تعتبر مدرسة طريق تونس من أهم وأقدم مدارس حمام سوسة، وقد تأسست في 2 أكتوبر 1925 وفتحت أبوابها في 2 أكتوبر 1926 ب150 تلميذا بين فرنسيين وتونسيين، يتوزعون على 3 اقسام يزاولون تعليمهم في قاعتين، وتعرف سابقا لدى المتساكنين بمدرسة سيدي سالم نسبة إلى الولي الصالح سيدي سالم. وقد تخرج منها العديد من الإطارات والكفاءات العليا، كان لها دور بارز في المقاومة والنضال ضد المستعمر.، وهي تضمّ حاليا 713 تلميذا يتوزعون على 26 فصلا يشرف على تعليمهم 45 مدرسا. وشهدت بنية المدرسة تطوّرا لافتا في السنوات الأخيرة نتيجة المجهودات المتميّزة للإطار التربوي من مدرّسين ومديرين، استطاعوا أن يغيّروا وجه المدرسة في فترة وجيزة لتحقق قفزة نوعية في عديد المجالات كالبنية التحتية والتجهيز والفضاءات المتخصصة مما بوّأها لتكون نموذجا يحتذى على الصعيد التربوي المحلّي والجهوي. ومن أهم عناصر نجاح هذه المدرسة في مشاريعها قدرتها على بناء شراكات فعّالة مع محيطها الاجتماعي والاقتصادي والهياكل المحلية كبلدية حمام سوسة وغيرها من منظمات المجتمع المدني، إذ تظافرت جهود جميع المتدخلين في تحقيق أهداف مشروع المؤسسة إيمانا منهم بأهمية الدعم الذي تحتاجه المدرسة لتحسين بنيتها التحتية وبعث فضاءات متخصصة تعود بالنفع على نتائج المتعلمين وتوفير ظروف الرفاه البيداغوجي للجميع. وقد حرص المديرون المتعاقبون على إدارة هذه المدرسة على خلق المناخ الملائم للشراكة وبناء الثقة المتبادلة بين المدرسة وبين كلّ مكوّنات المحيط من أجل حشد الدعم وتعبئة كل الموارد المتاحة لتغيير وجه المدرسة لتصبح حقّا مدرسة نموذجية من حيث الجمالية ونوعية التعلم وظروفه. وشمل مشروع المدرسة تهيئة الساحة وبعث مكتبة مفتوحة تساهم في الارتقاء بالسلوك القرائي للمتعلمين في أوقات الراحة وفي ساعات الفراغ، وإقامة مسرح خارجي يستوعب كل تلاميذ المدرسة، تقدم فيه كل الأنشطة ذات البعد الفني إضافة إلى إنشاء فضاء متعدد الاختصاصات مصمم أفضل تصميم ومجهّز بأرقى التجهيزات، ضمّ مكتبة مدرسية مؤثثة بمدوّنة قرائية ثرية ومسرحا داخليا وفضاء للعروض الرقمية، ساعد كلّ ذلك في ترغيب المتعلمين في التعلم وتحسين جودة التعلمات وتمتين صلتهم بمدرستهم. ولم تهمل المدرسة والمشرفون عليها البعد البيئي لضمان التنمية المستدامة وغرس السلوك البيئي بالتعاون مع بلدية حمام سوسة والجمعيات ذات الصلة، من خلال العناية بالحديقة المدرسية كفضاء بيئي يطوّر الجانب الجمالي للمدرسة وينمي لدى المتعلمين الحسّ البيئي والعناية بالمحيط، وقد استطاعت في هذا المجال الفوز بعديد الجوائز في كثير من المسابقات المحلية والجهوية. ولم يقتصر اهتمام الإطار المشرف على الجانبين الجمالي والفني بل حظي الجانب العلمي بعناية مخصوصة من قبل مدير المدرسة، وذلك بحرصه على إقامة مخبر للعلوم حسب المواصفات مجهّز بكلّ التجهيزات التي تلبي الفضول العلمي للطفل وتحفزه على البحث والتجريب والاستكشاف، وييسّر عمل المدرّس في عديد المواد ذات الطابع التجريبي. إن ما تحقق من مشروع مدرسة طريق تونس وما هو بصدد الإنشاء كقاعة الانتظار وحجرات تغيير الملابس للمتعلمين يشكل بداية بلورة نظرة جديدة إلى استقلالية المؤسسة التربوية واكتسابها شخصيتها القانونية... تصوّر يجذّرها في إطار محيطها المحلي الذي يشكّل حزام دعم، يسعى إلى مساعدتها على تحقيق مشاريعها وتقديم الدعم اللازم لها حتى تؤدي رسالتها التربوية والتعليمية في ظروف ملائمة، وتحقق الجودة المرجوّة في مكتسبات المتعلمين وسلوكاتهم ومهاراتهم، وتعدّهم إلى مستقبل أفضل. إنّ نجاح مدرسة طريق تونس في مشاريعها التربوية يؤكد أن الإصلاح ممكن وأنه يبدأ من الداخل بضمان تعاون المدرسة مع محيطها واستقطاب الموارد وكل العناصر الفاعلة فيه لتجنيدها لفائدة المؤسسة وتطوير خدماتها للرقي بمردودها والاستجابة لانتظارات المجتمع المحلي. د. نورة يوسفي باحثة في الشأن التربوي