بقدر تنوع الحركة المسرحية في تونس تكاد تغيب الحركة النقدية لأسباب عدة ابرزها سيطرة بارونات الإنتاج و غياب المحاميل والفضاءات ... عدد من نقاد المسرح يفسرون . تونس الشروق: تكاد تغيب الحركة النقدية المسرحية في تونس مقابل ارتفاع منسوب الإنتاج المسرحي الذي يتضاعف من سنة الى اخرى دون متابعة نقدية تصحح المسار و تطور الحركة المسرحية التي ارتفع عددها في حين تراجع مضمونها و لعل من بين اسباب تدني مستوى المضامين المسرحية غياب المتابعة النقدية العميقة و الحركة النقديّة المتقدّمة و الفاعلة التي تسير مع الحركة الابداعيّة و التي لا يمكنها ان تتقدّم دون نقد علمي يوجّه و يطور و يفصل بين ماهو ابداع و ماهو رداءة، وإذا كان النقد المسرحي في أبسط مفهوم له يعني ذلك النقد الذي ينصب على النص المسرحي فيحلل قيمه الفكرية والجمالية وصولا الى جميع العناصر الفنية التي تسهم في انجاحه، فإنه من الصعب الجزم بوجود نقد مسرحي تونسي اليوم لأن النصوص النقدية المتوفرة هي مجرد انطباعات وتعليقات بسيطة وسطحية غالبا ما تركز على تصحيح بعض الأخطاء اللغوية وبالتالي فهي لا تؤسس لنقد مسرحي كما عبر عن ذلك عدد من المطلعين على هذا الشأن لذلك اجمع عدد من النقاد المسرحيين ان النقد المسرحي في تونس تراجع بشكل كبير وهو ما اصبح يشكل خطرا على المضمون المسرحي الذي تراجع بدوره . غياب الفضاءات النقدية المتخصصة وحول غياب النقد المسرحي في تونس و اسبابه يقول الناقد المسرحي محمد مؤمن ان النقاد موجودون لكن الحركات النقدية انحسرت لقلة الفضاءات معتبرا ان الإنتاج اصبح اكثر من المتابعة النقدية في ظل ارتفاع عدد الشركات و المسرحيات مقابل ازمة محاميل من صحف و مجلات مختصة و بلاتوهات تلفزية و كتب على حد تعبيره المشيرا الى ضرورة اعداد هذه الفضاءات من دوريات و ندوات لتقييم الحركة المسرحية خاصة و ان الثقافة المسرحية موجودة في حين ان الفكر المسرحي تراجع على حد تعبيره. ومن اجل تطوير ممارسة النقد المسرحي و اثراء المدونة النقدية والمحافظة عليها أسست الدكتورة و الناقدة الصحفية فوزية المزي صحبة مجموعة من النقاد المسرحيين الجمعية التونسية للنقاد المسرحيين» وفي إجابتها عن سؤال مدى غياب النقد المسرحي في تونس و اسبابه ؟ تقول فوزية المزي « هناك محاولات نقدية لكن نادرة جدا و من المفروض ان تكون الحركة النقدية متنوعة بقدر تنوع الحركة المسرحية .. في المقابل هناك مقاربات عديدة للنقد لم يبق منها سوى نوع واحد و هذا النوع لا يمكنه ان يتواصل في غياب فضاء نقدي متخصص ..» من جهة اخرى تقول المزي المقال النقدي المعمق يتطلب الكثير من الوقت الى جانب ان اصحاب المؤسسات الاعلامية لا يميلون الى هذا النوع من المقالات لأنها غير تجارية على حد تعبيرها . كما اكدت رئيسة الجمعية على ان الفرق المسرحية الخاصة تعيش حالة من الإنفلات الإقتصادي مما يساعدها على الهيمنة على النقد مقابل غياب اخلاقيات المهنة لأنه يصعب وضع اخلاقيات مهنة في مجال النقد على حد تعبيرها باعتبار ان النقد ليس درسا في الجامعة بل هو تراكم و تحصيل معرفي لا يمكن حصره في مجموعة من الأخلاقيات حسب تقديرها. فوزية المزي تقول ايضا ان بارونات الإنتاج ليس من مصلحتها النقد المعمق باستطاعتها شراء النقد على اساس انه نقد فكري لكن هو وسط منظومة استهلاكية و اقتصادية حتى اصبحنا اليوم في مسرح سوق حسب تقديرها مضيفة ان المشهد المسرحي اليوم اصبح يعيش على وقع مسرحيات تنتج في ظرف 15 يوما ثم تشارك في المهرجانات العالمية و وراءها نقاد لكن يتم استغلالهم كملحقين صحفيين على حد تصريحها مؤكدة انه لهذا السبب تم تأسيس الجمعية لتدارك الأمور واستقطاب الطاقات النقدية. التجارب المسرحية التونسية ليس لديها مرافقة نقدية وحسب الناقد المسرحي و الصحفي لطفي عربي السنوسي فإن النقاد المسرحيين في تونس عددهم قليل الى جانب غياب المحاميل كالصحف و المجلات المختصة و هو السبب الأول في غياب النقد المسرحي ، مضيفا ان الصحف اليومية لا تتحمل النص النقدي المسرحي مؤكدا على انه هناك خلط بين النقد و البحوث التي تصدر في الجامعة و التي تتلخص اساسا في النصوص النظرية و لا علاقة لها بالتجربة المسرحية حسب تقديره ... لطفي عربي السنوسي يقول ايضا ان منذ غياب مجلة فضاءات التي تصدر عن المسرح الوطني في عهد الراحل المنصف السويسي اصبح المسرح دون متابعة نقدية .. مشيرا الى ان التجربة المسرحية التونسية في حاجة للنقد لتصحيح المسار و تطويرها معتبرا التجارب المسرحية التونسية ليس لديها مرافقة نقدية . من جهته يقول الناقد المسرحي احمد الحاذق العرف ان كل زمن يفرض نوعا من النقد المسرحي مؤكدا على التراجع الكبير للنقد المسرحي في تونس معتبرا ان النقد الفكري تراجع و النقد المسرحي هو جزء من النقد الفكري بصفة عامة مشيرا الى ان نشأة الجمعية التونسية للنقاد المسرحيين ربما تساهم في انصهار الهمم على حد تعبيره.