يبدو أن المقاهي العادية بصفاقس سائرة نحو الإندثار لتعوضها المقاهي الفاخرة أو صالونات الشاي التي تلقى الإقبال بتقديمها لخدمات تتجاوز القهوة والشاي لتتعدى ذلك إلى الصحف والويفي والبين سبور وغيرها من الخدمات الإضافية. (الشروق) مكتب صفاقس دون مبالغة " أفلت " المقاهي التقليدية وبات عددها لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في قلب مدينة صفاقس التي كانت تعج بالمقاهي، حتى أن بعضها وبسبب المنافسة الشديدة فتح فضاءه في الثمانينات والتسعينات للتلاميذ والطلبة للمراجعة واحتساء قهوة أو كأس شاي في ذات الوقت .. المنافسة كانت شديدة بين هذه المقاهي التي كانت تعج بها قلب المدينة وأغلب شوارع صفاقس وأحيائها السكنية كغيرها من المدن وبقية المناطق التونسية، لكن عدد المقاهي كان محدودا، إلا أنه وبعد سنة 2004 لما باتت المقاهي تخضع لكراس الشروط فقط، انتشرت المقاهي والمشارب حتى بلغ عددها اليوم في الولاية 4200 مقهى تقريبا حسب أمين مال غرفة المقاهي بصفاقس ورئيس الإتحاد المحلي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بساقية الدائر سامي رباعي. بعض هذه المقاهي عبارة عن منتزهات، وأغلبها تحمل أسماء غريبة وهجينة والعاملين في الكثير منها من جنس الإناث، بل وأغلب روادها من الفتيات والشباب الذين يقضون الساعات الطويلة أمام جهاز التلفاز واستغلال "الويفي" المجاني لتمضية الوقت الثمين بدينار ونصف فقط وب 3 دنانير أو أكثر في مقاه أخرى من ضمن بقية المقاهي التي لا تخضع للتسعيرة أصلا .. ويؤكد سامي الرباعي ان أغلب هذه المقاهي لا تخضع للشروط القانونية وبعضها يتجاوز القانون في "الباركينغ " وفي تعطيل حركة المرور والجولان، والجهات الرسمية تغض الطرف تحت يافطة خلق مواطن شغل وغيرها .. هذه المقاهي الحديثة والفاخرة عوضت في أغلبها التقليدية و القديمة، وباتت عنوانا بارزا لعدد كبير من أهالي صفاقس وخاصة الشباب، وعن هذه الظاهرة، قال فؤاد غربالي أستاذ وباحث في علم الاجتماع " إن صعود المقاهي الفاخرة هو مؤشر على تحول في الاقتصاد المحلي في مدينة صفاقس حيث بدأ يتم الانتقال من اقتصاد إنتاجي إلى اقتصاد خدماتي استهلاكي وبدأت مدينة صفاقس تتخلى بشكل ملحوظ عن النسيج الصناعي والحرفي الذي عرفت به لصالح اقتصاد الخدمات و هذا مرده الضربة القاصمة التي تعرضت لها الصناعات الحرفية والتحويلية بعد ان اغلقت عديد المصانع بفعل المنافسة الصينية و التركية وهو ما تضرر منه كذلك عديد الحرفيين الصغار". ويضيف الدكتور غربالي "المنحى الذي اتخذته البرجوازية المحلية الجديدة هو الاستثمار اكثر في القطاع الخدمات لانه يبدو لهم اكثر ربحا و ذات تكلفة اقل و لكن لا يجب أن نكتفي بهذا التفسير لغياب وسائل الترفيه في مدينة صفاقس يشرع لهذا النوع من الاستثمار حيث ثمة انزياح في الذهنية التي عرف بها المجتمع المحلي الصفاقسي والتي ترتبط بالعمل نحو ذهنية جديدة هي ذهنية الاستهلاك و بالتالي الاستثمار الأهم بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين الجدد هو الاستثمار في الاستهلاك ولكن في خضم كل هذا هناك طبقة أثرياء جدد في المدينة مستفيدة من التهريب والفساد والمقاهي هو العقارات عموما هي مداخل ووسائل لتبييض الأموال".