يتخبط قطاع اللحوم الحمراء، في سلسلة من الصعوبات، جعلته قطاعا مهددا بالانهيار في ظل تهريب الأبقار، وتوريد اللحوم من طرف الدولة، مما جعل البعض يطلق صيحة فزع بأن قطاعي الألبان وتربية الماشية في خطر. تونس (الشروق) وقد تولت وزارة التجارة خلال السنة الجارية، توريد 2000 طن من اللحوم المبردة. وقد اقتنت الدولة التونسية الكيلوغرام الواحد من اللحوم المبردة ب16 دينارا. وتولت بيعه للقصابين بسعر قدره 12 دينارا، ليتم ترويجه للمستهلك بسعر قدره 19 دينارا. وقد كان تعاطي الدولة مع منظومة اللحوم الحمراء محل انتقاد من عدد من المهنيين، الذين طالبوا منها دعم قطاع تربية الماشية في تونس، عوضا عن توريد اللحوم وتكبدها خسائر مالية طائلة. إضعاف المنظومة المحلية ويطالب عدد من الفلاحين بأن تعقد الدولة عقود إنتاج مع الفلاحين. وتتولى دعمهم من أجل الترفيع في إنتاج اللحوم الحمراء، حتى لا يجد الفلاح نفسه مضطرا الى التعامل مع المهربين لشراء ماشيته لتحقيق الربح، مضيفين أن سياسة توريد اللحوم لتعديل الاسعار، ستضعف المنظومة المحلية وتؤدي الى انهيارها خاصة أن إقبال التونسي على هذه المواد ضعيف. ومن جهته، أكد كريم داود رئيس نقابة الفلاحين التونسيين في تصريح ل»الشروق»، أن غياب استراتيجية واضحة للنهوض بمنظومة اللحوم الحمراء وقطاع تربية الماشية، أدى الى تدهور قطاع اللحوم الحمراء ومنظومة الالبان ايضا، نتيجة لعدم وجود ارادة سياسية لتنمية القطاع الفلاحي والمحافظة عليه، حسب قوله. وأكد كريم داود أن تونس تمكنت من بناء منظومة الالبان. لكنها لم تتمكن من تركيز منظومة لحوم حمراء متكاملة، مؤكدا أن هذا القطاع مرتبط بمنظومة الألبان. وإن أغلب قطيع الأبقار مستورد وان تونس ليس لها سلالة من قطيع الأبقار خاصة بها، لتنمية القطاع والمحافظة عليه. وقال محدثنا إن الأبقار المستوردة هامة في إنتاج الحليب ومشتقاته. لكنها ضعيفة من حيث إنتاج اللحوم الحمراء ولا تحقق إنتاجية هامة في «العجول» مؤكدا أن اللحوم الحمراء متأتية من الأبقار الحلوب التي تتعرض الى الذبح العشوائي مما أدى الى تضرر قطاعي الالبان واللحوم الحمراء معا. غياب استراتيجية وقال داود إن وزارة الفلاحة على امتداد سنوات لم تضع استراتيجية للنهوض بقطاع اللحوم الحمراء. ولم تدعم قطاع تربية الماشية من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه المادة، مضيفا أن توريد اللحوم المجمدة والمبردة من طرف الدولة دون مراعاة غلاء تكلفة الانتاج وهامش ربح الفلاح، جعل المربين يعزفون عن قطاع تربية الماشية الذي لم يعد له مردودية. وقال رئيس نقابة الفلاحين التونسيين ان قطاع اللحوم الحمراء يتخبط في سلسلة من المشاكل منها تعرض القطاع الى التهميش من قبل الدولة، يضاف الى ذلك عدم وجود تصنيف مادة اللحم، الى جانب تهريب رؤوس الابقار نتيجة عدم دعم الفلاحين من قبل هياكل الدولة. مزيد تعميق الصعوبات وقال داود إنه يتمنى أن تتجنب الدولة سياسة توريد اللحوم الحمراء التي قال إنها اذا تواصلت فإنها ستزيد في تعميق أزمة قطاع تربية الماشية، داعيا الى ايجاد آليات على المدى الطويل من أجل بناء منظومة لحوم حمراء مستدامة عبر دعم الفلاحين في الشمال الغربي من أجل تكثيف أنشطتهم في مجال تربية الماشية. وأوضح محدثنا أن الدولة تولي الاهتمام بقطاعي الصناعة والسياحة. وفي المقابل همشت القطاع الفلاحي، المهدد بالانهيار. وحافظت على تقاليدها في الاهتمام فقط بزيت الزيتون والتمور، مضيفا ان النهوض بالقطاع الفلاحي من تربية ماشية وزراعات كبرى من شأنه ان يحسن من مردودية الاقتصاد الوطني.