في الوقت الذي يطمح فيه العالم الى تحقيق المساواة بين الجنسين، وهو الشعار الذي تم اختياره للاحتفال باليوم العالمي للمرأة هذا العام، تمرّ تونس الى الخطوة التالية. حيث تعترف بكاريزما "القيادة النسوية". وهو الشعار الذي اختارته تونس للاحتفال ب 8 مارس. تونس الشروق: بدأ الاعتراف الرسمي في تونس ب"القيادة النسوية" وضرورة الاستثمار في الكفاءة النسوية. وقد برز ذلك في الشعار الذي اختارته تونس للاحتفال بذكرى 8 مارس او اليوم العالمي للمرأة. إذ اختارت تونس "القيادة النسائية والاستثمار في الذكاء تحقيقا لتكافؤ الفرص" شعارا لبرنامجها الاحتفالي بذكرى هذا اليوم في الوقت الذي سيحتفل فيه العالم ب8 مارس تحت شعار "نطمح الى المساواة ...نبني بذكاء ...نبدع من اجل التغيير". الأرقام المشرقة صحيح ان هناك أمورا كثيرة ما تزال عالقة فيما يتعلق بمسألة المساواة بين الجنسين في تونس ولعلّ أبرزها مسألة المساواة في الإرث والذي يعترض الصراع السياسي سبيل تسويتها إلا ان الواقع التونسي الجديد فيه دور جديد للمرأة وصورة جديدة للمرأة تبرز فيها بوجه الشريك الفاعل المتحرر. انتصر القانون للمرأة واسهم في تغيير عقليات ورواسب اجتماعية ولعلّ قناعة التونسيين جميعا اليوم بانّ تعدّد الزوجات امر مرفوض بل هو امر شبه جنوني أفضل دليل على تغيّر العقليات بقوة القانون اولا ثمّ بالقناعة به لاحقا لوجاهته. صارت المرأة اليوم شريكا اقتصاديا واجتماعيا متميزا في كافة المجالات بل إنّها تفوقت في مجالات كثيرة كالهندسة والطب والتعليم والاعلام وغيرها من المجالات. وفي حوزتنا ارقام ومؤشرات حول التونسيات هي محل فخر في محيطنا الإقليمي والدولي فهي تمثّل 84 بالمئة من القوى العاملة في المجال الإعلامي وهي تمثل 44 بالمئة من القوى العاملة في القطاع الصناعي وهنّ أيضا يمثلن 51 بالمئة من المدرسين في التعليم الأساسي وهنّ موجودات بنسبة 31 بالمئة في مهنة المحاماة ويتقلّدن 54 بالمئة من الحقائب الوظيفية في القطاع العمومي وتقريبا هنّ يسيطرن على القطاع الصيدلي بنسبة 74 ٪. وفي تونس أيضا هناك 845 قاضية من مجموع 2171 قاضيا وهنّ أيضا ثلث ممثلي الشعب في البرلمان (33,64 بالمئة). وامام هذا التميّز يصعب العثور على إجابة حول الأسباب الحقيقية التي تجعل البعض يرفض المساواة. واقع اقتصادي هش هناك ارقام أخرى أصبحت تخص النساء في تونس. وهي أيضا تثير الاستغراب حول الأسباب التي تجعل البعض يرفض المساواة خاصة في الارث. فالمؤشرات تقول إنّ نسبة البطالة ترتفع في صفوف الاناث لتصل مع نهاية العام 2018 الى 22.8 بالمئة وهي التي كانت في حدود 15.3 بالمئة سنة 2007. هذه النسبة المرتفعة من البطالة وخاصة بطالة خريجات الجامعات جعلت النساء عرضة للتشغيل الهش. فهنّ أبرز القوى العاملة في القطاع الفلاحي مقابل أجور تقل بكثير عن أجور الرجال وفقا لما كانت قد نشرته جمعية النساء الديمقراطيات في دراسة خاصة بالعاملات في القطاع الفلاحي. هذه الدراسة أشارت الى أن النساء يعملن أكثر من 12 ساعة يوميا لتامين احتياجات اسرهنّ وتوفير المسكن اللائق وهو هدف يصعب تحقيقه بنسبة تفوق 75 بالمئة من المستجوبات في الدراسة المذكورة. وتشتغل 61 بالمئة من النساء كعاملات عرضيات موسميات في حين يشتغل حوالي ثلثهن بصفة قارة. وهنّ أيضا في وضعيات هشة في قطاع النسيج وفقا لدراسة كان قد نشرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. إذ تحصل 90 بالمئة من العاملات في مصانع النسيج في جهة المنستير على أجر لا يتناسب مع حجم العمل وتنخرط 42 بالمئة منهن في ساعات عمل إضافي دون مقابل. وربعهنّ لا يتمتعن بالتغطية الاجتماعية. كما تعتمد 68 بالمئة من المؤسسات التي شملتها الدراسة المذكورة على نظام عمل مدته تسع ساعات يوميا تتخللها استراحة غذاء بنصف ساعة. وهو ما ينعكس على الحالة الصحية للعاملات من خلال "تعرضهنّ للإرهاق وللنقص في التركيز" وفقا للدراسة. هذه الأرقام تؤكّد تفوق التونسيات من جهة وفي الآن نفسه تؤكد التضارب في الواقع الاقتصادي والاجتماعي الجديد للمرأة. فهي إن كانت صاحبة كفاءة علمية تحصد المساواة في الاجر وفي الامتيازات الوظيفية وإن كانت من القوى العاملة لا تحصد سوى التمييز. وحتّى في الوجه المشرق من هذا المشهد، التميز النسوي، هناك مؤشرات أخرى خفية تؤكد تواصل التمييز ضد النساء. ففي الخطط الوظيفية لا تتجاوز نسبة ارتقاء النساء 29,7 بالمئة مقابل نسبة ارتقاء في صفوف الرجال في حدود 70 بالمئة. وتؤكد مجمل هذه الأرقام أن المساواة بين الجنسين لم تكن منّة منّ بها الساسة على المرأة. بل هي واقع فرضته النساء تماما كما هي بصدد فرض واقع سياسي جديد تقوم فيه بدور متقدّم. وهو حال النائبة سامية عبو والقيادية الدستورية عبير موسي أيّا كان الاختلاف السياسي في ما بينهما إلاّ انهما يقدّمان امام الرأي العام وجها آخر للأداء السياسي للمرأة. ورغم وقوف البعض كحجر عثر امام المساواة الكاملة بين الجنسين بما في ذلك المساواة في الإرث فإنّ الزمن التونسي الجديد لا ينبئ بعودة ولو قيد انملة الى الوراء في ما يتعلق بمسالة المساواة بل إنّ التاريخ سينساب من بين أصابع هؤلاء مانحا المرأة التونسية ما تستحقه من مساواة وعدالة هي حق قبل ان تكون مِنّة من أحد. دعما للمساواة.. 3 تونسيات ضمن 200 قيادية في الصحة العالمية لا يتوقف نجاح التونسيات عند حصد مرتبات وطنية مشرفة في جميع المجالات. بل إن تميز المرأة التونسية برز أيضا في حصدها مراتب دولية مشرفة. ففي شهر ديسمبر الماضي تم اختيار ثلاث تونسيات ضمن قائمة تضم 200 امرأة فرنكفونية قيادية في مجال الصحة العالمية. هذه القائمة أعدتها المنظمة العالمية للصحة ونشرتها في موقعها الالكتروني. وتضم القائمة سنية عبد الحق وهي باحثة في علم الاحياء بمعهد باستور وامنة الحمامي مديرة مؤسسة افيدانز وفاطمة الشرفي الاخصائية في الامراض النفسية للأطفال بمستشفى منجي سليم. ويتم اختيار القياديات اعتمادا على مجهوداتهن في المشاركة في تعزيز القطاع الصحي العالمي سواء من خلال العمل على تحسين المجال الصحي في بلدانهن او على المستوى العالمي. ويتنزل اختيارهن في اطار عمل المنظمة على تحقيق المساواة في النوع الاجتماعي في المراكز القيادية العالمية في قطاع الصحة. كما يهدف الى تثمين مشاركة النساء في القطاع الصحي العالمي من أجل تفادي هوة النوع الاجتماعي في المجال.