شاعت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة التجميل الصناعي وهو ما يعبر عنه بجراحات التجميل، ولم تعد هذه الظاهرة قاصرة للنساء، بل شملت الرجال ايضا وهو ما يحيل الى البحث عن موقف الشرع من هذه الظاهرة ومحاولة فهم ضوابطها. اتفق اهل العلم من الفقهاء على ان عمليات التجميل تنقسم إلى نوعين، نوع ضروري للمرأة أو الرجل، حيث لا يوجد مانع شرعي يحرم تلك الجراحة إذا كان الهدف منها تهذيب الأمور أو إرجاع الشكل الطبيعي لشكل الإنسان كأن يكون قد تعرض إلى إصابة نتيجة حادث أو ما شابه، وقد أدت الإصابة لتشويه فيجوز هنا الخضوع لمشرط الجراح، وهذا النوع من العمليات يخضع إلى القاعدة الشرعية التي تقول «لا ضرر ولا ضرار»، حيث تعيد الأمور إلى طبيعتها وأصول الفطرة التي فطر الله الناس عليها دون تعد أو تغيير لخلق الله، ومع التطور التكنولوجي والتقدم الطبي لا يمكن أن نترك الإنسان يعاني المرض ويصبر عليه، بل يجب أن تجرى له عملية تجميل لإصلاح العيوب الخلقية أو الطارئة، لكن عمليات التجميل من أجل التجميل والتغيير محرمة شرعاً سواء للرجل أو المرأة لأن الله فطر الناس ليس على شكل واحد، بل منهم الأبيض والأسمر، كما أن هناك نسبة وتناسباً بين العين والفم والأنف وبين جميع الأعضاء، وهي خلقة نهى الخالق عن تغييرها ، فالله تعالى لم يخلق إنساناً دميماً ولابد أن يعي الرجل والمرأة أن مقاييس الجمال نسبية وأن الله تعالى وضع في كل إنسان ميزة تميزه عن جميع الخلق، ولهذا فلا يجب أن نهرول وراء وهم الجمال، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الشباب عند الزواج ألا يبحث عن الجمال بقدر ما يبحث عن ذات الدين، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك»، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن إنفاق الأموال الضخمة على عمليات التجميل هو نوع من التبذير المرفوض ولا بد من مواجهة تلك الظاهرة تربوياً وتعليمياً ودينياً. أن الإسلام دين الجمال ويحث كل إنسان عليه، الجمال الفطري الذي لا يتعارض مع الشريعة، لكن ما نراه اليوم من مبالغة وتقليد أمور يرفضها الشرع والذوق العام، فقد رأينا من تزيل شعر الحواجب تماماً وتستخدم الوشم أو تقوم بإجراء عمليات تجميل لتصغير أو تكبير بعض أجزاء الجسم دون حاجة حقيقية أو طبية لذلك، بل إن هناك دوائر طبية تؤكد أن تلك العمليات لها آثار سلبية على المدى الطويل وتصيب من يجريها بالأمراض الخبيثة وهو ما يؤكد حكمة الشارع الحكيم عندما منع التدخل في تغيير خلقه سبحانه. لكن هذا لا يمنع من أن هناك عمليات يجوز شرعا الخضوع لها مثل إزالة الأكياس الدهنية التي تظهر في مواضع مختلفة من البدن خاصة لو كانت في الوجه أو إزالة الدهون المتجمعة إذا كانت تضر بالإنسان كما يجوز ترقيع الجلد المحترق أو المصاب سواء كان بجلود طبيعية أو ببدائل مباحة أخرى وإذا تعرضت المرأة لاستئصال أحد ثدييها، فيجوز أن تخضع لعملية تجميلية لوضع بديل صناعي وهذا يعد من التداوي الذي رغب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث عدة منها ما روي عن أسامة بن شريك قال: « كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت الأعراب فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟.. فقال: نعم تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد.. قالوا: ما هو؟.. قال: الهرم «.