بينما تستعدّ المؤسسات التربوية خلال هذا الأسبوع للامتحانات، تعاني مؤسسات تربوية أخرى من اضطرابات وانفلاتات وظواهر غريبة عن مجتمعنا وعن معتقداتنا. من هذه المظاهر مايزال يعيش المعهد الثانوي بالكرم علي وقع حادثة غريبة أوقفت السير العادي للدرس طيلة الفترة الماضية. وحول هذه الحادثة ذكر السيد نجيب السلامي كاتب عام مساعد للنقابة العامة للتعليم الثانوي أنّ أحد التلاميذ طلب خلال الأسبوع الماضي من أستاذته أن تقطع الدرس لأداء صلاة العصر وهي مسألة رفضتها الأستاذة فما كان من التلميذ إلا أن اعتدى على أستاذته لفظيا كما اعتدى لفظيا على القيم العام والمدير ممّا استوجب طرده نهائيا من المعهد.
هذا القرار جعل المعهد يقوم ولا يقعد، إذ رفض التلاميذ هذا القرار وطالبوا بارجاعه للمعهد، وأضاف السلامي أنّ بعض العناصر من خارج المعهد تدخلوا لتحريض التلاميذ على توقيف الدروس والتضامن مع زميلهم... وتنظر حاليا الادارة الجهوية للتعليم في حلول لاعادة السير العادي للدرس خاصة وأننا على أبواب امتحانات.
وفي حي التضامن
للأسف ليست هذه الحادثة فريدة من نوعها في المؤسسات التربوية ذلك أنه يوم الجمعة قبل الفارط عاش معهد العهد الجديد بحي التضامن حادثة أخرى غريبة ومشابهة ذلك أن تلميذ في الباكالوريا سأل أستاذة التربية التشكيلة هل الرسم حرام؟!
فأجابته بأنها لا تملك صلاحيات الافتاء في المسائل الدينية وطلبت منه تغيير الشعبة إذا ما كان غير مطمئن لهذه المادة خاصة وأنها مادة اختيارية.
فواصل سؤالها إن كانت تصلي ثم سألها لماذا لا تلبس الحجاب؟!
ولمّا نبّهته الى أنه يتدخل في خصوصياتها هاج وقلب الطاولة في القسم واضطرت للاستنجاد بالأمن للخروج من المعهد!؟
... والموسيقى حرام
وفي قابس حادثة مماثلة حصلت لأستاذة موسيقى واعتبر التلاميذ أن هذه المادة حرام؟!
وليّة تعتدي على أستاذة
وفي حي الخضراء اعتدت وليّة لفظيا على أستاذة بالكلام البذيء مما استوجب تدخل الأمن لاخراج الأستاذة من المعهد ممّا جعل الأساتذة ينظمون وقفة احتجاجية ذلك أن هذه الحادثة ليست الوحيدة، بل متكرّرة.
وعموما أصبح جلّ المربين يخشون على حرمتهم الجسدية اثر مظاهر العنف والتوتر التي تعيشها المعاهد.
حلول؟ وحول الحلول المقترحة يرى كاتب عام مساعد نقابة التعليم الثانوي أنه على وزارة الاشراف والداخلية تأمين المؤسسات التربوية من الاعتداءات التي تأتي من خارج المؤسسة لضمان حرمة هذا الفضاء، وعلى المستوى البعيد لا بدّ من إعادة تركيز الأنشطة التربوية والتثقيفية (نوادي أدب وشعر وفن) داخل وخارج المؤسسات التربوية لتثقيف التلاميذ ومقاومة التعصّب والعنف، الى جانب اصلاح المنظومة التربوية التي شملها الفساد علما وأنّ هذا الاصلاح لا بدّ وأن تشارك فيه كل نقابات التعليم والأولياء والمجتمع المدني والأحزاب.
ولاحظ أنه بعد الثورة شهدت تقريبا كل المعاهد والاعداديات حوادث عنف سواء من داخل أو خارج المؤسسة، لذلك لا بدّ من علاج هذه الظاهرة الخطيرة.
رأي الدين؟
عديدة هي مظاهر العنف في المؤسسات التربوية التي نشأت باسم الدين. «الشروق» اتصلت بالسيد ابراهيم الهادفي كاتب عام المجلس الاسلامي الأعلى (سابقا) لتسأله عن رأي الدين في قطع الدرس لأداء الصلاة وتحريم بعض المواد، فأجاب بأن الدين يحرض على كل أنواع العلوم ما لم تمسّ بالأعراض والأحكام الشرعية من ذلك الرياضة والموسيقى والشعر والرقص.
كما لاحظ أنه من كان يعمل في مهنة أو عمل عليه أن لا يترك ما يقوم به لأداء الصلاة، بل يؤديها في ما بعد مثل سائق الطائرة أو الجرّاح أو التلميذ أو الجندي فوقت الدرس وتحصيل العلم ثمين ثم يؤدي صلاته. ولاحظ أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم والصحابة اضطروا في مرات الى قضاء الصلاة للضرورة.
وأضاف أن مذهبنا المالكي يحث على التسامح والكلمة الطيبة والاعتدال، لكن هناك حركة وهابية مستوردة تقوم حاليا في تونس بنشر ثقافة اسلامية متشدّدة لا تنسجم وعقلية التونسي الذي يقبل الاختلاف وينهى عن المنكر بالحكمة والكلمة الطيبة وليس بالعنف... ودعى السلط التنفيذية للتحرك لصدّ هذا السلوك العنيف الخارج عن مبادئ ديننا الحنيف.