جددت النقابة التونسية للفلاحين تحذيراتها من تصاعد حدة تردي الأوضاع في منظومة اللحوم الحمراء وتهديد استقرار القطاع في ظل تفاقم مؤشرات نقص الإنتاج وتراجع العرض فيما الاسعار تزداد ارتفاعا. وضعية صعبة تؤرق المواطن الذي لم يعد قادرا على مجابهة غلاء هذه اللحوم كما المنتجين والقصابين.ما ينذر بأزمة أكبر مع حلول مواسم ذروة الاستهلاك الرمضاني والسياحي والمناسبات العائلية الصيفية. في تشخيص لما آل إليه الوضع الراهن وإسقاطاته على مستقبل المنظومة أعزى كريم داود رئيس النقابة التونسية للفلاحين الاشكاليات العالقة إلى جملة من العوامل المترابطة منها عنصر المناخ وتأثيراته المباشرة على نقص الأعلاف وارتفاع أسعارها ليزيد تفاقم ظاهرة التهريب في حدة الوضع وتراجع عدد رؤوس قطيع الأبقار مما أثر على مستوى الإنتاج بشكل ملحوظ. موضحا في تصريح ل»الصباح» أن قطيع أمهات «الأناثي» والعجول بصدد الاندثار بسب تصاعد وتيرة التهريب بالمناطق الحدودية خاصة نحو الجزائر. في المقابل لم تبادر سلط الإشراف في السنوات الأخيرة بتوريد العجول الضعيفة المعدة للتسمين مما أدى إلى النقص المسجل اليوم في قطيع الأبقار وفي إنتاج اللحوم الحمراء. إلى هذا شكل غياب التطبيق المحكم والجيد لإستراتيجية النهوض بقطاع المنظومة برمتها ومنها أساسا تربية الماشية في انخرام الوضع وتقلص القطيع. شدد كريم داود على مسألة عدم تقيد الجهات المعنية بحسن تطبيق الاستراتيجية وتفعيلها الجيد. موضحا أن النقابة بادرت بتقديم دراسة استراتيجية للنهوض بتربية الماشية إلى وزارة الفلاحة لكن لم يقع تطبيقها. وبين في هذا الصدد أن مقاربة النقابة تنطلق من الرصيد المتوفر من القطيع قبل تأزم الوضع والمقدر ما بين 420 ألف و450 ألف وحدة أنثوية نصفها من سلالات محلية مهجنة. واعتماد تهجين امتصاصي على السلالات المحلية لدعم إنتاجيتها ومردوديتها خاصة بمناطق الشمال الغربي . مضيفا انه لو تم تطبيق الاستراتيجية كما ينبغي لأمكن تجاوز الصعوبات الراهنة وبلوغ الاكتفاء الذاتي. إشكاليات القطاع لا تعصف بنشاط اللحوم الحمراء بل كذلك الألبان على اعتبار أن تراجع قطيع الأبقار الحلوب يهدد بدوره منتوج الحليب والسبب في ذلك التهريب الذي يكاد يأتي على الثروة الحيوانية. وانتقد المتحدث منظومة اللحوم الحمراء التي قال إن «الفوضى تكتنفها والغموض يسيطر عليها. وأورد انه رغم القرارات التي اتخذتها وزارة التجارة ووزارة التجارة لحلحلة الصعوبات القائمة ومنها توريد 7آلاف من العجول المعدة للتسمين فإن الإجراء على أهميته جاء متأخرا.فضلا عن أن كلفة تمويل العملية ستكون مرتفعة بحكم انزلاق قيمة الدينار. وقدر في هذا السياق ارتفاع سعر الكلغ حي من العجل المورد عند وصوله تونس ما بين12.5د و13د،مقابل 9و10دنانير سابقا. في نفس التوجه ذكّر بقرار توريد شركة اللحوم لحاويتين من اللحوم المبردة يبلغ ثمن الكلغ الواحد منها14دينارا وبيعها بالخسارة مستغربا هذا التمشي. يعتبر إرساء منظومة لحوم حمراء مستقبلية واضحة المعالم من أوكد المطالب التي تتمسك بها نقابة الفلاحين مع دعم الدولة لتربية الأبقار وخاصة بالشمال الغربي. والإصغاء البناء لمقترحات المهنة وتصوراتها للخروج من نفق الإشكاليات التي ظلت للأسف حسب كريم داود حبرا على ورق.و على مر عقود تتواصل اخلالات المنظومة من ارتهان للتوريد ونقائص بالجملة في أسواق الدواب ومسالخ غير مؤهلة وتصنيف غائب للحوم... ملفات حارقة أفاد مصدرنا أن النقابة بادرت بقرع ناقوس خطرها منذ بداية2017 دون إجراءات عملية في إبانها. ولم يعد اليوم من خيار سوى تفعيل استراتيجية وطنية لهذا القطاع الحيوي لإنقاذ منظومة اللحوم الحمراء من الانهيار الذي يهددها.