حركة تونس إلى الأمام : مشروع قانون أمريكي بخصوص الدّيمقراطية في تونس يعد تدخّلا سافرا في الشّأن الدّاخلي    الخطوط التونسية تسجّل خسائر صافية ب 335 مليون دينار مع نهاية 2021    الخبير الاقتصادي العربي بن بوهالي: التضخم في تونس يهدّد الادخار الوطني ويعمّق الفوارق الاجتماعية    النائب محمد علي يعلن عن مشاركته في "أسطول الصمود المغاربي والعالمي" لكسر الحصار عن غزة    مباراة تونس مصر: التشكيلة المحتملة والقناة الناقلة.. #خبر_عاجل    بطولة افريقيا للكرة الحديدة المقيدة بالموريس: المنتخب التونسي ينهي مشاركته ب13 ميدالية منها 4 ذهبيات    الزهروني: إيقاف منحرف نفّذ 3 براكاجات في وضح النهار استهدفت نساء    فيلم ''صوت هند رجب'' للمخرجة التونسية كوثر بن هنية يحصد 6 جوائز مرموقة في مهرجان البندقية    "صوت هند رجب" يحصد ست جوائز في مهرجان البندقية السينمائي    عاجل/ تخرّج أوّل دفعة للحرس البلدي..    عاجل/ تم ضبطهم بميناء حلق الوادي: هذا ما تقرّر ضد أفراد شبكة دولية لتهريب المخدرات    تصفيات كأس العالم 2026: منتخب مصر يواصل التألق والمغرب يحسم التأهل للنهائيات    عاجل/ المغزاوي يدعو الى رفض التدخّل الخارجي مهما كان الاختلاف مع النظام الحاكم    هيئة السوق المالية تدعو المستثمرين الى توخي اقصى درجات الحذر ازاء اي عرض استثماري مغر    عاجل: صدور نتائج حركة النقل الدورية للابتدائي.. التفاصيل على الرابط التالي    بالفيديو: أضرار فلاحية كبيرة بسبب التبروري في القصرين.. شاهد    محرز الغنوشي: مطر و''تبروري'' في المرتفعات.. واللي يحب يبحر يقصد ربي    مائدة مستديرة في تونس تكشف ازدواجية مواقف القوى الكبرى تجاه القانون الدولي    زغوان: تكريم أبطال الكراتي الذين توجوا في بطولة العالم بمدينة مرمرة بتركيا    غدا.. خسوف كامل والقمر "دموي"    حماية حقوق الطلاب والمستأجرين: نصائح قانونية مهمة من الأستاذ حسين الأقرم    استنفار داخلي وحراك خارجي لمنع ضربة أمريكية وشيكة.. ماذا يجري في العراق؟    وزير التشغيل يبحث مع سفير الاتحاد الأوروبي سبل مزيد تعزيز التعاون في مجال التشغيل والتكوين المهني    وزير التجهيز يتعهد: مهلة أخيرة أمام المقاولين لتسريع لاستكمال ''إكس 20'' قبل نهاية 2025    عاجل: مرض ''الإيبولا'' يعود من جديد    عاجل/ رغم المعارضة الأمريكية: الأمم المتحدة تقرّر استئناف مؤتمر "حل الدولتين"    مركز الارشاد الجبائي عن بعد يتلقى اكثر من 15700 مكالمة الى أواخر شهر أوت المنقضي    عاجل/ وصول جثمان الفقيد عبد القادر الذيبي إلى تونس    غزة: 13 شهيداً منذ فجر اليوم.. والاحتلال يواصل قصف تجمعات النازحين والمساعدات    اليوم: الحرارة تصل 40 درجة وأمطار بعد الظهر بهذه المناطق..    سدد 21 طعنة لأمه.. شاب يرتكب "مذبحة" في حق عائلته    "حادث خطير" يُدخل لويس إنريكي غرفة العمليات    عاجل/ زلزال جديد يضرب أفغانستان    في الذكرى 69 لانبعاثه: الحرس الوطني يجدّد العهد لحماية الوطن.. #خبر_عاجل    وزيرة الصناعة تشارك في النسخة الأولى للمعرض الإفريقي للسيارات بالجزائر    عاجل/ فيروس "إيبولا" يعود من جديد    كأس الكاف.. الكشف عن حكام مباريات الفرق التونسية    وزارة الصحة تُقر خطة عملية للوقاية والكشف المبكر عن السكري..    الساحة الإعلامية تفقد المخرج التلفزيوني الكبير محمد الحاج سليمان    قفصة...35 وليّا صالحا .. أشهرهم سيدي منصور الإدريسي المغربي    في دورة مخصّصة لروح الفنّان الراحل عبد الرزاق الساحلي .. نابل تحتفي بالفنّ التشكيلي    حوار الأسبوع...الممثل صالح الجدي ل«الشروق» .. عقلية «البوز» غيّبت جيلا كاملا من المُمثلين    مهرجان قليبية الدولي نادي السينمائيين الهواة بقفصة ينال جائزة أفضل صورة    الجزائر: وزير التجارة يفتتح فعاليات المشاركة التونسية في معرض التجارة البينية الافريقية    عاجل/ ارتفاع احتياطي العملة الصعبة    الليلة: أمطار متفرقة بهذه المناطق..    الترجي والنادي الإفريقي في موجهات كبيرة في كرة اليد ، شوف التوقيت والمنافسين    تراجع طفيف في نسبة التضخّم خلال شهر أوت.. #خبر_عاجل    تعرف على المنتخبات ال16 المتأهلة إلى كأس العالم 2026    عاجل/ تقلّص الإصابات بفيروس إلتهاب القصيبات الهوائية لدى الرضع بصفاقس    أشغال على جسر حنبعل من نهار الأحد: طرقات مسكرّة والحافلة 347 تتدخل    مأساة فلسطينية صادمة: القصة الحقيقية وراء فيلم ''صوت هند رجب''    أسطول الصمود يدعو القباطنة والربابنة وميكانيكيي السفن والبحّارة وطواقم السفن في كافة دول المغرب العربي إلى الانضمام إليه    تونس تشارك في مهرجان"بهولنج" الدولي للمسرح بالهند    الكواكب تدعو للحذر والجرأة... ماذا يخبّئ لك برجك اليوم؟    عاجل: دولة عربية تعيش خسوفا للقمر لأكثر من 5 ساعات...التفاصيل    عاجل: انفراج أزمة الأدوية بداية من الأسبوع القادم    خطبة الجمعة..في ذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام.. كيف نحب هذا النبي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مفتوحة إلى السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي:لهذه الأسباب أصرّ على تطبيق الأعراف الجامعية هذه المرّة
نشر في الشروق يوم 27 - 01 - 2019

إني المذكور أسفله كنت قد كُلفت خلال شهر أفريل الماضي، عبر مكتوب رسمي من طرف السيد رئيس جامعة الزيتونة، ب«تحكيم» كتاب صادر عن مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان يحمل عنوان نظام اللسان ومنهج البيان في تحليل الخطاب الشرعي الإسلامي. نعم هو تكليف ب«تحكيم» كتاب منشور خلافا لمنطق التقاليد الأكاديمية المعروفة حيث يسبق التحكيم النشر، لكن لا غرابة أن تسير الأمور على خلاف طبيعتها في جامعة الزيتونة. المهم أني أنجزت العمل المطلوب الذي استغرق منّي شبه تفرغ لشهر كامل من العمل المتتابع وقدمت تقريرا إلى السيد رئيس الجامعة بتاريخ 15 ماي 2018 عن طريق مدير مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان، كما أودعت نسخة من هذا التقرير بالإدارة العامة للبحث العلمي بتاريخ 27 جوان 2018 وسلمت أخرى إلى السيد كاتب الدولة للبحث العلمي بصورة شخصية بتاريخ 28 جوان 2018.
وقد خلصت في هذا التقرير إلى أن الكتاب أبعد ما يكون عن المواصفات التي يجب أن تتوفّر في العمل الأكاديمي الجدير بأن يصدر عن مركز بحث علمي. وقد بنيت هذه النتيجة في مستوى أول على استدلالات وتحليلات قمت بها وبيّنت من خلالها كيف أن الكتاب مبني على إخلالات واخطاء معرفية فظيعة غير مسموح بها حتى في أعمال الطلبة والباحثين المبتدئين، فما بالك بعمل ترشّح به صاحبه لخطة أستاذ تعليم عال ونالها بعد أن باركه كبار علماء الزيتونة (أعضاء اللجنة التي درست ملفات الارتقاء لخطة أستاذ تعليم عال في مادة الفقه وأصوله). ولكني لن أدخل هنا في تفاصيل هذه الجوانب المعرفية التي ستكون ربما مدار مقال مطوّل ذي طابع أكاديمي، إذ ما أريد التنصيص عليه هو المستوى الثاني الذي أسّست عليه حكمي على هذا الكتاب والمتعلّق بما تضمّنه من مظاهر ثابتة وموثّقة في الانتحال والتمويه. وأتحدّث عن الانتحال هنا، بالمعاني التي ضبطها الأمر عدد 2422 المؤرخ في 23 جوان 2008 في فصله الرابع، منها «النقل الحرفي للنصوص» و«ترجمة استشهادات عن مؤلفين آخرين» و«عدم وضع الاستشهادات المنقولة عن مؤلفين آخرين وترجمتها بين معقفين». وقد ثبت لديّ أن الكتاب متوفّر على مساحات واسعة جدا ممّا يدخل تحت باب هذه الظواهر الانتحالية وقد قدمت في تقريري أمثلة موثّقة على سبيل النمذجة، لا على سبيل الحصر. أما التمويه فأعني به الإيهام بالتعامل المباشر مع المصادر والمراجع في حين تقوم قرائن قوية في بعض الأحيان وأدلة قاطعة في أحيان أخرى على أن الكاتب ينقل عن مراجع يخفيها ويحيل مباشرة على المصادر الأولى.
وأنا إذ أكتب هذه الرسالة المفتوحة، فلأني بتّ على يقين بأن تقريري سيكون مصيره التجاهل من قبل الطرف الذي طلبه (جامعة الزيتونة) والطرفين المعنيين بمتابعته (كتابة الدولة للبحث العلمي والإدارة العامة للبحث العلمي).أعرف أن هذه المظاهر من الانتحال والتمويه غدت مستفحلة في الجامعة التونسية، وهو أمر «طبيعي» في تقديري، لأنها جزء لا يتجزأ مما تعرفه بلادنا اليوم، في جميع المجالات، من استشراء لظواهر السرقة والفساد واعتماد الوسائل الدنيئة وغير المشروعة في تحقيق المآرب الشخصية. وليست لي في حقيقة الأمر أوهام بشأن وجود إرادة عامة (سياسية أو غير سياسية) لمحاربة مثل هذه الظواهر، سواء في الجامعة أو في غير الجامعة. وأعرف أن صاحب الكتاب ليس أول من نال درجة جامعية لا يستحقها معرفيا وليس أول من اعتمد أسلوب ال«couper/coller» بهذه الدرجة ليوهم بأنه يحمل أسفارا، ولن يكون الأخير. وقد كنت سأتفهّم عدم تفاعل إدارة مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان ورئاسة جامعة الزيتونة وإدارة البحث العلمي وكتابة الدولة للبحث العلمي مع تقريري هذا، وكنت سأقبل الموقف الضمني لهذه الأطراف الذي مؤداه: «شكر الله سعيكم»، لو أني بادرت بتقديم التقرير من تلقاء نفسي مدعيا أني «مواطن صالح» أنجزته «غيرة على الجامعة التونسية ومستواها العلمي» و«دفاعا عن المعايير الأكاديمية والقيم الجامعية» ... إلخ. ولعلمكم، يا سيادة الوزير، ليس نشر هذا الكتاب الا صورة عمّا اعتبره إهدارا لجميع شروط العمل الأكاديمي واستخفافا بأبسط مقومات المؤسسة البحثية الجامعية في تسيير مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان. ولي بدل الدليل مئة عن حجم الخور في هذه المؤسسة، ولم أكلف نفسي يوما القيام بدور «المواطن الصالح» في التنبيه إلى هذا الأمر، لأني، اعتبر، ببساطة، أن شروط الإصلاح غير متوفّرة في هذه المؤسسة.
أما وقد أنجزت التقرير بتكليف رسمي من رئيسي في العمل وصرفت فيه من الجهد والوقت على حساب التزاماتي البحثية والتأطيرية، فمن حقي الاصرار على أن يتمّ التعامل مع هذا التقرير بما يجب التعامل به في مثل هذه الحالات، أي إما بتسفيه محتوياته وإبطال نتائجه عن طريق تقرير علمي مضاد (وأنا واثق تمام الوثوق مما كتبت وأن مسألة الانتحال على مقتضى الأمر المذكور ثابتة لا لبس فيها)، وإما بتطبيق القانون بحذافره على الكتاب وصاحبه الذي ترقّى به إلى درجة أستاذ تعليم عال ومحاسبة من كان وراء نشر هذا الكتاب المهزلة دون تحكيم علمي رصين. فمن غير المعقول أن يقع تكليفي بعمل تطلّب منّي أن أقرأ ما يقارب الثمانمائة صفحة (متن الكتاب مدار التحكيم وكتاب آخر على صلة به للمؤلف نفسه)، هي من أردأ وأسوأ ما يمكن أن يجبر الباحث على قراءته، وأن أقضي ساعات طوال في مراجعة الكثير من المواقع الإلكترونية وتدقيق الكثير من المسائل وأن أصوغ تقريرا في عشرين صفحة مدعّما بما يلزم من شواهد موثّقة، ثمّ يرمى بهذا التقرير في سلة المهملات. وأنا اليوم أتساءل ما الذي دفع رئيس جامعة الزيتونة إلى طلب «تحكيم» كتاب قد تمّ نشره إذا لم تكن له نية اتخاذ التدابير اللازمة وتدارك خطأ نشره من قبل إدارة المركز؟ في الحقيقة لا أرى اللحظة إجابة معقولة، ولا أريد ان أدخل في متاهات التخمين أو التأويل. كل ما أعرفه أنه من غير المعقول أن يكلّف جامعي بعمل يبذل فيه جهدا ويصرف فيه وقتا ويسعى إلى إنجازه بأقصى ما يمكنه من الجدّية والإتقان، ثم يكون مصير هذا العمل الإهمال، مما يفتح باب التأويلات والتخمينات بشأن الدوافع التي تقف وراء تكليفي بهذا العمل. لهذا أنا مصرّ على أن لا تمرّ هذه الحادثة مرور الكرام وأن يتمّ التعامل مع تقريري بمقتضى الأعراف والقوانين الجامعية. أنا أدعوكم، سيدي الوزير، بصفتكم المسؤول الأول عن حسن سير المرفق الجامعي، التدخل من أجل أن يتحقّق هذا الأمر. والفت عنايتكم أني احتفظ لنفسي باستخدام جميع الوسائل الممكنة والمشروعة من أجل بلوغ هذه الغاية إذا فضلت وزارتكم تجاهل هذه الرسالة المفتوحة.
سهيل الحبيّب
باحث/أستاذ تعليم عال بمركز
الدراسات الإسلامية بالقيروان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.