رَغم وُجود العَديد من المُسابقات الكُروية الضّخمة على صَعيد المُنتخبات الوطنية فإن الألعاب الأولمبية تَبقى أرقى التظاهرات الكَونية ولاشك في أن الأولمبياد يَحتلّ مكانة خاصّة في قلوب الجَماهير التونسية التي كانت قد عاشت على وقع فرحة كبيرة ولا تُنسى عندما ترشّح جيل طارق والهرقال وليمام والرويسي إلى دورة "سيول" عَام 1988 بقيادة مدربنا الوطني القَدير توفيق بن عثمان. ومن المَعروف أن عَلاقة منتخبنا بالأولمبياد قَديمة وتعود إلى سنة 1960 وهو تاريخ أوّل ظهور ال "النُسور" في هذه التظاهرة التي لها سِحر خَاص. وكان فريقنا الوطني قد راهن آنذاك على خَدمات عدة أسماء ثَقيلة في ساحتنا كما هو شأن الشتالي وكريت وبن عزالدين... وغيرهم. وبما أن عَلاقتنا عَريقة بالأولمبياد فإن الجمهور التونسي لن يَتحمّل غياب منتخب بلاده من جديد عن هذا التَجمّع الضّخم والذي مَرّت منه الكثير من "النجوم" العالمية والإفريقية والعربية مِثل "ميسي" و"تيفاز" و"دُونغا" و"أموكاشي" و"النَيبت"... مسؤولية كَبيرة مع إقتراب أولمبياد "طُوكيو" 2020، يَتجدّد حلم الجُمهور التونسي بترشّح المنتخب الأولمبي لهذه التظاهرة الكَونية. وستكون المسؤولية المُلقاة على الجيل الحَالي جسيمة خاصّة أن فريقنا لم يعرف طَريق الألعاب الأولمبية منذ سنة 2004 في الملاعب اليُونانية. وسيكون من المُضحك أن يَحمل منتخبنا صفة "الأولمبي" دون أن يُشارك في الأولمبياد الذي فَشلنا في بلوغه خلال الأعوام الأخيرة بفعل الإرتجال وهو نفس المُعضلة التي قد "تَغتال" حلم الجيل الراهن ما لم تُراجع جامعة الكرة حِساباتها وتُعيد الفريق إلى السكة الصّحيحة. الامكانات عريضة والحصيلة هَزيلة بَعد الخيبات التي عاشها الأولمبيون على يد عمّار السويح ونزار خنفير وماهر الكنزاري سَلّمت الجامعة الأمانة لشكري الخطوي في أوت 2017. ورغم أنّ الجميع كانوا على يقين بأن هذه التَسمية كانت تندرج في خَانة "المَحسوبيات" وغير خاضعة لمنطق الكَفاءات فإن الأمل كان معقودا على الخطوي لتكذيب التكهنات وتجهيز فريق واعد خاصّة أن الجامعة وفّرت له كل مُمهدات النجاح حتى أن المباريات الودية والتربصات الخارجية التي قام بها "النسور الصّغار" فاقت كل التوقّعات (إيطاليا – عُمان – الأردن – السعودية - الجزائر...). والأهمّ من ذلك أن المجموعة المُتوفّرة بحوزة الإطار الفني تَتمتّع بمؤهلات جيّدة وقادرة للأمانة على تحقيق "الحُلم الأولمبي" شرط أن يكون ربّان السفينة على قدر المسؤولية وهو ما لم يتوفّر في الخطوي الذي اشتغل من أوت 2017 إلى فيفري 2019 ليُنتج منتخبا "عَاديا" إن لم نقل إنه ضعيف ومشكوك في قدرته على إجتياز التصفيات الإفريقية المُؤهلة ل"كَان" 2019 في مصر والمُؤهلة بدورها إلى أولمبياد 2020. ويتركّب الجيل الحالي من عدة أسماء لامعة وواعدة نستحضر منها على سبيل الذّكر لا الحَصر أيمن دحمان ونسيم هنيد والحبيب الوسلاتي وأمين المسكيني ورائد الفادع وغيث اليفرني وصدقي الدبشي وعزيز الشتيوي وأحمد الرداوي ومالك بعيو وجاسر الخميري ومعتز الزمزمي... قرار عَجيب غَريب بمرور الأيام وتَعاقب المُباريات الودية في الداخل والخارج اكتشفت جَامعة الجريء أن منتخبنا الأولمبي يسير نحو المجهول وكان لِزاما إبعاد الخطوي حتى لا نخسر من جديد حلم الأولمبياد بفعل الضّعف الفادح للمدرب (ولن نتحدّث طبعا عن المساعد أنيس البوسعيدي الذي قَفز من التحليل إلى المنتخب في نطاق سياسة المُحاباة التي تسلكها الجامعة في تَعيين مدربي المنتخبات). ومن الجيّد طبعا أن تُبادر الجامعة بتصحيح المَسار لكن هذا التَغيير جاء في توقيت غَريب. ذلك أن التحضيرات التي قام بها الخطوي استغرت حوالي سبعة عشر شهرا لتحصل القطيعة ويأتي فريد بن بلقاسم لقيادة المنتخب قبل أيام معدودة من الرسميات (المُواجهة المُكرّرة أمام جنوب السودان في 20 و24 مارس الجَاري). وقد كان المنطق يفرض عَزل الخطوي منذ فترة طَالما أن الجامعة تفطّنت إلى هَفوتها وأيقنت أنها تعاقدت مع الرّجل الخَطأ. وكان من الضروري تمكين الخَليفة الجديد من حيّز زمني معقول لإعادة ترتيب البيت لا الإتّفاق معه ليلة الإمتحان السُوداني. وبالتوازي مع غَرابة التوقيت الذي اختارته الجامعة لإجراء هذا التَغيير، لم يُفسّر المشرفون على الأولمبيين الأسباب الوَجيهة للتعاقد مع بن بلقاسم بالذات. ومن المعلوم أن الرجل خبير بأجواء بطولتنا (درب حمام الأنف وقفصة والملعب التونسي ومستقبل قابس...). وكان قد اشتغل أيضا في خطة مساعد في الفريق الوطني الأول لكن هذه التجارب لا تَعني مطلقا أنه قد يكون الشخص المُناسب لقيادة الأولمبيين. والأمل كلّه أن لا تكون هذه "الصّفقة" تَكملة لمسلسل الولاءات التي تعتمدها الجامعة في تعيين مدربي المنتخبات وسط صمت الإدارة الفنية صاحبة "الاسم العَالي" والدور "الصُوري" في المشهد الكُروي. والرجاء كل الرجاء أن لن يحقّق بن بلقاسم حلم الأولمبياد وأن لا يقود هذا الجيل إلى الضّياع مِثلما حدث مع سَابقيه. مُشاركات المنتخب في الأولمبياد 1960 (إيطاليا) 1988 (كوريا الجنوبية) 1996 (الولايات المُتّحدة الأمريكية) 2004 (اليونان) البرنامج القادم للمنتخب الدور الثاني من تصفيات "كان" مصر 20 مارس 2019: جنوب السودان – تونس (في جُوبا) 24 مارس 2019: تونس – جنوب السودان (في بن قردان) تركيبة الإطار الفني للأولمبيين فريد بن بلقاسم (مدرب) أنيس البوسعيدي (مساعد) مجدي السافي (معد بدني) محمّد التونسي (معد بدني) حسان البجاوي (مدرب حراس المرمى)