تونس (الشروق) تزايد حجم الاعتداءات بالعنف على المربين خلال السنوات الاخيرة ليبلغ 1200 اعتداء في 3 سنوات. ويبدو أن الازمة التي يعيشها التعليم حاليا ومقاطعة الاساتذة للامتحانات رفعت في منسوب العنف بأشكاله المختلفة حتى ان وزير التربية حاتم بن سالم دعا في تصريح لاذاعة "موزاييك" الى عدم التهجم على الأساتذة والاعتداء عليهم وتشويههم واحترام كرامة المربي ورمزيته . من اللفظي الى الجسدي حالات عديدة للعنف ضد المربين تناولتها وسائل الاعلام. ولعل آخرها أستاذ تعليم ثانوي في الكاف تعرض الى اعتداء في مستوى الرأس كاد يودي بحياته لأنه اتخذ إجراءات تأديبية ضد تلميذ تجاوز حدوده داخل القسم. وأطلقت نقابات التعليم صيحة فزع بسبب تفشي ظاهرة العنف والاعتداءات المسلطة ضدهم من قبل الأولياء والتلاميذ وقال نبيل الهواشي كاتب عام التعليم الأساسي إن العنف ضد المربين انتقل من العنف اللفظي الى العنف الجسدي بوسائل أحيانا قاتلة. وطالب بضرورة تطويق الظاهرة . عوامل متعددة عديدة هي الأسباب التي أدت الى تفشي الاعتداء على المربين لتتحول الى ظاهرة ببلادنا تحتاج الى الإسراع في إيجاد وصفة للعلاج. وحتى ننتقل الى مرحلة إصلاح المنظومة لابد من تنقية أجواء الوسط التربوي وإعادة الثقة في المؤسسة التربوية والمربي في آن واحد. وهنا تكمن مسؤولية المربي وسلطة الإشراف والأولياء. فالمربي مطالب بالقطع مع سياسة الكيل بمكيالين مع التلاميذ ومع من يتلقى الدروس الخصوصية خارج اطار الدرس هو المفضل والمبجل في القسم والاكثر حظوة في الحصول على الاعداد الجيدة وتغيير مقاييس التقييم من الاجتهاد والعمل الى من انت؟ وماذا يمتهن والدك ؟ كما لابد من تغيير أسلوب التعامل والقطع مع استعمال الالفاظ العنيفة والمهينة مع التلميذ أمام زملائه (ياحيوان مثالا) وفي نفس السياق يجب أن يهتم المربي و(المربية) بمظهره بأن يكون أنيقا ومتناسقا وليس مجنونا بالموضة حتى وإن كانت غير محترمة على غرار السراويل الممزقة ومنشور الوزارة منع هذه الملابس على التلاميذ بينما بعض المربين يرتدونها بينما يفترض أن يكونوا قدوة . وبالنسبة الى سلطة الاشراف لا بد أن تسهر على تفعيل القانون الذي يجرم الاعتداء على المربين للردع والحد من الظاهرة لا أن تدين الاستاذ وتحمله المسؤولية على خلفية أنه لا يحسن التعامل مع التلاميذ وكيفية تسيير الدرس وليست لديه القدرة على تجنب الاستفزاز. أما الأولياء وهم ركيزة أساسية في الحلقات المترابطة لعلاج الظاهرة فلابد أن يعوا أن شيطنة المربي أمام ابنائهم هي بمثابة الرصاصة القاتلة لتعليمهم. اذ أن أصل التعلم هو الانصات الجيد وهذا لا يحدث الا بالاحترام لذلك يشكو المربي اليوم من حالة الهيجان التي يؤتيها التلاميذ وعدم قدرته على ايصال المعلومة جراء الضوضاء والصخب داخل القسم كما نعيب على بعض الاولياء عدم احترام المربين وتعنيفهم لفظيا او جسديا أحيانا لأن المربي يعلم ابناءنا والمثل يقول من علمني حرفا صرت له عبدا فماذا لو كان هذا الذي يتعلم هو فلذة الكبد ؟. من أروع ما قيل في المربي قُمْ للمعلّمِ وَفِّهِ التبجيلا كادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي يبني وينشئُ أنفساً وعقولا سبحانكَ اللهمَّ خيرَ معلّمٍ علَّمتَ بالقلمِ القرونَ الأولى أخرجتَ هذا العقلَ من ظلماتهِ وهديتَهُ النورَ المبينَ سبيلا وطبعتَهُ بِيَدِ المعلّمِ ، تارةً صديء الحديدِ ، وتارةً مصقولا أرسلتَ بالتوراةِ موسى مُرشداً وابنَ البتولِ فعلَّمَ الإنجيلا وفجرتَ ينبوعَ البيانِ محمّداً فسقى الحديثَ وناولَ التنزيلا علَّمْتَ يوناناً ومصر فزالتا عن كلّ شمسٍ ما تريد أفولا واليوم أصبحنا بحالِ طفولةٍ في العِلْمِ تلتمسانه تطفيلا أحمد شوقي شيخ من شيوخ التربية والتعليم ل«الشروق» نعيب زماننا والعيب فينا قال المربي محمد العلاني وهو شيخ من شيوخ التربية والتعليم وخبرة 40 سنة في التدريس :"يصدق القول ( نعيب زماننا والعيب فينا) والأسئلة لا أقول الحارقة بل المضنية مازالت ولاتزال تطرح : أين معلم الزمن الجميل ؟ هل فرط المعلم في مكانته الرائدة تربويا ؟ أم وراء هذا أسباب تتعلق ب: البرامج ومواكبتها لتطور المجتمع ' والأولياء ' والتلاميذ والإعلام ؟ وأضاف لنضع الاصبع على مكمن الداء ولنكن صرحاء حتى نعيد قول الشاعر "قم للمعلم وفه التبجيلا" لنفتح الملف ولتكن جريدة "الشروق" هي التي تشرق منها شمس الحق والصراحة ويكفي القول هاهو الداء فلنقل أين الدواء في زمن ندر فيه الدواء؟ وأتوجه بسؤال الى المربي: «كيف أعلمه وهو لا يحبني؟» مشيرا الى أن الكتب ايضا بمستعمليها . ودعا الى مراجعة طريقة تعامل المعلم مع التلاميذ وتطوير البرامج وحسن توظيف المعلومة والقطع مع النزعة المادية وشبح الدروس الخصوصية. مليونان و121 ألفا هو عدد التلاميذ بين الابتدائي والإعدادي والثانوي في تونس 350 اعتداء في الثلاثي الأول في 2015 151 ألفا عدد المربين في تونس بين معلمين وأساتذة 1200 اعتداء على المربين في السنوات الثلاث الأخيرة 10 اعتداءات بالعنف على الأساتذة والمعلمين في الشهر الواحد 6107 مؤسسات تربوية ببلادنا موزعة بين الابتدائي والإعدادي والثانوي