عاجل: انقطاع في توزيع الماء بمناطق من ولاية سوسة: التفاصيل    إيران تعلن تفكيك شبكة جواسيس إسرائيلية تشغل طائرات مسيرة    النادي الإفريقي: بلاغ جديد من لجنة الإنتخابات    المنتخب التونسي أصاغر يحقق أول فوز في الدور الرئيسي لمونديال كرة اليد الشاطئية    راج أن السبب لدغة حشرة: فتح بحث تحقيقي في وفاة فتاة في جندوبة    غسل قشرة "الدلاع" و"البطيخ" ضروري قبل الاستهلاك    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    اللية..الوضع الجوي ملائم لظهور خلايا رعدية مصحوبة بأمطار    عاجل/ حصيلة أوّلية: 76 شهيدا في غزّة منذ فجر اليوم الخميس    الدولار يتخطّى حاجز 3 دنانير والدينار التونسي يواصل الصمود    إسناد المتحف العسكري الوطني بمنوبة علامة الجودة "مرحبا " لأول مرة في مجال المتاحف وقطاع الثقافة والتراث    صابر الرباعي في افتتاح الدورة 25 للمهرجان العربي للاذاعة والتلفزيون وكريم الثليبي في الاختتام وتنظيم معرض الاسبو للتكنولوجيا وندوات حوارية بالحمامات    ديوان التونسيين بالخارج يفتح باب التسجيل في المصيف الخاص بأبناء التونسيين بالخارج    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    عاجل : الخطوط الجوية السورية تعلن عن إجراءات مهمة    بوتين وشي: لا تسوية في الشرق الأوسط بالقوة وإدانة شديدة لتصرفات إسرائيل    مأساة على شاطئ المهدية: شاهد عيان يروي تفاصيل اللحظات الأخيرة    المتحف العسكري بمنوبة يتحصّل على علامة الجودة "مرحبا "    نُقل إلى المستشفى.. ريال مدريد يعلن تطورات حالة مبابي    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    وزارة التجارة للتونسيين: فاتورة الشراء حقّك... والعقوبات تصل إلى 20 ألف دينار    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    اتحاد الفلاحين ينظم، اليوم الخميس، النسخة الرابعة لسوق الفلاح التونسي    وزارة التجارة: شركات إلكترونية في تونس تخرق القانون.. والمستهلك هو الضحية    بطولة برلين للتنس (منافسات الزوجي): التونسية أنس جابر وشريكتها الاسبانية باولا بادوسا في الدور نصف النهائي    المنافسات الافريقية للأندية : الكاف تضبط تواريخ مباريات موسم 2025-2026    المنستير: المطالبة بايجاد حل للوضعية البيئية لشاطئ قصيبة المديوني    تحذير للسائقين.. مفاتيح سيارتك أخطر مما تعتقد: بؤرة خفية للجراثيم!    الفيفا يوقف لاعبين من بوكا جونيورز الارجنتيني لأربع مباريات في كأس العالم للأندية    الترجي في مواجهة مفصلية أمام لوس أنجلوس بكأس العالم للأندية..تدريبات متواصلة    عاجل/ الإطاحة بشبكة تستقطب القصّر عبر "تيك توك" وتقدّمهم للأجانب    أزمة لقاحات السل في تونس: معهد باستور يكشف الأسباب ويُحذّر    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    تونس: مواطنونا في إيران بخير والسفارة تتابع الوضع عن قرب    عاجل/ إضراب ب3 أيام بشركة الملاحة    بالفيديو: أمطار غزيرة في منزل بورقيبة بولاية بنزرت صباح اليوم الخميس    هكذا علّق بوتين على "احتمال" اغتيال خامنئي.. #خبر_عاجل    الترجي الجرجيسي يضم مدافع الملعب القابسي مختار بن زيد    النوفيام 2025: أكثر من 33 ألف تلميذ في سباق نحو المعاهد النموذجية اليوم    بداية من العاشرة صباحا: إنطلاق التسجيل للحصول على نتائج البكالوريا عبر الSMS    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    قيس سعيد: يجب إعادة هيكلة عدد من المؤسّسات التي لا طائل من وجودها    رئيس الجمهورية يشدّد على ثوابت الدبلوماسية التونسية في استقلال قرار الدّولة وتنويع شراكاتها الاستراتيجية    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الداخلية وكاتب الدولة لدى وزير الداخلية المُكلّف بالأمن الوطني    هجوم صاروخي كبير على تل أبيب وبئر السبع    بلومبيرغ: واشنطن تستعد لاحتمال توجيه ضربة لإيران خلال أيام    كأس العالم للأندية: العين الإماراتي يسقط أمام يوفنتوس بخماسية    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    فرْصَةٌ ثَانِيَةٌ    الإعلاء    محمد بوحوش يكتب: عزلة الكاتب/ كتابة العزلة    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدهور المكانة التفاعلية للنظام العربي:طريق اسرائيل للإطاحة بالحقوق الفلسطينية والهيمنة على الاقليم
نشر في الشروق يوم 30 - 01 - 2019

لم تكن السياسة يوما الا سلوكيا معياريا لتحقيق ما يجب أن يكون عليه الواقع، أو سلوكا يعكس فهما لممكنات ذلك الواقع. وإن حصل أن كانت جمعا بين السلوكين، فإن ذلك يكون لزمن محدود نادرا ما امتد سنوات طويلة الا في الحالة الفلسطينية، التي اقترنت بداياتها مع انتشار فكر النهضة العربية الإسلامية وتاليا الفكر القومي الذي طمح ومازال الى إقامة دولة الوحدة من ناحية، وولادة الحركة الصهيونية التي تسعى الى إقامة مملكة اسرائيل في قلب المنطقة العربية وتفتيتها من ناحية أخرى.
ومن بين نتائج أخرى أدى اليها هذا الاقتران المتعارض كان انبثاق مفهوم الأمن القومي العربي الذي قام على اعتبار أن اسرائيل التي تمادت بعدوانها واحتلت لاحقا كامل فلسطين وأراضي من ثلاث دول عربية أخرى هي مصدر التهديد الأخطر والرئيسي الذي يواجه الأمة.
وقد استمر ذلك الى حدود عام 1977 حين حطت طائرة الرئيس السادات في مطار بن غوريون على الرغم من وضوح مناحم بيغن وحكومته، من أن إسرائيل لن تعود إلى حدود العام 1967. ولن تعترف بالدولة الفلسطينية. ولن تقبل بإجراء اتصالات مع «منظمة التحرير الفلسطينية»، الأمر الذي أُعتبر في عديد الأوساط في حينه بداية انهيار النظام العربي وتغيرا في مفهوم أمنه القومي.
وفعلا فقد أدت الحرب العراقية الايرانية 1988-1980، ثم حرب الكويت عام 1990 واحتلال بغداد وإسقاط النظام وتفكيك الدولة عام 2003 وما أعقب ذلك من وقائع وتداعيات لأحداث الربيع العربي المتواصله الى الآن، أدت الى ثلاث نتائج. أولاها تدهور المكانة التفاعلية للنظام العربي على المستويين الاقليمي والدولي. وثانيتها إحداث تغييرات كبرى على مستويات القوة وانتشارها بين وحدات النظام، نجم عنها انتقال قيادة النظام الى منطقة الخليج. أما ثالثتها فكانت وقوع تغيرات في طبيعة تفاعلات وحداته من حيث الشدة والاتجاه.
ووفقا للدراسات الراهنة فإن هذه التفاعلات استقرت الآن على مستوى تفاعلات دول قيادة النظام الجديدة عند منطقة ما يعرف بالنمط التهديدي، الذي يشكل خطرا داهما على دور ومصالح وحدات النظام الصغرى، التي كانت دائما في مأمن من ذلك في ظل النمط القيادي السابق الذي بقي متأرجحا عبر تاريخ النظام بين التنافسي والتعاوني.
وهنا يجب الاعتراف بأن ما شهده النظام العربي منذ 2011 يعد فارقا وحاسما في تاريخه. إذ لأول مرة يصاب توزيع القوة فيه باختلالات حادة وشاملة، على عكس ما كان يصيبها في المرات السابقة. إذ كانت جزئية. وإنها قبل أن تترك آثارا دائمة على طبيعة تفاعلاته، - والتي عادة ما تكون أكبر ضحاياها هي وحداته الصغرى التي قد تدفع ثمنا باهظا جراء ذلك، خاصة اذا ترافق مع تغيرات نوعية في قيم النظام السياسية والامنية-، كان النظام إن بفعل عامل الوقت أو بتأثير تفاعلات النظام الدولي عليه المتباينة يعيد التوازن الى انتشار القوة فيه.
والمرجح في الحالة الراهنة لنوعية الاختلالات التي يعيشها النظام أن تكون التهديدات التي تواجه وحدات النظام الصغرى أشد خطرا من ذي قبل في ظل النمط القيادي التهديدي، خاصة عندما يكون وضع دولة أو دول قيادة النظام هشا كما هو الحال الآن. حيث اقترنت ولادة هذا النمط وصعود الدورين السعودي والاماراتي على رأس تفاعلات وحدات النظام، مع تغيرات ضخمة في بنية قوة دول المحيط الاقليمي -والتي من بينها اسرائيل طبعا- الى جانب تغيرات عميقة في بيئة وطبيعة تفاعلات النظام الدولي، التي أصبحت هي الأخرى أكثر ميلا نحو الطبيعة التنافسية في أغلب الحالات مع الجنوح بين الفينة والأخرى نحو التهديد، مع وصول ترامب الى البيت الأبيض وتصاعد شعبية التيارات اليمينية الشعبوبية، من جانب واتساع نطاق ومساحة الفعلين الروسي والصيني، وولادة تكتلات اقتصادية كبرى ربما تمهد لبنية مؤسسية من جانب آخر.
وإن كنا لا نميل الى استباق الأحداث والتطورات، بيد أن مستويات الرخاوة المتفاقمة في بنية تماسك وحدات النظام إزاء قوى المحيط الاقليمي، وتصاعد مستويات الاختراق العمودي من قبل النظام الدولي خاصة لدول قيادة النمط التهديدي التي تواجه أساسا عدة تحديات داخلية اضافة الى انعكاسات الربيع العربي التي لا يمكن القول بعدم تواصلها تحت أشكال مختلفة، كلها دلائل تشير بهذا القدر أو ذاك الى المضي نحو تغير إحدى أهم قيم النظام الاقليمي العربي، أي الأمنية والاتجاه نحو اعتبار أن ايران هي مصدر التهديد الأول للأمن القومي العربي.
وهذا ببساطة لا يعني فقط أن تتدحرج اسرائيل كمصدر تهديد رئيسي وأول للأمن القومي الى المرتبة الثانية أو الثالثة. بل ربما حسب معطيات الواقع الراهن والتسريبات التي يتم ترويجها بين الحين والآخر أن يصار الى إسقاط صفة العدو عنها وإدماجها في المنطقة تدريجيا لا سيما أن بوادر ذلك لاحت واقعا ملموسا في أفق الوضع العربي بعد أن أصبحت اسرائيل ليس عضوا فقط. بل طرف مؤسس في منتدى غاز شرق المتوسط، الأمر الذي يعد الخطوة ما قبل الأخيرة للالتفاف نهائيا على ما تبقى من قيمة معنوية لمقررات قمة بيروت عام 2002.
وفي هذا السياق تماما تقع محاولات كشف الظهر الفلسطيني على أكثر من مستوى من قبل أطراف عربية ودولية لتشديد الخناق على القيادة الفلسطينية لإرغامها على القبول بأي حل يمكّن من تسهيل إعادة صياغة قيم النظام الاقليمي بالصورة التي لا تنهي فقط حالة العداء مع اسرائيل وتقيم سلاما شاملا معها. لا بل تؤدي الى إدماجها في منظومته القيمية تمهيدا لفتح الطريق أمامها لاستغلال قوتها النوعية، والعسكرية والأمنية لتقرير اتجاهات تفاعلاته مستقبليا والسيطرة عليها بداية، للقضاء نهائيا على طموحات الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته المستقله وعاصمتها مدينة القدس، وبسط سيطرتها المطلقة على الاقليم تاليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.