قال عنه فلوبير إنه الشاعر الفرنسي الوحيد الذي استطاع أن يفهم تراكيب اللغة الفرنسية ويتمكن من استخدامها قبل عصر فيكتور هيغو . و تتميز لغته بسهولة كبيرة جعلت منه احد اشهر الكتاب في العالم في أدب الطفل . انه جان دو لافونتين . ويعتبر لافونتين أشهر كاتب قصص خرافية (القصص التي تدور أحداثها على ألسنة الحيوانات والطيور) في تاريخ الأدب الفرنسي . ولد الكاتب الفرنسي جان دي لافونتين عام 1621 في إحدى مقاطعات الريف الفرنسي الجميل حيث قضى طفولته وشبابه فاكتسب بالتبعية حسا شاعريا رقيقا و لذلك فشل في أن يصبح رجل دين و لكنه نجح في أن يكون محاسبا بالبرلمان الفرنسي ، و مع ذلك فإن أية وظيفة في العالم لن ترضى رجلا مثل لافونتين و لن تشبع رغباته . كان لافونتين موهوبا يحب الحياة و يرى الجمال في كل شيء ، حتى القبح كان يراه لتبصر الجمال فقط .و في الفترة ما بين عام 1668 إلى عام 1694 ، صاغ لافونتين خرافاته في 12 كتابا و تضم حوالي 230 خرافة ، عبارة عن حكايات قصيرة منظومة شعرا جميلا على ألسنة الحيوانات ،و بالطبع لا تخلو من حكمة و موعظة و طرافة أيضا . لم يكن لافونتين ، مبتكرا في هذا النهج من الروايات ، فقد كان متأثرا إلى حد كبير بيعسوب الذي عاش عبدا في القرن السادس ق.م في اليونان وصاغ الحكايات والروايات على ألسنة الحيوانات خوفا من بطش السلطان ورجال السياسة ، كما كان متأثرا بالفيلسوف فيدروس الذي عاصر يعسوب ، وكان أسلوبه شبيها بأسلوبه . إكتسبت خرافات لافونتين ،شعبية كبيرة بين الأطفال ولكن الكبار أيضا كانوا يرونها نبعا للحكمة والفلسفة خاصة وأن لافونتين قد صاغها في أسلوب أدبي رفيع يعجز الكثيرون من أدباء العالم عن الوصول إليه . و رجل مثل لافونتين لا يقنع بالحياة الرتيبة ، لذلك كان زواجه فاشلا ، فترك زوجته وابنه و لم يعبأ لفقدان كليهما فلديه دائما ما يشغله ويحتل معظم تفكيره ، الطبيعة والجمال الكائن فيها ، بالحياة بكل أشكالها في الإنسان والحيوان والطيور . مات لافونتين شيخا في عام 1695 وحتى آخر أنفاسه في الحياة ... كان رقيقا حصيفا ، ساخرا . « استعملت الحيوان لإرشاد الإنسان « ، عبارة قالها لافونتين ، وصدق فيها وربما كانت سر خلوده .ولقد اهتم الأدباء والكتاب العرب كثيراً بماكتبه ومحاكاة خرافاته الوعظية، وسبب ذلك الاهتمام عائد إلى ما تضمنته الخرافات من مواعظ إرشادية تفيد أول ما تفيد النشء الجديد . ومن أشهر الأساطير : من اشهر مؤلفات لافونتين "حكاية الثعلب والعنب، وحكاية السلحفاة والأرنب البريّ، وحكاية الغراب والثعلب"، وهذه الحكايات تحمل أهدافًا أخلاقية يضعها القاصّ بين سطور حكاياته ليستطيع أن يوصل للسامع حكمة أخلاقية قيّمة .