دخلت أزمة التعليم الثانوي منعرجا خطيرا بدخول التلاميذ في اضرابات ومقاطعة الدروس بعديد الجهات ورفع الاولياء لمئات القضايا وتنظيم وقفات احتجاجية وانتقل صراع نقابة الثانوي ووزارة التربية الى الشارع بسبب غياب الحلول والتلويح ب"سنة بيضاء". تونس (الشروق): تعطّلت المفاوضات بين الاطراف النقابية ووزارة التربية ويبدو أن أفق انفراج أزمة التعليم الثانوي في تونس مازال بعيد المنال مع تواصل التهديد والوعيد بين طرفي الصراع الذي يبدو انه اتخذ منحى شخصيا بين وزير التربية حاتم بن سالم ولسعد اليعقوبي دون ان يراعي كلا الطرفين مصلحة التلميذ والولي الذي ينفق سنويا في التعليم وفق الاحصائيات الرسمية 420 مليون دينار خلال العودة المدرسية لوحدها دون احتساب الدروس الخصوصية التي يناهز معدل الانفاق فيها مليار دينار في السنة. تلاميذ يصرخون: «لوقتاش» يصارع الاولياء بمفردهم نتائج ما لم ترتكبه ايديهم من اضطراب على مستوى الدروس النظامية بسبب انخراط التلاميذ في جل المعاهد والاعداديات في تحركات احتجاجية (لا احد يعلم ان كانت عفوية ام انها موجهة من بعض الاطراف لتأجيج الوضع) يطالبون بإجراء الامتحانات ويحتجون على التهديد بسنة بيضاء ولعل ابرز هذه التحركات ما حدث امس بالمعهد الثانوي بالمظيلة اذ عبر عدد من التلاميذ عن استيائهم من تواصل اضطراب السنة الدراسية في المعاهد والاعداديات بسبب تعطيل الدروس والامتحانات في ظل تواصل صمت الحكومة وعدم التدخل لحل الازمة وقد عمد التلاميذ في المظيلة الى كتابة لفظ "لوقتاش" بحقائبهم تنديدا بما آل اليه الوضع في المدرسة العمومية. ولئن اختار تلاميذ هذا المعهد طريقة راقية في التعبير عن احتجاجهم فان تلاميذ اخرين اختاروا العنف واجبار زملائهم على مغادرة مقاعد الدراسة ومعلوم ان محيط المدارس غير امن فقد اصبح في السنوات الاخيرة مرتعا للمنحرفين وعصابات بيع المخدرات حتى ان وزير الداخلية صرح في مجلس النواب مؤخرا ان النية تتجه الى مزيد تامين محيط المعاهد والاعداديات التي تحوّلت الى هدف لعصابات المخدرات. مئات الشكايات ونظرا لتضرر مستوى التلاميذ وارتهان مستقبلهم في كل مرة للصراعات والتجاذبات بين نقابة الثانوي ووزارة التربية فقد اختار مئات من اولياء التلاميذ في المرحلتين الاعدادية والثانوية رفع شكايات ضد جامعة التعليم الثانوي وذلك لدى وكلاء الجمهورية بالمحاكم الابتدائية بعديد الولايات وذلك بوصفهم متضررين من قرار مقاطعة الامتحانات ومجالس الأقسام بالنسبة للثلاثي الأول من السنة الدراسية الحالية، ويشار الى ان المنسق الوطني لحركة "أولياء غاضبون" حسن بن عبد العزيز الشك كان قد صرّح في وقت سابق أن ممثلي الاولياء الذين قدموا الشكايات تسلموا وصولات تفيد بالإذن بفتح بحث جزائي وتتبع المشتكى بهم. واعتبر ان الشكايات المقدمة من قبل الاولياء تندرج في سياق "التعبير عن الغضب واستنكار التصرفات غير المسؤولة للجامعة العامة للتعليم الثانوي التي اتخذت من مليون تلميذ رهائن ودروع بشرية لابتزاز الحكومة وحملها على القبول بمطالبهم". نواب الشعب على الخط وبعد صمت طويل عبّر امس الثلاثاء 15 جانفي 2019 عدد من نواب الشعب عن استنكارهم لتوقف الدروس في عدد من المدارس والمعاهد والانقطاعات المتكررة للدروس في بعض المؤسسات الاخرى وعدم اجراء الامتحانات امام صمت ما وصفوهم ب" الاطراف المعنية" مطالبين الحكومة بضرورة انقاذ السنة الدراسية الحالية حتى لا تكون سنة بيضاء. وأكد عدد منهم لدى مناقشتهم لمشروع اتفاق قرض مبرم بين تونس والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ان ما يعادل 277.7 مليون دينار مخصصة لتمويل مشروع "دعم جودة اساسيات التعليم المدرسي" واعتبروا ان حل ازمة التعليم اصبح ضروريا ذلك انه اثر سلبا على التلاميذ والاولياء والمدرسين، هو مسؤولية جماعية تتحملها الحكومة والنقابات وكل الاطراف المتدخلة. كما ندد النواب بالوضع المتردي الذي يعيشه قطاع التعليم العمومي في تونس من خلال تدني المستوى التعليمي والاخفاق المدرسي واستفحال ظاهرة الانقطاع المبكر عن الدراسة. واعتبروا أن "هناك محاولات لضرب التعليم العمومي لفائدة التعليم الخاص"، ودعوا إلى القيام بإصلاح شامل للمنظومة التربوية والتفاعل والتحاور مع النقابات موصين بضرورة الاستثمار في محتوى البرامج والمناهج التعليمية الى جانب تطوير البنية التحتية والتجهيزات. أين الحكومة؟ بعد مقاطعة الأساتذة للامتحانات يبدو ان صراع نقابة التعليم الثانوي مع وزارة التربية قد تحوّل الى الشارع ورغم تأزم الوضع بعد ان حادت الأمور واتخذت مسارا تصادميا قد يؤدي إلى "خسارة" تتكبدها جميع الأطراف حكومة ومنظمة شغيلة وأولياء وتلاميذ...فهل تتحرك الحكومة لإيجاد حل لسياسة لي الذراع التي اصبحت جلية بين وزير التربية حاتم بن سالم و كاتب عام الجامعة العامة للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي خاصة وان رفض المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل لمقاطعة امتحانات الثلاثي الأول لم يمنع الجامعة العامة للتعليم الثانوي من اتحاذ هذا القرار والتصعيد دون رادع فهل تتوصل الحكومة الى حل؟ رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني «كل الاطراف مطالبة بإيجاد الحلول» دعا رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح ل"الشروق" الرئاسات الثلاث للتدخل وحل ازمة التعليم التي تعمقت واعتبر ان كل الاطراف المعنية في الحكومة بإيجاد حل للأزمة التي يعيشها قطاع التعليم الثانوي بسبب مقاطعة الامتحانات والحيلولة دون الوصول الى سنة بيضاء يدفع فاتورتها باهظا الولي والتلميذ كما دعا الاولياء الى القيام بدوهم في تأطير ابنائهم والحرص على الدفاع على مصالحهم في اطار القانون دون السماح الى اي طرف بالزج بهم في تحركات غير سلمية. كما دعا الى ضرورة توفير الظروف الملائمة للتلاميذ للتركيز في ما تبقى من السنة الدراسية واعتبر ان التلميذ يفقد جزءا هاما من رغبته في التعلم لدى حرمانه من الامتحانات. كما اعتبر أن الأزمة التي يتحمل تبعاتها التلاميذ والأولياء يجب حلها بالحكمة وتغليب مصلحة التلميذ لإنقاذ السنة الدراسية الحالية، وأن الجمعية لن تساهم في توتير الأوضاع أو الاحتجاج، في انتظار حل المشاكل العالقة في أسرع وقت بين الأطراف المعنية. الاستاذ احمد بن حسانة «مقاطعة الامتحانات جريمة تصل عقوبتها الى السجن سنتين» اعتبر الاستاذ أحمد بن حسانة في تصريح ل«الشروق» ان مئات الاولياء قدموا شكايات ضد جامعة التعليم الثانوي على خلفية تضرر ابنائهم وتضررهم من قرار مقاطعة الامتحانات ويهدف تحرك الاولياء الى ان يبلغ عدد الشكايات الى الف ولي. ووصف ما اقدمت عليه نقابة الثانوي من خلال مقاطعة الامتحانات بالجريمة على خلفية فصول مجلة الشغل باعتبارها "تعطيل اجراء عمل بالقوانين" ويمكن ان تصل عقوبتها الى سنتين سجنا. واضاف ان النيابة العمومية قررت فتح بحث جزائي ضد جامعة التعليم الثانوي كما قدم الاولياء تصريحاتهم في انتظار ما سيترتب عنه من اجراءات في الايام القادمة. 900 ألف تلميذ تضرروا من مقاطعة امتحانات الثلاثي الاول. 1.885.272 يوم عمل مهدور حسب وزير التربية بسبب الاضرابات والغيابات مليون ونصف مليون أسرة معنية بالتعليم الاعدادي والثانوي 420 مليون دينار تنفقها الأسر التونسية لتأمين العودة المدرسية 277.7 مليون دينار حجم تمويل مشروع "دعم جودة اساسيات التعليم المدرسي" صادق عليه امس مجلس النواب. ٪3٫8 نسبة استهلاك المراهقين للمخدرات في تونس وقد تضاعفت الظاهرة خلال السنوات الاخيرة.