يعتبر قطاع الحرف واحدا من أهم القطاعات على المستوى الاقتصادي والثقافي والسياحي والاجتماعي إلا انه يعرف تهميشا شمل كل المنتمين للقطاع . «الشروق» مكتب الساحل: وتعدّ ولاية سوسة 15 ألف حرفي بينهم أكثر من 10 آلاف مرسمين بسجل الحرفيين، ويواجهون مشاكل عدة على رأسها ضعف الدعم من هياكل الدولة وضيق أفق الترويج لمنتوجاتهم. «الشروق» التقت بعض الحرفيات الشابات من ولاية سوسة واللاتي رغم تمويلهن لمشاريعهن ذاتيا فإنهن أجمعن على مشكل الترويج داعيات إلى تخصيص ولو يوم في الشهر وسط المدينة لعرض منتوجاتهن وبيعها. وقالت ريم حملاوي وهي مختصة في صناعة لوازم صوفية وتزيين باليد «لقد كونت نفسي بنفسي وليس لي محل لترويج غير منزلي، أنفق على منتوجي ولكن لا أجد المداخيل الكافية بسبب ضعف الترويج فالمعارض هي المجال الوحيد لبيع منتوجي ولكنها قليلة وحتى التي تنظم في سوسة تكون في مكان غير مناسب، نرجو أن يتم برمجة معارض منتظمة ومستمرة في أماكن معلومة للمواطن». وأضافت سلوى شعيب مختصة في الأكسسوارات للزينة مثل النحاس الأصفر وغيرها «كونت مشروعي منذ ثلاثة سنوات بتمويل ذاتي نظرا لأن البنوك تطلب ضمانات مقابل توفيرها لقروض وهذا شرط مستحيل تحقيقه بالنسبة لي فاضطررت لشراء المواد الأولية ولوازم العمل ولكن هذا جعلني في كل مرة أنفق من راس المال ثم أقترض لشراء لوازم العمل وفي كل مرة أقع في نفس الإشكال بحكم أن نسبة الترويج ضعيفة فلا نجد أي تشجيع حتى بتنظيم بعض المعارض فنحن ننضوي تحت رابطة الحرفيات ولكن هذه الرابطة لا تتمتع بأي امتيازات أو خدمات فعندما تتقدم برخصة لإقامة معرض في إحدى ساحات مدينة سوسة تجد العديد من الصعوبات وأغلب الأوقات يواجه طلبها بالرفض». ووجهت سلوى دعوة للسلط الجهوية لتشجيع الحرفيات قائلة «تخصيص مكان للعرض لا يكلفكم اي شيء بالعكس يرجع بالفائدة على الجميع لماذا تغلقون الأبواب في وجوهنا افسحوا لنا المجال». وقالت صابرين الربعي مختصة في التزويق على جميع المحامل «لقد بدأت هذه الحرفة كهواية منذ أن كنت أدرس، تعلقت بها من خلال حصص التربية التشكيلية وبعد انقطاعي عن التعليم طورت هذه الهواية واعتمدت على نفسي من حيث التمويل حاولت طلب قرض ولو بمبلغ بسيط ولكن اشترطوا علي الضمان وهذا لا أقدر عليه فأتممت الاعتماد على نفسي رغم صعوبة التمويل فليس لي محل ،أشتغل في المنزل وأبيع للمقربين وأنتظر في كل مرة فرصة تنظيم معرض لعرض منتوجاتي تلك الفرصة الأكبر بالنسبة لي». رابطة الحرفيات دون سند! وأبدت رئيسة رابطة الحرفيات للاتحاد الجهوي للمرأة بسوسة عفيفة مزابي استياءها من غياب الدعم والتشجيع قائلة «كان الاتحاد يساعدنا في التراخيص لتنظيم معارض مع منحة ولكن في الفترة الأخيرة أشعرنا بالاعتماد على أنفسنا، أدمجت 65 حرفية في الرابطة وحتى الرجال انضموا إلينا منهم من له ستون سنة في المجال والكل لهم مواهب خيالية ولكن للأسف لا يجدون الدعم والتشجيع الكافيين في أبسط الأشياء وهي المعارض فكلما توجهنا للولاية أو البلدية للترخيص في تنظيم معرض إلا وأجد الأبواب مغلقة ولا أسمع غير التسويف». وأضافت «نحن لم نطلب سوى يوم في الشهر لعرض منتوجاتنا في مكان مناسب في مدينة سوسة لا غير، والمؤسف مقابل ذلك نجد اتهامات من قبيل أننا كرابطة نشجع على الانتصاب الفوضوي في حين أنّ كل منتوجاتنا تقليدية والغريب أن أصحاب البضائع الصينية يعملون بكل حرية ويجدون المساندة ونحن الحرفيات نبدع منتوجات تونسية نلاقي التهميش والعراقيل وندعو المسؤولين لملاحظة ما نقوم به، فهؤلاء الحرفيات لم يجدن أي مساعدة اجتماعية كلما توجهن لمسؤول إلا واجهن الصد فهن لا يجدن قوت أطفالهن والرابطة مثلت لهن الحاضنة الاجتماعية». تفاؤل وعزيمة من جهتها قالت الحرفية هالة الهرقلي وهي مختصة في صناعة الدربوكة «ورثت هذه الحرفة عن زوجي وأمارسها في منزلي، أجلب الفخار من نابل ثم أصنع الجزء المتعلق بالجلد وصبغه وشده وأوزّع بضاعتي على محلات الصناعات التقليدية بنفسي والحمد لله» وأكّدت كلامها نادرة الهرقلي مختصة في التزويق على الفخار مضيفة «تكونت في معهد خاص ومولت مشروعي عن طريق بنك التضامن بمبلغ قيمته ثلاثة آلاف دينار ومن جمعيات أخرى بدأت برأس مال قيمته 500 د ثم تطور مشروعي وأطمح في المشاركة بمعارض وطنية كبرى». ضبابية وهواجس وعلقت الشابة فاطمة بكار خريجة المعهد العالي للفنون الجميلة «اخترت أن أستثمر تكويني في صناعة تقليدية عن حب وهواية واستخرجت منذ سنتين بطاقة حرفي واعتمدت على نفسي في تركيز مشروع في منزل والدي ولم أجد أي دعم من أي طرف ولا أدري أن كانت مهنة المستقبل أم لا». وأكّدت شاذلية الميغري حرفية في صنع المصوغ التقليدي لمدة 15 سنة أنها تلقت تكوينا في أحد مراكز التكوين مضيفة «نحن نبدع ونتعب وننفق ولكن لا نجد أين نسوق منتوجنا غير مناسبات المعرض وهي قليلة فأحيانا تكون مداخيلي دينارا واحدا فالهواية هي التي تجعلني أواصل في هذا المجال بالرغم من غياب الدعم من طرف الدولة والسلط المعنية فالرابطة هي الداعمة الوحيدة ولولاها لانقطعت عن هذه الحرفة». واضافت سميرة قزقز حرفية في صنع الملابس الصوفية باليد «أنا أم لثلاثة أطفال وزوجي متوفى وهذه الصنعة هي مورد رزقي الوحيد أرجو الدعم وإيجاد فضاءات لبيع منتوجي»، وقالت وحيدة العامري وهي حرفية في التزويق على المحامل «تلقيت تكوينا في مجالي ومولت مشروعي بصفة ذاتية ومداخيلي من المعارض وأوجه نداء إلى السلط المعنية بمنحنا فرصة للمشاركة في المعارض، وأريد الإشارة إلى خيبة ظن شعرت بها عندما دعانا الاتحاد الوطني للمرأة في العاصمة للمشاركة في أحد المعارض ولكن للأسف بعد المعرض طالبونا بمعلوم كراء المكان بالرغم أنه داخل مقر الاتحاد». القرية الحرفية حل في لقاء بوزير الثقافة محمد زين العابدين أثناء زيارته لسوسة توجهت له «الشروق» باستفسار إن كان في إنشاء قرية حرفية حل يجمع كل الحرفيين ويمكنهم من فرصة لتسويق منتوجاتهم وتطويرها وتعليم آخرين فأجاب قائلا «بعث قرية حرفية مهم جدا لأنها تنظم وتقنن القطاع وتعطي للحرفيين في سوسة القدرة على تسويق منتوجاتهم وسنسعى جاهدين لتفعيل هذا المشروع بتشريك وزارات أخرى». وأضاف : «قطاع الصناعات التقليدية هو رهان حضاري من شأنه التعريف بتاريخ وعادات تونس والمهارات التونسية بالإضافة إلى الموروث المتنوع والثري وهو أيضا رهان اقتصادي في علاقته بالاستثمار والحركة الاقتصادية، ولكنه بقي نوعا ما مهمشا، واليوم هناك خطة لدعم القطاع من خلال العديد من الآليات والنصوص التشريعية لفائدة أكثر من 350 ألف حرفي منهم 160 ألف متحصل على بطاقة مهنية». أرقام ودلالات 15000 عدد الحرفيين في ولاية سوسة 10590 عدد المرسمين بسجل الحرفيين 107 عدد المؤسسات الحرفية المسجلة 56 مؤسسة حرفية مصدرة