤسسات الصناعية تجاه شركة الكهرباء والغاز، لكن الاتحاد لم يتلق إجابة إلى حد الآن». وحذّر تقية من أنّ تداعيات هذه الأزمة سيدفع ثمنها المواطن بالدرجة الأولى، قائلا «نحن نتحدث عن مؤسسات صناعية كبيرة كشركات الآجر والحديد والنسيج، أي أن أي إجراء بتعطيل الإنتاج عبر قطع التيار الكهربائي سيؤدي إلى ارتفاع كلفة الإنتاج وبالتالي ارتفاع ثمن المنتوج». وأكد رئيس الاتحاد الجهوي بالمنستير أنّ مصداقية تونس في الميزان بما أن هناك عقودا جديدة أُبرمت مع حرفاء أجانب ولا بد من التعهد بما جاء فيها، مضيفا أنّ «المؤسسة تعاني من الجباية والمراقبة المستمرة، فلماذا لا يراقبون إلا المؤسسات المنظمة في حين أن القطاع الموازي يشتغل بلا حسيب ولا رقيب». وذهب تقية إلى حدّ القول إن «لدينا قناعة اليوم بأن هناك مسعى للقضاء على القطاع المنظم حتى يشتغل القطاع الموازي وبالتالي ينتعش التهريب وما تبعه... نحن نريد مسؤولا نحاوره، نريد استقطاب أصحاب الشهادات العليا وتشغيل الشباب في حين ان هناك من يريد تدمير المؤسسات، وإذا تواصل الأمر على هذا النحو سنضطر إلى غلق مؤسساتنا». وأشار رؤساء الاتحادات الجهوية المجتمعون إلى أن الخطوة القادمة ستكون اللجوء إلى القضاء، وهو ما تم فعلا في بعض الجهات، وأنّ قرار غلق المؤسسات سيكون الحل الأخير داعين الحكومة إلى التحرك وفتح باب التفاوض قبل الوصول إلى ذلك الحل أو القيام بأية خطوة أخرى.