بدأ الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، غسان سلامة، رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا، زيارة عمل وصفها وزير الخارجية عبد القادر مساهل بالمهمة، حيث يبحث الدبلوماسي اللبناني الأممي مع الحكومة الجزائرية مستجدات الصراع في ليبيا، عشية تنظيم المؤتمر الليبي الجامع بتونس. الجزائر (الشروق) وتأتي جولة امس واليوم، في إطار تشاور أممي جزائري حول تسوية الوضع في ليبيا، وسط احتقان متجدد في طرابلس على المستويين السياسي والأمني. وتراهن الجزائر على إنجاح مبادرة التنسيق الأمني بين الفرقاء الليبيين، في خطوة موصوفة بالهامة ومن شأنها إخماد نيران الراهن الليبي، وإيقاف فوضى 22 مليون قطعة سلاح متبعثرة في أرجاء ليبيا. ومنذ احتدام الاقتتال في ليبيا، ظلت الجزائر ترافع لحل ليبي – ليبي، وقادت الجزائر رفقة تونس ومصر وإيطاليا أكثر من مبادرة لوقف نزيف الدم في ليبيا، خصوصا مع اتساع التهديدات الإرهابية وخطط التنظيم الدموي «داعش» للتمدّد في الداخل الليبي. ويؤثر الصراع الليبي على دولتي تونسوالجزائر، وعلى أوروبا من خلال المهاجرين، وتعدّ الجزائر أول طرف معني بهذا الصراع قبل أي دولة عربية أخرى، اعتبارا لعلاقات حسن الجوار والقرابة والكفاح التاريخي المشترك بين الشعبين الجزائري والليبي اللذين تربطهما علاقات تاريخية وعائلية. واعتبارا للمكانة والحنكة التي اكتسبتها الجزائر منذ عقود في معالجة أكثر من أزمة، فإنّها تتواجد في أفضل رواق لإنجاح مسار المصالحة الوطنية في ليبيا، خصوصا مع ما تتمتع به الجزائر من مصداقية وحياد، وابتعادها عن أي أطماع، إلى جانب قدرات دبلوماسيتها في إقناع المتنازعين على غرار ما حصل في مالي، بما يمنحها حظوظا كبيرة لرأب الصدع الليبي، خصوصا مع حرص الجزائر على استقرار ليبيا، لأنّ ذلك يسهم في استقرار المنطقة ككل، وهو ما دفع الجانب الليبي الرسمي يبرز مراراً «المراهنة على دور جزائري أكبر يسمح بحلّ الأزمة الليبية». ويعني تسريع الحل في ليبيا، الكثير للجزائر، طالما أنّ استمرار ما يحدث هناك ينذر بزلزال أمني بالنسبة للجزائر، احتكاما لجملة من الاعتبارات الجيو-سياسية والأمنية المتعلقة بمستقبل قبائل الطوارق، شبح «الأفريكوم»، وامتدادات ما يسمى ب «داعش»، وهي محاذير غير مفصولة عن العمق الاستراتيجي والأمن القومي للجزائر، خصوصا مع اتساع التسلح والتهريب على الحدود، في صورة أطنان من الأسلحة بينها مضادات جوية تصل الى الجزائر عبر جهاتها الجنوبية الشرقية المحاذية لليبيا. ويخشى الجانب الجزائري تغذية تعفين الصراع الليبي، وما يمكن أن ينشأ عن تأسيس قبائل الطوارق لدولة في عمق الصحراء الليبية، بجانب إمكانية إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية تحت غطاء مكافحة الإرهاب. ويشكّل تواجد حقول النفط على أطراف الصحراء الكبرى عاملا إضافيا يفرض على صنّاع القرار في الجزائر حراكا أكبر، لأنّ تحوّل حدودها مع ليبيا إلى معترك أمني مهزوز، سيلقي بظلاله الغير مأمونة على الشريان النابض للاقتصاد الجزائري الذي يقوم ب 98 % على ما تدرّه المحروقات. وفي فصل جديد من مسلسل الاحتقان، هاجمت قوة حماية طرابلس وزير داخلية الوفاق، فتحي باشا آغا، متهمة إياه ب «محاولة جر العاصمة إلى حرب جديدة» . وفي بيان ناري موسوم «إن عدتم عدنا»، شدّدت القوة التي تأسست في الثامن عشر من الشهر الأخير، والمشكّلة من: «قوة الردع المشترك أبو سليم، النواصي، كتيبة ثوار طرابلس، وباب تاجوراء»، أنّ: «ما يقوم به وزير الداخلية المفوض لحكومة الوفاق الوطني فتحي باشا آغا منذ توليه مهامه هو محاولة صريحة للزج بالعاصمة طرابلس مرة أخرى في حرب دموية». وتوعدت قوة حماية طرابلس بأنها سوف «لن تبقى في صمت وستضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن واستقرار العاصمة «. وأتى هجوم قوة حماية طرابلس، 48 ساعة بعد تصريح، باشا آغا، أنّ «الأجهزة التابعة له مباشرة تتبع الطاعة الإدارية وتخضع للقانون، بينما لا تطيع ما وصفها بالمجموعات المسلحة، والتي تتسبب في فوضى أمنية، مؤسسات الدولة الليبية». وبالتزامن مع اتهامه ب «التحالف مع جماعة الإخوان المسلمين واللواء السابع»، قال وزير داخلية الوفاق إنّ ميزانية الوزارة تقع تحت سيطرة مجموعات مُسلحة كبيرة، وأن هذه المجموعات تعمل تحت مسميات مُختلفة كالأمن المركزي ( كتيبة ثوار طرابلس ) وغيره تنتمي إسمياً فقط لداخلية الوفاق.