تحرر الأعلام السمعي البصري بعد ما عرف في تونس بالثورة من سلطة الحكومة ومقص الرقابة. فشهد المشهد الاعلامي طفرة في عدد الفضائيات والإذاعات لتكون لتونس أعلى نسبة في عدد الإذاعات والفضائيات قياسا بعدد سكانها . واختارت كل الفضائيات وخاصة الأساسية منها كالحوار التونسي ونسمة والتاسعة إضافة الى القناة الوطنية الأولى وتونسنا تقديم برامج متشابهة في شكلها ومضمونها لمتابعة مستجدات المشهد السياسي والاجتماعي وتطوراتها من خلال الاعتماد على محللين قارين أو بالتناوب وباستضافة شخصيات سياسية ونقابية من الذين شكلوا الحدث خلال اليوم أو خلال الأسبوع . لكن الملاحظة التي لم أجد لها تفسيرا هي الصراخ المبالغ فيه. فالنقاش يحتاج الى الهدوء والى الاستماع والى الاقناع. ففي حصة مساء الأربعاء مثلا من برنامج « كل شيء جديد « (بالمناسبة لا أفهم سر اختيار العنوان الفرنسي ) كان مقداد السهيلي على مدى البرنامج يصرخ في الوقت الذي كان يمكن أن يتحدث فيه بهدوء. وهذه الملاحظة ليست خاصة به. إذ تنسحب على آخرين منهم محمد بوغلاب ومية القصوري وشكيب درويش ولطفي العماري وغيرهم. إن الصراخ لا مبرر له. وهو مزعج للضيوف وللمشاهدين. ويخلق حالة من التوتر تمنع المشاهد من مواصلة متابعته للبرنامج رغم أهمية ما يقال أحيانا . فرجاء كفوا عن الصراخ وابتعدوا عن الشعبوية. فتونس تحتاج الى اعلام إيجابي يطرح الأسئلة. ويبحث عن الحقيقة والاقناع. وهذا لا يحتاج الى كل هذا الصراخ الذي لا أرى له شخصيا أي مبرر مقنع !