«داعش» تعيش ساعاتها الأخيرة... هذا ما تؤكده الأخبار الواردة من جبهة القتال في شرق سوريا حيث يشنّ التحالف العربي الكردي، مدعوما من واشنطن، معركة حاسمة وأخيرة ضد آخر جيوب الإرهابيين الدواعش. ما هو مؤكد أن وضع 2014 حين كانت المنظمة الإرهابية تتمدّد لتسيطر على مناطق شاسعة من العراقوسوريا، قد انقلب رأسا على عقب وانتهت القبضة الحديدية التي كان يمسك بها الدواعش على سكّان المناطق التي كانوا يحتلونها فارضين قراءتهم السطحيّة المتخلّفة والمشوّهة لتعاليم إسلامنا السّمح المستنير، ومطلقين العنان لأبشع مظاهر الإكراه والعنف. انتهى الكابوس، ولم يبق من مئات آلاف مقاتلي «داعش» غير خمس أو ست مائة مقاتل لا يشك أحد في نهايتهم المحتومة بعد احتدام المعركة في الشرق السوري منذ يوم السبت الماضي. انتهى الكابوس أم تراه بدأ؟ نعم، غُلبت «داعش» واجتُثّ تنظيمها وقُضي على مقاتليها، ولكن ماذا عن الدواعش الذين فرّوا أو الذين حلقوا لِحَاهُمْ وغيّروا لباسهم وذابوا في الزحام؟ ماذا سيكون مفعول هذا السمّ الداعشي الذي سيتفشّى في جسم المجتمعات التي سيعود إليها نساء الدواعش وأطفال الدواعش وقدامى المقاتلين الدواعش؟ السؤال تفرض طرحه المعلومات الواردة من آخر الجيوب الداعشية والتي تؤكد رغبة عديد المقاتلين الذين سلّموا أنفسهم للسلطات العراقية أو السورية العودة الى بلدانهم ومنها، طبعا، بلادنا... السؤال صعب لأن هؤلاء «الدواعش» الأخيرين هم الأكثر تشدّدا وتصميما، لكن لا بدّ من طرحه ومن فتح حوار جدّي حول مسألة إعادة إدماج هؤلاء العائدين من بؤر التوتّر وحول الحلول التي يجب توفيرها للقضاء على نزعة التطرّف في أوساط شبابنا... إنه التحدّي الذي يجب مواجهته وكسبه. ماذا نقول: انتهى كابوس «داعش» ليبدأ كابوس الدواعش؟