على مدى العقود الأربعة الماضية، أحرز القادة الأمريكيون والسوفييت/ الروس تقدّماً في الاتفاقيات الثنائية وغيرها من التدابير للحدّ من الرؤوس الحربية النووية الكبيرة والترسانات الاستراتيجية للقذائف والقنابل وخفضها إلى أدنى حد. ولكن اليوم تلوح بوادر صراع مصيري بين الدولتين العظميين بدءاً من شهر فيفري 2019. ففي ظل تراجع كلتا الدولتين عن معاهدة التسلح ، فإن العالم سيواجه نوعاً جديداً من التطورات الاستراتيجية والعسكرية المتسارعة في الفترة المقبلة ما من شأنه أن يغلب عليه عملية التدخل غير المباشر في شؤون كل من الدولتين العظميين عن طريق الإسناد غير المباشر لدول الجوار الأميركي والروسي. وما نشهده من تدخل غربي في دول أمريكا الجنوبية الحليفة لروسيا ليس سوى غيض من فيض لأن المد الروسي وصل إلى تلك الدول مصاحباً لمد صيني للتأثير على السياسة الأميركية واستراتيجيتها العالمية. وتلجأ الولاياتالمتحدة إلى التدخل في دول الجوار الروسي للتأثير في السياسة الروسية. ففي عام 2015 ،كانت رغبة ترمب الابتعاد قدر المستطاع عن الصدام المباشر مع روسيا. غير أن هذه المعادلة قد تبدلت عقب المشكلات الداخلية الأميركية إذ من المتوقع أن تشهد العلاقات الأميركية - الروسية المزيد من نقاط التوتر والاصطدام، ما يدفع حلف الناتو للتعامل مع تلك التهديدات بالتهديد والوعيد من مخاطر برامج روسيا العسكرية. فكلتا الدولتين ترمي بالكرة في ملعب الأخرى فيما يتعلق بمعاهدة التخلص من الصواريخ النووية القصيرة والمتوسطة المدى. وفي 8 أفريل 2010 ،وقَعت الولاياتالمتحدةوروسيا معاهدة ستارت الجديدة، وهي اتفاقية ملزمة قانوناً بتخفيض عدد الصواريخ النووية إلى 1550 لكل جانب محمولة على مركبات قاذفة لا تزيد عن 700 من نوع القاذفات الثقيلة والاستراتيجية والإبقاء على الأعداد السابقة من المركبات الناقلة للصواريخ القاذفة غير الاستراتيجية. باختصار فإن تلك الاتفاقيات بين الدولتين قضت بإلزام روسياوالولاياتالمتحدة بالتخلص من آلاف الصواريخ النووية ذات المَدييْن القصير والمتوسط وعدم تطوير صواريخ جديدة. ولكن هل يتحقق ذلك الحُلم بالسلم النووي بين الدولتين دونما حرب باردة من نوع جديد تطال ساحة الدول المحيطة بكلتا الدولتين العظميين!