تعرف الكاف بعراقتها الثقافية و الحضارية و تميز مبدعيها ، إلا أن تراجع مكانة مركز الفنون الدرامية و الركحية و تدهور المنشآت الثقافية أثر سلبا على وضعية المبدع . الكاف الشروق: وقد تأسس مركز الفنون الركحية و الدرامية بالكاف منذ سنة 1993 ليكون شاهدا على نشاط الفرقة المسرحية القارة ، و التي شارك فيها مجموعة من المسرحيين و المبدعين لا زالوا يشغلون المتقبل بأعمالهم الفنية إلى اليوم على غرار عبد اللطيف بوعلاق و رياض النهدي و الأمين النهدي و عمار بوثلجة و الهادي الزغلامي و عادل الخماسي و لطيفة القارشي و فوزية بومعيزة و مليكة الهاشمي و ناجية الورغي و عبد الحفيظ القلمامي و سعاد محاسن و محمد العربي القلمامي و عزيزة بولبيار و أحمد السنوسي و عيسى الحراث ... إلا أن الحالة التي وصل إليها هذا المركز العريق كانت محل استنكار من قبل المبدعين و أحباء دور الثقافة ، حيث أعلمت مصالح الحماية المدنية إدارة المركز بضرورة الإخلاء الفوري للإدارة و المغازة و قاعتي العروض و الرواق الأمامي للبناية بسبب الإخلالات الفنية التي لحقت البناية بما حولتها إلى مؤسسة آيلة للسقوط . فالهياكل المعدنية التي استعملت في سقف قاعتي العروض مهترئة أما المكتبة فقد تصدعت جدرانها بالكامل بما يتطلب الإخلاء الفوري للمركز محافظة على الأرواح البشرية . و الدليل على تدهور واقع المبدع بالكاف هو إقدام الكاتب لطفي العربي البرهومي (مواليد 1969) على إضراب جوع وحشي بمنزله بقرية الخضراء من معتمدية السرس بعد أن سئم و مل الانتظار بتسوية وضعيته و توفير شغل يضمن كرامته . فالبرهومي أصدر ما يناهز 8 كتب و هو لم يتمكن اليوم من نشر مجموعة شعرية و رواية جراء تدهور وضعيته الاجتماعية و المادية . غياب حاضنة للممثلين منجي الورفلي (مسرحي) أحد رواد الفرقة المسرحية ، له تجربة مسرحية تفوق 50 سنة ، بيد أنه يفكر في مغادرة الكاف فهو و كما وصف « يتسكع في الشوارع و المقاهي « ينتظر أحد المخرجين كي يتكرم عليه بدور في احد الأعمال المسرحية مشبها هذه الوضعية الكارثية التي يمر بها المبدع المسرحي بالكاف بأسطورة « سيزيف» و ذلك نظرا لتدهور البنية التحتية لدور الثقافة و عدم توفر التجهيزات التي تساعد على إخراج الأعمال المسرحية وفق تقنيات عالية في التصوير . و قد طالب بقانون أساسي ينظم العلاقة بين المبدع و المؤسسة الثقافية و تعيين ممثلين قارين بما يهدف إلى حمايتهم من التشرد و يحفظ كرامتهم و يدفعهم إلى الرقي بالعملية الفنية الإبداعية ، مؤكدا على ضرورة خلق جيل مبدع بالتواصل بين المؤسستين الثقافية و التربوية وفق قوانين تحول دون انتهاك الحقوق و الحريات الإبداعية . أنشطة محتشمة حنان العلوي ( شاعرة ) فسرت الكساد الثقافي بالجهة بالعروض المحتشمة و قلة الأنشطة التي تهدف للتعريف بمبدعي الكاف و ذلك لعدم الاهتمام بالثقافة على جميع الأصعدة بما في ذلك قلة الدعم حسب ما تعكسه ميزانية وزارة الثقافة التي لا تتجاوز 0.7 % من ميزانية الدولة ، و المطلوب هو إيلاء جهة الكاف و مبدعيها المكانة المرموقة بما يرتقي إلى تاريخها و عراقتها الإبداعية و الحضارية في مختلف الفنون و توفير الدعم المادي و اللوجستي و دعم التظاهرات و المهرجانات الثقافية الكبرى على غرار مهرجان « بومخلوف « و « 24 ساعة مسرح « و « 24 ساعة موسيقى « و إحياء ساحات الفنون بالشعر و الرسم و المسرح ... محملة المسؤولية إلى مثقفي الجهة و مكونات المجتمع المدني و دورهم الأساسي في إيجاد هيكل يعد المشاريع الثقافية و يقترحها على الجهات المعنية و التسويق لها وطنيا و عالميا من أجل دعم الإبداع و المبدعين و المحافظة على الموروث الثقافي . من جهته بين المولدي الخليفي ( مخرج) أن قاعة السينما بالجريصة تعاني كثيرا من الإهمال لعدم إحيائها من قبل الجهات المعنية باستثناء استغلالها لغايات انتخابية بما ساهم في شلل الأنشطة الثقافية بالجهة . و قد طالب المجالس البلدية المنتخبة بإدراج الثقافة ضمن أولوياتها التنموية إيقاع موسيقي خافت عادل حمدي ( جامعي) بين أنه يوجد في الكاف معهد عال للموسيقى ولكّنّه بدون روافد، فالمفروض أنّ الالتحاق به يكون تتويجا لمسار موسيقي تؤمّنه «الكونسرفاتوار»و «النّوادي الموسيقيّة» لضمان التكوين في الموشّحات والمالوف ومختلف القوالب الموسيقية بما يمكّن الموسيقي الهاوي من تملّك مختلف المقامات والإيقاعات والمكوّنات الموسيقيّة المستوجبة لدراسة موسيقيّة عليا. والإشكال أنّ هاتين المؤسّستين غابتا لفترة طويلة عن المشهد الموسيقي . و يمكن للبلديّات أن تلعب دورا معاضدا في ما يتعلّق ببعث المعاهد الموسيقيّة المختصّة، وهذا معمول به في فرنسا مثلا . من ناحية أخرى لاحظ حمدي طغيان الآلات الموسيقيّة الكهربائيّة لدى النّاشئة، مع غياب لبقيّة الآلات الموسيقية على غرار العود والنّاي وآلة القانون. فالآلات الوتريّة والنفخيّة العربيّة هي مكوّن أساسيّ لهويّتنا الثّقافيّة، كما أنّ الأداء العربي لا يستقيم إلاّ بهذه الآلات، والمطلوب هو ترغيب النّاشئة فيها و تشجيعهم على ممارستها والإقبال عليها . وللمقارنة أشار إلى أنّ أكبر منتجي الآلات الموسيقيّة الكهربائيّة هي الدّول الآسيوية على غرار الصّين والهند وكوريا....ومع هذا فهي من أكثر الدّول تشبّثا بآلاتها الموسيقيّة التّقليديّة ، فهي تصنع الآلات الموسيقيّة الكهربائيّة لتبيع أغلبها إلى الدّول العربيّة . و المطلوب هو بعث «كونسرفتوار»، و التّشجيع المادّي لجلب الأساتذة لضمان تكوين أنجع للمتعلّمين. كما أقترح معاضدة البلديّات بما هي محور الحياة الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية هذا الجهد. نعمان الحباسي ( المندوب الجهوي للثقافة بالكاف ) أكد على أن وزارة الثقافة برمجت بناء مركز جهوي للفنون الركحية و الدرامية بالكاف بقيمة مالية تبلغ 1.6 مليون دينار بعد هدم المركز الحالي بالكامل .