تتعاقب الأيام وتتواتر ولا جديد يسجل في الأفق بين جامعة التعليم الثانوي ووزارة التربية وكأننا امام حوار الطرشان بين وزير كلما اطل في وسائل الاعلام الا وزاد الطين بلة بتهديده ووعيده وعزمه على الاقتطاع وانفاذ القوانين وبين جامعة قد اختصرت في شخص امينها العام الذي يهدد ويتوعد على غرار الوزير وينذر بغياب الخطوط الحمراء والتصعيد المتواصل. وفي ظل هذا التصادم ولي الذراع وهذا الصراع العبثي يجد آلاف التلاميذ أنفسهم رهينة تتقاذفهم امواج اليأس والحيرة والضبابية وتتعمّق حيرتهم فهم لا يعلمون هل سيجتازون الامتحانات العادية والتأليفية ام ستكون سنة بيضاء بل سوداء عليهم وعلى اوليائهم الذين تكبدوا عناء ماديا ومعنويا ولا يرون نهاية لهذا النفق المظلم الذي حُشروا فيه رُغما عنهم. ولعل ما يعمّق المأساة ويحولها الى تراجيديا هو هذه اللامبالاة العامة من قبل الحكومة والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني وكانّ الشأن التربوي ومستقبل الاجيال لا يمثل قضية مفصلية تستدعي استنفار القوى الوطنيٌة لحلحلة هذه الازمة والانكباب على عملية الاصلاح التربوي التي قُبرت منذ مدة وأضحت مجرد ذكرى. إن مطالب الاساتذة التي صنّفت من قبل الوزير نفسه بالشرعية يجب ان يُنظر فيها بجدية والسعي الى تلبية المعقول منها وفق رزنامة واضحة في أقرب وقت من قبل الوزارة والحكومة عامة لنزع فتيل الازمة وعلى جامعة التعليم الثانوي ان تتحلى بالمسؤولية والروح الوطنية فتتخلى عن لهجة التصعيد المتواصل وذلك بتغليب مصلحة التلاميذ والظروف الاقتصادية الحرجة التي تمر بها البلاد. إن الوصول الى حل في هذا الملف الاساسي في حياة التونسيين أمر ممكن بتوفر الارادة من قبل الطرفين واستبعاد الصراعات الحزبية والرهانات الذاتية فلا منتصر في هذا الصراع بل الكل منهزمون...