تعد الكاتبة والأستاذة د. ريم العيساوي من الباحثين البارزين المشتغلين بالأدب العربيّ فهي حاصلة على اللّيسانس في الأدب العربيّ سنة 1986 وشهادة الكفاءة في البحث بجامعة تونس سنة 1991، وقد استغلّت سنوات وجودها وتدريسها بدولة الإمارات العربيّة المتّحدة فأغنت المكتبة العربيّة بمجموعة من الكتب والدّراسات الجادّة قدّمت فيها رؤية خاصة لهذا الأدب المنشود، فأصدرت في النّقد الأدبيّ: «نقد الذّات- نقد السيرة في رحلة جبليّة رحلة صعبة» عن أنديّة الفتيات بالشّارقة عام 1999 وكتاب «الرّمز والدّلالة في القصّة والرّواية الإماراتيّة» 2007 وكتاب «الصّورة الفنيّة وتشكيلها في الشّعر» 2008 وكتاب «انعكاسات المرآة في سرد الذّات للدّكتور الشّيخ سلطان بن محمّد القاسمي» 2011 فنالت عديد الجوائز التّقديريّة والتّشجيعيّة كجائزة الدّراسات الأدبيّة لرواية «قنديل أمّ هاشم» ليحي حقّي عن دائرة الثّقافة والإعلام بالشّارقة وجائزة الدّراسات المسرحيّة عن «ظاهرة العنوسة في المسرح الإماراتي» 2009 وجائزة افضل كتاب إماراتي في الدّراسات والبحوث (مسابقة معرض الشّارقة الدّوليّ للكتاب الدّورة الثّلاثون سنة 2011 عن كتاب «انعكاسات المرآة في السّرد الذّات للدّكتور الشّيخ سلطان بن محمّد القاسمي» على أنّ كتابة القصّة أوّل الاهتمامات في مسيرتها الفكريّة فأصدرت مجموعتها القصصيّة «لماذا تموت العصافير» عن منشورات قصص – بنادي القصّة - بالنّادي الثّقافيّ أبو القاسم الشّابّي بالورديّة – تونس سنة 1988 ونالت جائزة اتّحاد الكتّاب التّونسيّين في القصّة القصيرة كما أصدرت أوّل دواوينها الشّعريّة بعنوان «الشّاعر وملصقات المدينة» ن وزارة الثّقافة والشّباب وتنمية المجتمع بالإمارات سنة 2008 ومؤخّرا وخلال الثّلاثيّة الرّابعة لسنة 2018 وعن دار الثّقافة للنّشر بالمنستير أصدرت ثاني دواوينها بعنوان «الكلّ هباء لولاك يا وطني!» تزيّن لوحة الغلاف رسم للفنّانة التّشكيليّة كوثر تيتش «أنفاس حبر وأصباغ» والكتاب متوسّط الحجم (122 صفحة) في طبعة أنيقة يضمّ حوالي عشرين قصيدة بداية من نصّ «ازرعني في حقول الرّيح» نهاية بنصّ «عاشقة الشّمس» والشّاعرة تذوب عشقا للوطن، لذلك تفوح رائحته من أغلب قصائدها: أحبّك يا وطني حدّ البكاء وحدّ الجنون لأنّي بحبّك أمحو سعير الفصول الّتي شرّدتني وأسكب ماء قصيدي على نارها كلّما احرقتني...(1) رغم مكابدات الوطن المتولّدة من سهام الخيانة وجمرات الحقد ومن...سيبقى الوطن نهرا متدفّقا فضفاضا يشحن روح الصّمود فينا ويحثّ بلابل الأمل على التّغريد دوما: أحبّك رغم ضني تلك الفصول وكيد حرّاسها أحبّك رغم تمرّد الذّكريات وقسوة أصحابها أحبّك رغم فحيح الزّمان وأرسم وجهك أسطورة في سماء الفضيلة ورغم كلّ المعاصي الّتي قد نراها وتلك الّتي لا نراها فكلّ الفصول هباء ولولاك يا وطني ما كنت أبعث في بركة نور الإله...(2) فالصّورة الشّعريّة هنا تحيلنا على طائر ميرنيفا أو طائر الرّماد الّذي يبعث حيّا من الحريق فكأنّ عشق الوطن يدفعها للتّجدّد في خلاياه وترابه، لقد ظلّ رمز طائر الرّماد أو البعث في نسيج الرّؤية الإبداعيّة الخلاّقة في مجال الشّعر والفنون الجميلة الأخرى..وظلّت إيحاءاته الفيّاضة بالدّلالات الجماليّة بعيدا عن الرّؤية التّقليديّة أو حبيسا لتلك الرّؤية واكتشف المبدعون سحره الإيحائيّ وروعته الجماليّة وأعادوا توظيفه من جديد في بناء فنيّ معاصر يحاول إعادة تشكيل هذا العالم من جديد، فالشّاعرة تجسّد لحظة رمزيّة غنيّة بالإيحاءات والدّلالات: فكلّ الفصول هباء ولولاك يا وطني ما كنت أبعث في بركة نور الإله...(3) الهوامش 1 - مجموعة الكل... هباء... لولاك يا وطني صادرة عن الثقافية للنشر بالمنستير 2018 2 - نفس المصدر 3 - نفس المصدر