الاهتمام الصهيوني بكلّ كلمة نطق بها السيّد نصر الله يعكس أهمية مواقفه وصدق تهديداته وأثرها على الجبهة الداخلية. ولو لم يكن لكلامه قيمة لما ألقى له الإعلام الصهيوني بالاً على الإطلاق. ولما أفرد مساحة من بثّه لمقتطفات من كلامه. يكفي أهمية أن يخرج بنيامين نتنياهو في اليوم التالي ليعلّق على ما قاله نصرالله. وأن تنبري القيادات العسكرية والسياسية في الكيان المحتل وبعضهم باللغة العربية إمعاناً في تشويه مواقف نصر الله وتحويل بوصلة النقاش والسجال الإعلامي حول الخطاب نحو وجهات لا تخدم أصل القضية. وهو تهديد الحزب للكيان الصهيوني في حال تمّ استهدافه في سوريا أو لبنان. وفي الوقت الذي انشغلت فيه الساحتان السياسية والإعلامية في الكيان الصهيوني بتهديدات نصر الله، ولامبالاته بالأنفاق المكتشفة، تذهب وجهة بعض النخب السياسية العربية المعادية للمقاومة ومعها قطاع إعلامي عريض للإمعان في التشويه وإعادة تدوير الشائعات مُنتهية الصلاحية من جديد حول صحة نصر الله و»عمالته لإيران» وجرجرته لبنان إلى حرب مع الكيان الصهيوني خِدمة لطهران إلى غير ذلك من الاتهامات. ليس جديداً أن يتعرّض الأمين العام لحزب الله لحملات تشويه منظّمة وأن يكون مادة دسمة للشائعات التي تنتشر على صفحات الجرائد الصفراء أو المواقع المشبوهة، فهذا أمر معتاد. أمّا أن يحتفي هؤلاء بكلّ كلمة تقال ضدّ نصرالله وحزبه في الساحة السياسية الصهيونية، فهذا مُنتهى الغرابة حيث الإسهام في حملة التشويه تتماهى مع الرغبات الصهيونية. هم يدركون أن العداوة متأصّلة. ونجاح أيّ من المشروعين (المقاومة والكيان الصهيوني) وتمدّده يعني انكماش الآخر وتآكله تمهيداً لموته. هو صراع وجود ونفي بكل تجلّياته بين مقاومة ترهن كل نفيس وتبذل كل جهد وتقدّم كل دعم في سبيل ما تصبو إليه من منعة لتحرير لبنان من هيمنة وعربدة صهيونية مستمرة ومُستبيحة لأراضيه ومُنتهكة لسيادته وبين مشروع استعماري إحلالي ديني قاتل للأطفال.