مرة أخرى تؤكد الاحتجاجات التي عرفتها بعض المناطق والجهات على امتداد الأيام الاخيرة الفجوة الكبيرة بين الشعب والأحزاب... أكثر من سبع سنوات من الصياح والجدال والصراعات والخلافات لم تقدر فيها الأحزاب على كسب ثقة المواطنين، بل ان كل الأحداث تؤكد أن الجميع فقد الثقة في الأحزاب وفي السياسيين... تدهور الأوضاع في تونس يتحمل مسؤوليته السياسيون الذين وعدوا الشعب وكذبوا... في كل انتخابات يطلق الساسة والأحزاب وكل المترشحين عشرات الوعود في حين يدركون في قرارة أنفسهم انها لن تتحقق وان الامر يتعلق فقط بهدف واحد هو الوصول الى السلطة والحكم... منذ سنة 2011 والتونسيون ينتخبون ويصوتون ويصفقون للسياسيين في الاجتماعات العامة حتى اكتشفوا انهم كانوا يهتفون وراء فاشلين عاجزين عن إنقاذ الدولة التي أصبحت اليوم مهددة في استقرارها و أمنها... كل يوم تزداد صعوبة حياة التونسي الذي هدفه يوميا الحصول على علبة دواء مفقود او علبة حليب يباع في السوق السوداء... التونسيون اليوم بمن في ذلك الذين يحتجون كل يوم في الجهات الداخلية وفي الأحياء الشعبية للمدن المنسية والمهمشة يحتاجون إلى طبقة سياسية جديدة تكون صادقة وقادرة على تحقيق النجاح وعلى انقاذ البلاد وتغيير الواقع الصعب الذي نعيشه الان... من مصلحة السياسيين وقادة الأحزاب الذين فازوا في الانتخابات السابقة ان يعترفوا بالحقيقة ، حقيقة فشلهم وحقيقة عجزهم وضعفهم وعدم قدرتهم على ان يكونوا رجال دولة كما كان يأمل التونسيون الذين قرروا الان العزوف عن التصويت... تحتاج الأحزاب السياسية الى الكثير من الوقت والجهد لتسترجع ثقة الناس فيها وتحتاج الى ان تكون صادقة في وعودها وفي برامجها التي يجب أن تكون قريبة من واقع التونسيين... لا يمكن للتونسيين التضحية اكثر والانتظار اكثر والصبر اكثر... نحتاج اليوم الى من ينقذ تونس ويحقق لها نهضتها التي انتظرتها وللاسف لم تتحقق... لا احد قادر على النجاح بمفرده كما لا أحد قادر أن يحكم وحده فالنجاح يحتاج الى برامج والى تصورات والى مبادرات ثم الى رجال قادرين على التنفيذ وبناء الدولة القوية والعادلة... لا تستحق تونس كل هذا الفشل وكل هذه الخيبات المتتالية وايضاً كل هذا الجحود من ابنائها...