أكد الدكتور عمرو الديب المحاضر في العلاقات الدولية بجامعة «نيجني نفجورود» الروسية في لقاء مع «الشروق» أن دور الاكراد انتهى في الازمة السورية على الاقل في المنظور القريب وأن الحل النهائي للأزمة السورية يمر فقط عبر تخليص سوريا من أي قوات أجنبية. كيف تقرأ تداعيات الانسحاب الامريكي من سوريا؟ أولا ليس هناك أي تداعيات ملموسة لقرار الانسحاب الأمريكي من الأراضي السورية على الوضع العام في سوريا. لكن هناك بعض الآثار التي ستخلف هذا القرار على مستوى وضع الأكراد في مناطق منبج. فهذا القرار بالأساس يخص الدعم الأمريكي لبعض القوات الكردية. فعدد القوات الأمريكية في سوريا يدور حول 2000 جندي وهي ليست قوات لديها تأثير كبير على الأرض، ولكن كان يتمحور دورها في تدريب القوات الكردية في مناطق منبج. وكان وجود القوات الأمريكية يمثل مانعا للجيش التركي للدخول في مناطق منبج. فتركيا كان لديها استراتيجية واضحة فيما يخص تواجدها في الشمال السوري وكانت أولى خطوات هذه الاستراتيجية تتمثل في السيطرة على مدن دابق، الراعي والباب وهذه المدن الثلاث كانت تمثل نقطة تلاقي جناحي الأكراد في عفرين ومنبج، وبالسيطرة التركية على هذه المدن انتهى أمر اتحاد أكراد الشمال السوري. الخطوة الثانية في هذه الاستراتيجية كانت السيطرة على مناطق عفرين وهذا ما كان بمساعدة خروج القوات الروسية. الخطوة الثالثة والأخيرة السيطرة على مناطق منبج وذلك سيكون بخروج القوات الأمريكية. فكان منذ أيام هناك إعلان تركي عن نيتها لبدء عملية عسكرية ضد أكراد مناطق منبج ثم حدث اتصال هاتفي بين ترومب وأردوغان وأخيرا تم إعلان انسحاب القوات الأمريكية. ترومب رجل صفقات بامتياز ،برأيك اي صفقة وراء هذا الانسحاب؟ مع من وما هو الثمن؟ بالفعل ترومب هو رجل صفقات بإمتياز وهنا يجب أن نذكر أن أردوغان أفضل منه فيما يخص موضوع الصفقات. فأردوغان بالرغم من أننا ضد سياساته الداخلية والخارجية إلا أنه يجيد التعامل مع أكبر قوتين في العالم. فأخذ من روسيا صواريخ «إس 400 « وأخذ من الأمريكان «إف 35» بالإضافة إلى قرب استلامه لفتح الله غولن من الولاياتالمتحدة. ويبدو هنا أن الصفقة تدور حول التقارب التركي-الروسي-الإيراني، فلا ننسى أن في نفس اليوم كان هناك فشل لاجتماعات إيرانية-تركية-روسية حول تشكيل لجان الدستور السوري. من سيملأ الفراغ الامريكي، الأتراك ام الجيش السوري؟ وهل سنشهد مواجهة بينهما؟ ولمن ستؤول؟ الفراغ الأمريكي «بالرغم من أن القوات الأمريكية كانت فقط حوالي 2000 جندي» سيحل مكانه القوات التركية بالتأكيد. لأن ذلك جزء من الصفقة وعلى الجيش السوري أن يستمر في تطهير الأراضي السورية سواء من الجماعات الإرهابية أو من الاحتلال الأجنبي. تركيا للأسف، لديها دعم روسي بسبب استراتيجية بوتين نحو ما يسمى الحلم الأوراسي, أما الأمريكان فيدعمون أيضا الأتراك لأمور متصلة بحلف الناتو وغيرها من الأمور. وحتى إيران تصمت على التحركات التركية بسبب الأوضاع في مناطق أكراد العراق وأكراد إيران. المفروض فقط على الجيش السوري أن يعمل على طرد هذه القوات التركية المعتدية. هل يتحالف الاكراد المغدورون امريكيا مع الجيش السوري؟ وبأي ثمن؟ يبدو أن الأكراد انتهى دورهم في المستقبل القريب، فبسيطرة تركيا على كل مناطق الأكراد في العراق أو في سوريا فلن يكون للأكراد صوت في الفترة القصيرة المقبلة. لذلك لن يتحالف الأكراد مع أحد، بل سيكون عليهم محاولة تجميع أنفسهم مرة أخرى. هل ان الانسحاب الامريكي خطوة نحو الحل النهائي في سوريا ام خطوة نحو مزيد من التعقيدات في الازمة السورية؟ لا يبدو ذلك. الحل النهائي للأزمة السورية، يتمثل في القضاء على الجماعات الإرهابية ثم التخلص من الوجود التركي والوجود الإيراني. غير ذلك لن يكون هناك حل شامل للأزمة السورية.