تونس- الشروق- إعداد: قسم الشؤون السياسية 1- السبسي يُواصل استعادة زمام المبادرة شهد الأسبوع المنقضي نشاطا مكثفا لرئيس الجمهورية، الرسمي وغير الرسمي، بشكل بدا واضحا وأنّه في طريقه لاستعادة زمام المبادرة السياسية بعد أن أصبح مقصدا للكثير من الأطراف، فقد التقى بداية الأسبوع بسمة بلعيد والمحامي علي كلثوم في تنشيط جديد لورقة الضغط على حركة النهضة بسلاح الجهاز السري، كما التقى السبسي كلا من سعيد العايدي ومدير ديوانه السابق سليم العزابي في ما يروّج بأنّه انفتاح لباب الوساطة بينه ورئيس الحكومة، لكن يبدو ممّا رشح من الكواليس أنّ رئيس الجمهورية ما يزال متمسّكا بموقفه في إقالة يوسف الشاهد من منصبه على رأس الحكومة، وذكرت مصادر مطّلعة على خفايا القصر أنّ السبسي لن يقبل أي وساطة ولا توجّه لتسويات جديدة تساهم في تنقية المناخ قبل تقديم الشاهد استقالته أو رفع حركة النهضة يدها عنه. وفي هذا السياق أنهى رئيس الجمهورية أسبوعه ، بإشرافه على افتتاح معرض لاعمال عبد العزيز القرجي وايضا بلقاء عدد من متساكني المدينة العتيقة، وهي أوّل زيارة للسبسي للمدينة العتيقة ليلا منذ أربع سنوات، بما جعل كثيرا من المتابعين يحملون تلك الزيارة معاني كثيرة خاصة وأنّ السبسي قد أذن بالإسراع في تعهّد الوضعيات الاجتماعية لعدد من متساكني المدينة العتيقة، وكان رئيس الدولة مرفوقا بوالي تونس الشاذلي بوعلاق وبشيخة مدينة تونس سعاد عبد الرحيم. وكشفت مصادر للشروق أنّ رئيس الجمهورية استثمر الزيارة الاخيرة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإطلاق مبادرة للصلح والوساطة بين قطر والسعودية، وعلى الارجح فإنّ دعوة الدوحة للمشاركة في القمة الخليجية فاتحة لتلك المبادرة التي تؤكّد الفاعلية والحظوة التي يلقاها السبسي. 2- هجرة جماعيّة إلى قطر تأكّد للشروق أنّ الدوحة عاصمة قطر كانت وجهة لعدد من السياسيّين التونسيّين، وتضم القائمة بحسب مصادر عليمة كلا من راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وحافظ قائد السبسي رئيس الهيئة السياسية لنداء تونس والرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي، وفي الوقت الذي اشارت فيه مصادر متطابقة الى أنّ المرزوقي والجبالي يبحثان بشكل جدي عن دعم قطري في سياق تعبيرهما الاثنين عن عزمهما الترشّح للانتخابات الرئاسية القادمة، فإنّ الاخبار تضاربت حول حقيقة قيام الجانب القطري بوساطة بين الغنوشي والسبسي الابن وأنّ مساعي قطرية تدفع بكل قوّة لتحقيق مصالحة بين الطرفين واعادة العلاقة بينهما كما كانت في السابق. وأكّدت مصادر للشروق أنّ السبسي الابن قبل بمبدأ تقديم الاعتذار لرئيس حركة النهضة عمّا بدر منه ومن بعض قيادات النداء تجاهه وتجاه حركة النهضة. 3- النهضة في الصدارة أظهر سبر آراء أجرته مؤسسة سيغما كونساي لشهر نوفمبر 2018، أنّ حركة النهضة تتصدر نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية المقرر اجراؤها نهاية العام المقبل ب 36.1%. وكشف سبر الآراء أن نداء تونس احتل المرتبة الثانية ب 29.8% ثم الجبهة الشعبية ب 6.7% يليها التيار الديمقراطي ب 5.6% في حين تحصل الحزب الدستوري الحر على 4%. يشار إلى أن العينة التي شاركت في سبر الآراء من 29 نوفمبر 2018 إلى 06 ديسمبر 2018، تتكون من 742 تونسيا تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر تم تصميمها وفق طريقة ‹›QUOTAS›› حسب الفئة العمرية، الولاية، الوسط الحضري أو الريف. وتفاعلا مع سبر الاّراء المذكور دوّن عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس شورى النهضة: « رغم الأكاذيب والمغالطات وحملات التشويه تتصدّر حركة النهضة اليوم نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية 2019 واثبتنا مرّة اخرى اننا حزب الشعب وانّ المواطن التونسي واع وذكي وسنفاجئهم بمواصلة العمل لإنجاح الانتقال الديمقراطي وتحسين ظروف التونسيين وارساء العدل والحرية والعدالة الاجتماعية وإزالة كل أشكال الظلم والفساد». 4- فقدان السند السياسي اعتبر رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال افتتاح الدورة الثالثة والثلاثين لأيام المؤسسة أن الحكومة وحتى الحكومات السابقة المتعاقبة لم يكن لديها السند السياسي اللازم للقيام بالإصلاحات. وقال الشاهد إن الإصلاحات تحتاج إلى تفويض ديمقراطي، ولكن ما نراه اليوم أن أحزابا تعد الناس بكل شيء إلا بالإصلاحات، ولا تقول لهم إن الإصلاحات صعبة وموجعة ومكلفة، لذلك يجب الابتعاد عن الشعبوية ومصارحة المواطنين بالإصلاحات الهيكلية الضرورية. وأكد الشاهد أنّ الحكومة، رغم الصعوبات وضعت برنامج إصلاحات عاجلة مرتبطة بتحديين اثنين، الأول يخص التحكم في العجز في الميزانية، وقد نجحنا في الحد من هذا العجز من 7.4 % في أوت 2016 إلى 4.9% في موفى السنة الحالية، أما التحدي الثاني فهو تحدي دفع النمو، وقد عرفنا تحسنا ملحوظا من 0.6 % في الثلاثي الأول من سنة 2016 إلى 2.6 % في الثلاثي الثالث من 2018. شعور يوسف الشاهد بفقدان السند السياسي عجّل على ما يبدو بخطوات الإعلان قريبا عن تشكيل حزب سياسي جديد انتهى اليه اجتماع المساندين لرئيس الحكومة من النواب والوزراء والشخصيات السياسية والوطنية الداعمة له، حيث ينتظر رسميا الإعلان عن الحزب الجديد في غضون أسبوع او عشرة ايام كما اكّدت ذلك النائبة زهرة ادريس أحد كبار المساندين للمشروع السياسي للشاهد. 5- العدالة الانتقالية في مهبّ التجاذبات كانت العدالة الانتقالية أحد أهم محاور الجدل السياسي والبرلماني طيلة الأسبوع المنقضي، وكان صندوق الكرامة المعني بجبر ضرر الضحايا وإسناد التعويضات للمتضررين من الانتهاكات موطن خلاف عميق، بين رافض ومستهجن للأمر مطالب بإلغاء هذا الصندوق وإيقاف أعماله وبين متمسّك به من باب قطع خطوة في مسار العدالة الانتقالية. فقد رفضت لجنة المالية بمجلس النواب مقترحين يقضي الأول بحذف صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد (مقترح نداء تونس) وينص الثاني على إيقاف مساهمات الدولة للصندوق لسنوات 2019 و2020 و2021 (مقترح كتلة الإئتلاف الوطني). يذكر أنّ رئاسة الحكومة كانت نشرت بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية الأمر الحكومي عدد 211 لسنة 2018 المؤرخ في 28 فيفري 2018 والمتعلق بضبط طرق تنظيم صندوق الكرامة وردّ الاعتبار لضحايا الاستبداد وتسييره وتمويله، وذلك تطبيقا لأحكام الفصل 41 من القانون الأساسي للعدالة الانتقالية، وينص الأمر في فصله الثالث "ترصد اعتمادات من ميزانية الدولة عند فتح الصندوق في حدود 10 مليون دينار"، على أن تتكون موارده من نسبة من الأموال الراجعة لميزانية الدولة والمتأتية من تنفيذ القرارات التحكيمية الصادرة عن لجنة التحكيم والمصالحة وتضبط هذه النسبة بقرار من رئيس الحكومة ومن الهبات والتبرعات والعطايا غير المشروطة وكل المصادر الأخرى التي يمكن رصدها لفائدة الصندوق طبقا للتشاريع الجاري بها العمل. 6- أزمة التعليم الثانوي تواصلت على مدار الاسبوع المنقضي المناكفات بين وزارة التعليم العالي ونقابة التعليم الثانوي، وسط تبادل للاتهامات ورمي للكرة بين الجانبين، في وقت تتعطّل فيه المنظومة التربوية في المعاهد والمدارس الإعدادية عن اداء المطلوب منها من اختبارات لابنائنا التلاميذ، وقد ألقى هدا الوضع بالكثير من القلق والحيرة لدى غالبية العائلة والاسر التونسيّة، وقد عجزت النخبة عن ايجاد مساحة تلاق بين الطرفين كما كان لافتا غياب رئيس الحكومة والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل عن الواجهة في وقت عصيب يُنذر بتفاقم مظاهر الاحتقان الاجتماعي خاصة في ظل ما شهدته بعض مناطق ولاية سيدي بوزيد من مواجهات بين قوات الامن والمواطنين مع اقتراب موجة غضب الشتاء المعتادة والمألوفة. 7- الخلاصة: مأزق وبداية البحث عن حلول كان دون منازعة أسبوع تعاظم الشعور بوقوع الحياة الوطنية في مأزق حقيقي وارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي والتوتّر وتصاعد لهجة التحدي بين الحكومة وأهم نقابة، ولكنّه ايضا كان أسبوع مساعي تحريك المياه الراكدة والانطلاق، وان بعيدا عن الأضواء، في بناء مبادرات لتنقية المناخ السياسي وبدء مسار تفاوضي جديد بين الحكومة واتحاد الشغل لنزع فتيل الأزمات الماثلة وعلى رأسها أزمة التعليم الثانوي. وهذا ما يُنتظر الشروع فيه غدا بلقاء بين الحكومة والطرف النقابي في اجتماع رفيع المستوى، ويُنتظر أيضا أن يستكمل أيضا بإعلان مبادرات سياسيّة.