نظمت إدارة الدورة 20 لأيام قرطاج المسرحي، صباح أمس الجمعة 14 ديسمبر 2018 لقاء صحفيا للمتوجين من المسرحيين العرب عن مسيراتهم المسرحية، والتي تجاوزت لدى أغلبهم نصف قرن. تونس (الشروق) منى نور الدين وعبد العزيز المحرزي من تونس، أسعد فضة من سوريا، عبد الرحمان أبو زهرة من مصر، حسن المنيعي من المغرب، سامي عبد الحميد من العراق، وغنام غنام من فلسطين... هؤلاء كانوا المتوجين صباح أمس بقاعة سينما أفريكا بالعاصمة في لقاء أداره السيد منذر القلعي... أغلبهم نجوم في المسرح والدراما في بلدانهم، كرمتهم أيام قرطاج المسرحية عن مسيراتهم الإبداعية المسرحية، فتوجتها بالورود ورحب بهم مدير المهرجان حاتم دربال فقال: «شرفتمونا، وحضوركم إضافة للمهرجان». غنام غنام: «أهم يوم في حياتي» «هذا اليوم أهم يوم في حياتي، وأكثر ما كنت أتمنى، أن يقع تكريمي في حفل يعج بنجوم المسرح العربي وفي حضرة أيام قرطاج المسرحية فشكرا لهيئتها، وشكرا لأمي خديجة الأمية التي جعلتها تقرأ الجرائد وتكتب وشكرا لأبي صابر عامل الزراعة في أريحا...» كان هذا ملخص كلمة الأستاذ المسرحي الفلسطيني والمسؤول عن الإعلام في الهيئة العربية للمسرح، غنام غنام، الذي تحث عن بدايات عشقه الجنوني والصوفي بالمسرح، والتي انطلقت بعيد خطاب الزعيم الحبيب بورقيبة في أريحا، حينها كان عمر غنام 10 سنوات وهو يحمل علم تونس ليحي بورقيبة وهو يغادر بلده، وعشق المسرح مع «هانس نوفر»، الذي كانت له أول تجربة مسرحية معه كممثل سنة 1984. عبد الرحمان أبو زهرة: «لأول مرة على المنصة» ولئن كان غنام غنام أصغر المتوجين عن تجربة تفوق 35 عاما، فإن التجربة الموالية كانت كبيرة ومع ممثل كبير وهو النجم السوري أسعد فضة الذي تحدث عن تجربة مسرح الأسرة وعن تأسيسه لمهرجان دمشق تعمقنا فيها أكثر معه في الحوار المصاحب، ليفسح المجال للفنان المصري عبد الرحمان أبو زهرة الذي امتدت مسيرته المسرحية أكثر من نصف قرن لتبلغ 58 عاما حسب تعبيره. «أبو زهرة» كان طريفا وتلقائيا ومرحا كعادته، ومنذ البداية اعتذر للجميع عن ثقل سمعه مشيرا إلى أن «السماعات» التي اقتناها مؤخرا نسيها في القاهرة، قبل أن يعبر عن سعادته في تواجده في أيام قرطاج المسرحية لأول مرة على منصة أي كمكرم ومتوج، في إشارة إلى أن حضوره دائما بهذا المهرجان كان بأعماله المسرحية، كما عبر عن سعادته بتتويجه مع عدد من القامات المسرحية العربية، وخص بالذكر صديقه السوري أسعد فضة، الذي يصر على تسميته ب«أسعد ذهب» على حد تعبيره. وأضاف أبو زهرة بأنه إلى اليوم مازال شابا يبحث عن مكان في المسرح وفي التلفزيون، تماما مثلما كان في المدرسة حين اكتشفه مدربه المسرحي عز الدين الحناوي، مشيرا إلى أنه لم يكن يتصور يوما أن يكون ممثلا لولا هذا المدرب، الذي بفضله شارك في مسابقات المسرح المدرسي وتحصل على الجائزة الذهبية، فطلب منه الالتحاق بمعهد المسرح وأعاد تمثيل الدورين الذين توج بهما، فقالوا له في المعهد «إنت جاي تمتحن؟ إنت محترف»، ثم جاءت لحظة التخرج بمشروع «المفتش العام» عن نص لغوغول، الذي أعجب مدير المسرح القومي أحمد حمروش فكانت الإنطلاقة من هذا المسرح العريق. سامي عبد الحميد: المسرح التونسي ريادي واستفدنا من منافسته من جانبه تحدث المسرحي العراقي سامي عبد الحميد عن تجربته مع المسرح فعاد بالذاكرة إلى كلية الحقوق التي منها تنقل لمعهد الفنون الجميلة ببغداد وبعد تخرجه كون فرقة المسرح الفني الحديث، ثم انتقل إلى لندن لدراسة فنون التمثيل، ومنها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية أين قدم رسالة ماجستير عن شكسبير، وأشار إلى مؤلفاته وترجماته العديدة للكتب المسرحية، معبرا عن اعتزازه بإخراجه لملحمة «غلغامش» التي قدمها في تونس، وعن أسفه لعدم إكمال آخر عمل له لفرقة المسرح الوطني، وهو مسرحية «الأرامل»، وختم عبد الحميد بإشادته عن المسرح التونسي الذي قال إنه المسرح الرائد عربيا، مؤكدا أن المسرح العراقي استفاد من منافسته للمسرح التونسي، في هذه الريادة العربية. حسن المنيعي: أفتخر بتكوين مجموعة من النقاد والكتاب المسرحيين «علاقتي بالمسرح علاقة عشق منذ الطفولة كممثل في المدرسة ثم في الثانوي ومنه إلى جمعية للهواة» هكذا استهل الأستاذ الجامعي المغربي حسن المنيعي حديثه عن بداية علاقته بالفن الرابع، قبل أن يضيف: «المسرح لم يكن موجودا في كلية الآداب، بفاس، وعندما تخرجت وأصبحت أستاذا جامعيا بهذه الكلية، اقترحت تدريس المسرح، لكن واجهت صعوبة من الأساتذة السلفيين آنذاك، وناضلت إلى أن أدرج المسرح ضمن البرمجة في السنة الرابعة، وكبرت كليتنا وجاء عميد شاب، اقترحت عليه فتح وحدة للمسرح بالكلية فاستجاب واستقطبنا كبار المسرحيين على غرار محمد الكراط، وتخرج مجموعة من الطلبة، وقدموا أطروحات في المسرح، فأنتجت هذه الحركة مجموعة من الباحثين والنقاد، وهذا ما أفتخر به حقيقة. المحرزي شاهد على قصة الحب بين «سعدية» و«القصباوي» ولما أعطيت الكلمة للفنانة منى نور الدين، قيدومة المسرح التونسي والشاشة التونسية، وأكثر ممثلة عربية شاركت في أفلام أجنبية، تكلمت كعادتها باقتضاب شديد وبثقة بالنفس تلازمها، ملازمة ابتسامتها المعروفة لها على الدوام، وقالت إن بدايتها فعلا لم تكن مع المسرح وإنما في ترشيح المعلمات، مؤكدة أن المسرحي محمد عبد العزيز العقربي هو من جلبها إلى المسرح، وملاحظة أنها درست المسرح في نهج روسيا وفي مونفلوري، قبل التفرغ نهائيا للتمثيل، الذي جعلها تقدم طيلة أكثر من نصف قرن أكثر من مائة شخصية، لكنها تهربت من السؤال عن علاقتها بزوجها الراحل نور الدين القصباوي بابتسامة وخجل ميزا هذه الفنانة طوال مسيرتها. بيد أن الإجابة عن هذا السؤال، كانت موجودة في القاعة بما أن هناك من المتوجين من كان شاهدا على العصر الذهبي لفرقة مدينة تونس، وهو المسرحي القدير عبد العزيز المحرزي، الذي بمجرد أن أخذ المصدح قال إن قصة حب سعدية (الإسم الحقيقي للفنانة منى نور الدين) بنور الدين كبيرة وبدأت باكرا، وكنت شاهدا على كل أبنائهما، ليقدم لاحقا نبذة عن مسيرته المسرحية التي انطلقت في الشبيبة المدرسية بدار الثقافة ابن خلدون المغاربية، أين اكتشفه المسرحي علي بن عياد وألحقه بفرقة مدينة تونس، أين حفظ الإلقاء وعشق المسرح وانخرط في الانضباط المفروض، وشارك في «الماريشال»، مسيرة مشرفة ويفتخر بها صاحبها كما يفتخر بكونه أصغر مخرج مسرحي افتتح مهرجان قرطاج، حين كان عمره 20 سنة سنة 1975، وراهن عليه آنذاك الأديب الراحل محمود المسعدي في عمل «الاسكافية العجيبة»، كما يفتخر المحرزي بأنه جسد أول دور بطولة في أول مسلسل أنتجته التلفزة التونسية، ومن أطرف ما قاله المحرزي في اللقاء: «جمعتمونا لتكرمونا على مسيراتنا ونحن شيوخ لكن لن نترك لكم المسرح وسنظل نقدم الأعمال إلى آخر رمق في حياتنا».