انطلقت مساء السبت بقاعة الأوبرا بمدينة الثقافة فعاليات الدورة العشرين لأيام قرطاج المسرحية بإشراف الدكتور محمد زين العابدين وزير الشؤون الثقافية وبحضور عدد من السفراء والمسرحيين وجمهور محترم. السمة البارزة لمراسم الافتتاح الرسمي للأيام التمطيط الذي خلّف الملل لدى الجمهور الحاضر، ثم هذه البرودة حيث غابت مظاهر الاحتفال والبهرج وحضرت الخطابات والفقرات الباردة تمطيط دفع بالحضور الى مغادرة القاعة ثم هذه الكثافة في البرامج التي أحدثت فوضى عند التقديم وفي الاعتقاد كان بالامكان التخلي عن عديد المحطات منها تقديم قائمة أعضاء لجنة انتقاء ومشاهدة العروض... ولم يقف الامر عند هذا الحد فحتى أعضاء هذه اللجنة برز أغلبهم بالغياب. مشكل اسمه التنشيط لقد أكدت التجربة ان الممثل المسرحي او السينمائي او التلفزيوني المتميز لا يعني بالضرورة أنه منشط متميز... فقد فشلت سندس بلحسن وهي ممثلة رائدة في تنشيط وتقديم سهرة افتتاح أيام قرطاج السينمائية في نوفمبر الماضي وتم التدارك في الاختتام بتكليف الوجه التلفزيوني المعروف إقبال الكلبوسي بذلك. وفي سهرة امس الأول ظهرت على الركح الممثلة شاكرة رماح وهي ممثلة لها حضورها المبهر في كل الأعمال الدرامية التي شاركت فيها... غير انها فشلت الى حدّ كبير في تنشيط وتقديم السهرة فعلاوة على الأخطاء اللغوية بدت شاكرة مستعجلة من أمرها لم تتخلص من الأوراق التي بيدها مرتبكة في بعض الأحيان ولا أدل على ذلك من المناداة على المخرج الفلسطيني أحمد أبو سلعوم مرة ثانية للتكريم في الوقت الذي كان من المفروض فيه المناداة على أعضاء الهيئات العربية المسرحية للتكريم. وفي الاعتقاد أن التنشيط يبقى من المشاكل التي لابدّ من التفكير بجدية في حل نهائي لها بالنسبة للتظاهرات الدولية في تونس على اعتبار الدور الحيوي للمنشط على الركح في إضفاء طابع الحركية بحضور البديهة والمرح فلا الجدية المبالغ فيها محبذة في التنشيط ولا المرح المبالغ فيه أيضا محبذ في التنشيط.. غياب الصورة المعبّرة كثافة فقرات مراسم الاحتفال الرسمي بالافتتاح أفقد هذه المراسم بريقها من خلال الغياب الكلي للصورة ذات الحركة والمعبّرة والتي تعيد للذاكرة لحظات ومحطات لا تنسى من مسيرة الأيام على امتداد 35 سنة. انتظرنا شريطا وثائقيا يلخّص أبرز المحطات فتم اللجوء الى ممثلين لا نشك لحظة في ريادتهم الابداعية لرواية بعض الذكريات كل على طريقته الخاصة لكن وإن كانت هذه الفكرة طريفة فكان بالامكان أن تكون مصحوبة بشريط يكتب البعض من اللحظات الحميمية على كامل دورات الأيام او حتى صور للذين تم ذكرهم في هذه الشهادات لا الاعتماد على شاشة غلب عليها السواد ممّا زاد في قتامة المشهد. العصفور العاشق حضرت الموسيقى من خلال معزوفة «العصفور العاشق» للعازف أنيس القليبي... معزوفة خففت الى حدّ ما من برودة مراسم الافتتاح... مراسم وقفت بإجلال لمبدعين رحلوا الى دار الخلد كالمنصف الأزعر وحاتم بالرابح وأحمد معاوية وخديجة السويسي وخديجة بن عرفة... بادرة صفق لها الحضور بحرارة. الأيام في أرقام 159: عدد العروض في الأيام 117: عدد المسرحيات 39: عدد الدول المشاركة 18: عدد الدول الأجنبية 10: عدد الدول الإفريقية 11: عدد الدول العربية 9: عدد الجوائز المرصودة في الأيام 97 ألف دينار القيمة المالية للجوائز باستثناء جائزتي اتحاد الشغل ونجيبة الحمروني. من داخل سهرة الافتتاح غابت مظاهر الفرجة وبهرج الاضواء في مدخل مدينة الثقافة. واكتفى المنظمون بلوحات تعبيرية للدمى العملاقة والألعاب البهلوانية. اجراءات أمنية مشددة حيث تم تطويق محيط مدينة الثقافة بالحواجز ولم يسمح بالمرور الا بعد الاستظهار ببطاقة الدعوة. عديدة هي الاسماء المسرحية التي واكبت سهرة الافتتاح على غرار عبد الغني بن طارة وسليم الصنهاجي ورمزي عزيز وشكري البحري والكاتب المسرحي بوكثير دومة ورؤوف بن عمر ومنى نورالدين وجميلة الشيحي وعاطف بن حسين ودليلة المفتاحي وزهيرة بن عمار ووحيدة الدريدي ولطيفة القفصي وصباح بوزويتة وصابر الحامي ومنير العرقي.... وغيرهم كثير. طول مراسم حفل الافتتاح الرسمي للايام دفع بعدد كبير من الجمهور الى مغادرة القاعة. من الوجوه الاذاعية التي رصدناها في سهرة الافتتاح أماني بولعراس والحبيب جغام وألفة الوسلاتي التي أمّنت النقل المباشر للسهرة مباشرة على موجات إذاعة الشباب. شاكرة رماح التي نشطت السهرة كانت على عجلة من أمرها وهي تنادي على المكرمين. انتظر الجمهور شريطا وثائقيا يوثق لأبرز المحطات التاريخية لأيام قرطاج المسرحية فكان عوضه مشهد وشهادات لبعض من رجال المسرح الذين قدموا أبرز ذكرياتهم مع هذه التظاهرة مستحضرين في ذات الوقت وجوها ابداعية رحلت الى الرفيق الأعلى ولم تبق سوى أعمالهم التي خلدتهم. وجه حاتم دربال مدير أيام قرطاج المسرحية تحية خاصة الى روح المسرحي الخالد المنصف السويسي بالقول: «المنصف السويسي في البال صاحب الفكرة والسبق» في إشارة الى تأسيس ايام قرطاج المسرحية. غياب شبه كلي للموسيقيين وأهل السينما في سهرة الافتتاح حيث لم نسجل من الموسيقيين الحاضرين سوى العازف أنيس القليبي مشاركا في السهرة بالعزف من خلال مقطوعته «العصفور العاشق» والتي صفق لها الحضور بحرارة. خصّ الجمهور الممثلتين لطيفة القفصي ودليلة المفتاحي باستقبال حار أثناء المناداة عليهما للتكريم. غادرت الممثلة منى نورالدين القاعة بعد إتمام مراسم التكريم ويبدو حسب بعض المقربين منها أنها مستاءة من تجاهلها في هذا التكريم!! برز الأستاذ محمد الهادي الجويني المدير العام للمؤسسة الوطنية لتنمية التظاهرات والمهرجانات من خلال متابعة مختلف التفاصيل المتعلقة بضيوف الأيام والعمل على تذليل كل الصعوبات التنظيمية. عبّر الفنان السوري الكبير أسعد فضة عن سعادته بتجديد العهد مع أيام قرطاج المسرحية التي تربطه بها ذكريات جميلة على امتداد أكثر من دورة.