في غياب التواصل بين المواطن والحكومة وفي ظل الفجوة بين المواطن والنخبة المسيرة وتغييب المواطن عن الأحداث والخيارات الكبرى تبرز الحاجة إلى تفعيل المبادرة الشعبية كبديل لتأكيد المشاركة في الحياة السياسية تونس (الشروق) تملك تونس العديد من السلطات التي تتمثل وظيفتها الأساسية في وضع البرامج وتنفيذ القوانين وتعديل الاخرى، وسن التشريعات، وتسهيل تنفيذ المشاريع. لكن كيف يمكن للمواطن التونسي المساهمة في بناء برامج ووضع قوانين وغيرها من الآليات لادارة شؤون بلاده؟ فتكون الإجابة عبر المشاركة في الانتخابات وصندوق الاقتراع. لكن البعض يرى أن الديمقراطية التمثيلية التي تكون عبر عملية التصويت في الانتخابات، حادت عن دورها الأساسي في الدفاع عن مشاغل المواطن وتحقيق تطالعاته على أرض الواقع. فقدان الثقة فقد عدد من التونسيين ثقتهم في الديمقراطية التمثيلية التي تكون عبر نواب يمثلونهم في البرلمان. وفقدان الثقة برهن عليه عزوف المواطن عن المشاركة في الحياة السياسية، اضافة الى بروز قطيعة بين المواطن والبرلمان، الذي تم تركيزه حتى يكون مدافعا عن مصالح منتخبيه. لكن أغلبية النواب أصبحت تمثل نفسها فقط أو ناطقة باسمها الخاص أو باسم أطراف معينين. ويرى عدد من المواطنين أن تطلعاتهم وانتظاراتهم، تبخرت وأن المواطن عاجز اليوم عن إبداء رأيه في خصوص القضايا العامة والحياة السياسية وعاجزا عن إيصال صوته الى الطبقة السياسية، فيلجأ الى الاضرابات والاعتصامات وغلق الطرقات والاحتجاج عبر النزول الى الشارع. هذه التحركات قد تكون في بعض الأحيان نتائجها سلبية على المصلحة العامة.فهل يكون الحل في تفعيل "المبادرة الشعبية"؟ نفور من الحياة السياسية يتفق الجميع على أن التونسي أصبح ينفر من الحياة السياسية والأحزاب وهذا أثبتته المشاركة الضعيفة للتونسيين في الانتخابات البلدية التي انتظمت سبتمبر الماضي. ويبرر عدد من المواطنين عدم مشاركتهم في عملية التصويت بأن الطبقة السياسية تهتم بالحكم. لكنها تهمل الاهتمام بمشاغل المواطن الحقيقية. والبعض من المواطنين قرر عدم التصويت لأي حزب حتى لا يندم في ما بعد على حد قوله. وهو ما جعله يصرف النظر عن العملية الانتخابية برمتها. فنفور المواطن من الحياة السياسية له ما يبرره من ذلك أن المشهد السياسي اليوم شبه متعفن. فهل يكون مقترح تفعيل المبادرة المواطنية أو الشعبية التي تسمح للمواطن بالتعبير عن موقفه وصنع القرار بصفة مباشرة هي الحل، خاصة بعد أن فقد ثقته في الديمقراطية التمثيلية؟ المجتمع المدني وسيط أكدت في هذا الصدد المختصة في علم الاجتماع والناشطة بالمجتمع المدني فتحية السعيدي في تصريح ل"الشروق" أن المبادرات الشعبية أو المواطنية ظهرت في عدد من الدول الأوروبية. وفي تونس هذه المبادرات موجودة وتنشط من خلال جمعيات ومنظمات تابعة للمجتمع المدني. وهي التي تمكنت في عديد المناسبات من تعديل قوانين أو سن تشريعات من ذلك قوانين تحمي حقوق المرأة والطفل. وقالت السعيدي إن مثل هذه المبادرات مازالت غير بارزة وغير واضحة بالشكل المطلوب. لكنها ناشطة في تونس. ولعبت دورا هاما في عديد المناسبات. وقدمت مقترحات لفائدة البرلمان. وتم تعديل بعض القوانين قبل الثورة وبعدها، بناء على مقترحات مواطنية، مؤكدة أن هذه المبادرات لا يمكنها الصمود الا إذا ما دعمها المجتمع المدني القادر على أن يلعب دور الوسيط بين المواطن والطبقة السياسية. وقالت محدثتنا إن الشعب التونسي يتفاعل مع المبادرات الشعبية بصفة ايجابية أكثر من تفاعله من مقترحات الطبقة السياسية، مؤكدة أن الدول المتقدمة تستعين بالمجتمع المدني في المبادرات الشعبية. ويتمكن المواطن من تحقيق تطلعاته وآرائه على أرض الواقع بقوة المجتمع المدني القادر على الضغط والحشد والتعبئة من أجل مقترح ما. 400 مبادرة مواطنية شاركت في مسابقة نظمتها المفوضية السامية لحقوق الانسان سنة 2018 100 ألف توقيع في سويسرا يكفي لسن قانون جديد أو تعديله 204 هو عدد الأحزاب الناشطة في تونس 33.7 ٪ من الناخبين شاركوا في الانتخابات البلدية 217 هو عدد نواب الشعب الذين تم انتخابهم لمدة نيابية مدتها 5 سنوات 7 ٪ هي نسبة مشاركة الشباب في الحياة السياسية