تونس-الشروق: القسم السياسي يحيي الشعبان التونسي والجزائري خلال شهر فيفري من كل عام محطات تاريخية مهمة تبرز عمق العلاقة بين البلدين لعل أبرزها أحداث ساقية سيدي يوسف 8 فيفري 1958 وتأسيس اتحاد المغرب العربي في 17 فيفري 1989 لكن أول معتمد بعين دراهم في عهد الاستقلال العروسي بن ابراهيم، وهو رجل باشر الظروف التي مرت بها الثورة الجزائرية أواسط القرن الماضي في الحدود التونسية، له رأي وإضافة في هذا الشهر بالذات تتعلق بإحياء واقعة 23 فيفري 1956 وضرورة تحويل مقبرة شهدائها المهملة الضائعة على حافتي الحدود التونسية الجزائرية وهي على ملك عائلة الشهيد أحمد الفرجاني الى روضة لشهداء ثورة التحرير الجزائرية. شهادة العروسي بن إبراهيم الموثقة التي تتزامن كذلك مع إحياء الذكرى 61 لأحداث ساقية سيدي يوسف تؤكد أن اختلاط الدم التونسي بالدم الجزائري في هذه الواقعة لم يكن مصادفة ولم يكن للأسف حدثا معزولا بل سبقته ولحقته وقائع أخرى تحتاج الى التخليد والعرفان والوفاء للبررة من الشهداء في البلدين. في هذا الاطار تحديدا يكتب معتمد عين دراهم السابق اننا نحيي هذا العام أيضا الذكرى 63 لموقعة إبادة مجموعة من حماة الثورة الجزائرية يوم 23 فيفري 1956 على أرضنا أي سنتين قبل جريمة ساقية سيدي يوسف. ويضيف تفاصيل مهمة حول هذه الجريمة أيضا التي جدت خلال السنة الثالثة لإعلان الثورة الجزائرية، يومها شن الثوار الجزائريون انطلاقا من المناطق الحدودية بعين دراهم هجوما على ثكنة الجيش الفرنسي «برمل السوق» التي لا تبعد عن التراب التونسي كثيرا فكان هجومهم بمثابة الصاعقة على وحدات الجيش الفرنسي. دام الاشتباك نحو الساعة ولما انتهى الهجوم على ثكنة العدو اتجه الثوار الجزائريون مسرعين الى داخل التراب التونسيبعين دراهم (مشيخة أولاد مسلم) فقام الجيش الفرنسي بمطاردتهم داخل التراب التونسي. وعندما وصل الثوار الجزائريون الى منطقة تعرف ب «دوار عرقوب الذبان» بمشيخة أولاد مسلم استقبلهم المواطنون التونسيون بمظاهر الفرحة والانتصار والزغاريد وبدؤوا في إعداد العدة للعناية بهم والقيام بعلاج جرحاهم وحسن قبولهم غير مبالين بالنتائج التي يمكن أن تنجر عن ذلك. ويضيف الشاهد على العصر، أن فرقا من جيش العدو التحقت بهؤلاء الثوار الى داخل التراب التونسي فأمن التونسيون أشقاءهم داخل الغابة مما أغضب الجنود الفرنسيين الذين سارعوا بتطويق المنطقة وإشهار السلاح في وجوه الأهالي وإطلاق النار بكثافة لزرع الرعب والاعتداء على النساء والأطفال وتهديم المساكن وحرقها. وفي خطوة تصعيدية لاحقة أجبروا جميع السكان على التجمع في مكان واحد وقوفا وكان لهم ذلك تحت بكاء النساء واستغاثة الأطفال، وأشهر الجنود سلاحهم في وجه الأهالي الذين يزيد عددهم على المائتي شخص ونادوا على 11 مواطنا من بينهم باعتبارهم حسب المعلومات لدى الجيش الفرنسي مجندين لخدمة الثورة الجزائرية فأوقفوهم صفا واحدا واصطفت أمامهم وحدة من الجنود وبمجرد ان اصدر أحد الضباط أوامره حتى انهمر الرصاص على الواحد تلو الآخر والبداية كانت بكبيرهم وعميدهم الشهيد أحمد الفرجاني باعتباره كبير القوم والمحرك الواضح لخدمة الثورة الجزائرية. الى هنا تنتهي شهادة العروسي بن ابراهيم حول الجريمة الفرنسية لكن رجل دولة الاستقلال لا يقف عند هذا الحد بل يستند الى التاريخ بدوره والى شهادات المؤرخين والى مواقف الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ليذكّر بأن الشدائد هي الامتحان الذي نجحت فيه الأخوة بين تونس والجزائر وعليه فإن العودة الى الماضي وتخليد المحطات المضيئة بين الشعبين وتكريم أولئك الذين قدموا أرواحهم ودماءهم قربانا للثورة وللاستقلال الوطني في تونس والجزائر يقتضي حركة نبيلة وعادلة والتفاتة تأخرت أكثر من اللزوم الى واقعة 23 فيفري 1956 والى أبطالها وخصوصا شهداءها وتحويل مقبرتهم المهملة الضائعة على حافتي الحدود التونسية الجزائرية وهي على ملك عائلة الشهيد أحمد الفرجاني الى روضة لشهداء ثورة التحرير الجزائرية 1954. ان سكان المنطقة يعوّلون على إحياء ذكرى 23 فيفري 1956 هذا العام بما يليق بها.